تواصلت الانتقادات العربية لتصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التى دعا فيها إلى تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة إلى مصر والأردن وأكد خبراء وسياسيون أن ترامب يغازل المستوطنين الصهاينة وأنه لن يناصر الحقوق الفلسطينية وانما هو منحاز انحياز أعمى للصهاينة موضحين أن هذه التصريحات تتماشى مع رؤية اليمين الصهيوني الساعية لإعادة احتلال قطاع غزة وإقامة مستوطنات جديدة.
وقال الخبراء أن تصريحات الرئيس ترامب تشكل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي وتحريضًا على ارتكاب جرائم حرب لافتين إلى أن إسرائيل ومن خلفها أمريكا تسعى بكل جهد لتهجير الفلسطينيين من غزة وتصفية القضية الفلسطينية لصالح الاحتلال الاسرائيلى وعلى حساب مصر والأردن.
وأوضحوا أن هذا المخطط الخبيث بدأ يظهر بشكل علني منذ العدوان الصهيونى الأخير على قطاع غزة، مؤكدين أن اليمين الصهيونى المتطرف استغل أحداث 7 أكتوبر وعملية “طوفان الأقصى” كذريعة لتنفيذ هذا المخطط.
استراتيجية الجحيم
وطالب الباحث في العلاقات الدولية أحمد سيد، الدول العربية والاسلامية بدعم القضية الفلسطينية والرفض القاطع لأى محاولات تستهدف هجير الفلسطينيين أو تصفية قضيتهم.
وأضاف “سيد” في تصريحات صحفية أن سلطات الاحتلال الصهيونى تعتمد على “استراتيجية الجحيم” لتهجير الفلسطينيين قسرًا وتصفية قضيتهم، وتحويل القضية الفلسطينية إلى مسألة إنسانية فقط.
وأوضح أن هذا المخطط الخبيث بدأ يظهر بشكل علني منذ العدوان الصهيونى الأخير على قطاع غزة، حيث استغل اليمين الصهيونى المتطرف أحداث 7 أكتوبر وعملية “طوفان الأقصى” كذريعة لتنفيذه.
وحذر “سيد” من أن الاحتلال الصهيونى يعمل على جعل غزة مكانًا غير قابل للعيش عبر الدمار الشامل وحرمان الفلسطينيين من الغذاء والدواء والكهرباء، بهدف كسر إرادتهم ودفعهم نحو التهجير القسري.
جريمة حرب
من جهته، قال الدكتور محمد مهران، الباحث المتخصص في القانون الدولي أن تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول تهجير الفلسطينيين تشكل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي وتحريضا على ارتكاب جرائم حرب.
وشدد مهران فى تصريحات صحفية علي أن اتفاقية جنيف الرابعة تحظر في مادتها 49 بشكل قاطع النقل القسري الجماعي أو الفردي للأشخاص المحميين من الأراضي المحتلة، كما يصنف نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية في مادته 8 التهجير القسري كجريمة حرب تستوجب المحاكمة.
وأشار إلي أن المادة 85 من البروتوكول الإضافي الأول تصنف نقل السكان المدنيين قسراً كانتهاك جسيم يستوجب المحاكمة، مؤكداً أن المحكمة الجنائية الدولية تمتلك الولاية القضائية على هذه الجرائم.
وأوضح “مهران” أن الموقف العربى الثابت من القضية الفلسطينية يقوم على رفض أي مساس بحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، والتي تستهدف تصفية القضية الفلسطينية، مؤكداً أن هذا الموقف يتوافق مع المادة الأولى المشتركة في اتفاقيات جنيف التي تلزم الدول باحترام وكفالة احترام الاتفاقية في جميع الأحوال.
رسالة غزل
ووصف المحلل الفلسطيني والخبير في الشأن الأمريكي الدكتور حسين الديك، تصريحات الرئيس دونالد ترامب بأنها تعكس نرجسية شعبوية تفتقر إلى اللياقة واللباقة السياسية.
وأشار الديك فى تصريحات صحفية إلى أن ترامب يتحدث تارة عن نقل الفلسطينيين إلى إندونيسيا، وتارة أخرى عن إعادة إعمار غزة، حيث يصف شواطئها بأنها جميلة وينبغي إقامة منتجعات سياحية عليها.
وأكد أن تصريحات ترامب حول “التهجير الطوعي” للفلسطينيين، والتي يدعو فيها مصر والأردن لاستيعابهم، تعبر عن تمنيات غير واقعية وليست حقائق.
وأوضح الديك أن الشعب الفلسطيني، الذي واجه محاولات التهجير القسري عبر القوة العسكرية، قد تمكن من إفشال هذه المحاولات. وتعرض الفلسطينيون لعمليات إبادة جماعية استمرت 471 يومًا، لكنهم يرفضون بشدة فكرة التهجير.
وأضاف أن المواطن الفلسطيني يؤمن تمامًا بأن التهجير يعني تهجيرًا دائمًا وليس مؤقتًا، مشيرًا إلى أن تجارب النكبة عام 1948 والتهجير من القرى مثل يالو وعمواس وبيت نوبة في عام 1967، تُظهر أن الشعب الفلسطيني متمسك بأرضه ولن يغادرها سواء قسريًا أو طوعيًا.
وشدد الديك على أن الموقف الفلسطيني موحد، حيث تتفق جميع الفصائل، بما في ذلك منظمة التحرير وحماس والجهاد، على رفض دعوات ترامب مؤكدا أن الموقف العربي أيضًا يدعم هذا التوجه، حيث يرفض العرب بشدة أي محاولات لتصفية القضية الفلسطينية عبر التهجير.
واعتبر أن تصريحات ترامب تمثل “رسالة غزل” للمستوطنين الصهاينة وقادة المستوطنات، مثل يوسي دجان، مؤكداً أن هذه التصريحات تتماشى مع رؤية اليمين الصهيوني الساعية لإعادة احتلال قطاع غزة وإقامة مستوطنات جديدة. ورغم الظروف الصعبة التي يعيشها الفلسطينيون في القطاع، فإنهم يواصلون صمودهم، مؤكدين أنهم لن يهاجروا من أراضيهم سواء طوعًا أو قسريًا.
المساعدات الأمريكية
وأكد الخبير العسكري والاستراتيجي نضال أبو زيد أن التصريحات الأخيرة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب تتزامن مع قرار وقف المساعدات الأمريكية الخارجية لجميع الدول.
وقال أبو زيد فى تصريحات صحفية ان هذا القرار يأتي في وقت يشهد فيه الوضع العسكري تصعيدًا كبيرًا من قبل إسرائيل، خصوصًا في الضفة الغربية، مما يشير إلى ترتيبات يجري العمل عليها لحل الملف الفلسطيني ككل وليس فقط ملف غزة.
وأشار إلى أن الأحداث في الضفة الغربية، مثل فتح الاحتلال الصهيوني لممرات آمنة من جنين إلى وادي برقين وأريحا، بالإضافة إلى قرار الكنيست بضم أراضي غور الأردن والموافقة على إنشاء مستعمرة جديدة تحمل اسم “مستعمرة ترامب 1″، تدل على أن الاحتلال بدأ تنفيذ مخططاته بشكل متسارع.
وأوضح أبو زيد أن الإدارة الأمريكية تعطي أولوية أكبر لملف غزة مقارنةً بالضفة الغربية، مما يعكس توجهات جديدة في السياسة الأمريكية.
ولفت إلى أن السياسة الخارجية الأمريكية لا تتغير بتغير الإدارات، حيث إن الكونجرس هو من يحدد هذه السياسة ويلزم الرئيس بها، على الرغم من اختلاف أدوات تنفيذها.
وكشف أبو زيد أن هناك تناغمًا بين فريق ترامب الجديد والرؤية الصهيونية بشأن العديد من الملفات الإقليمية. مؤكدًا أن اليمين الأمريكي بدأ يمارس ضغطًا على الأردن لتنفيذ سياسات معينة، خاصة بعد إنهاء عمل السفيرة الأمريكية في الأردن، مما يعكس الضغط المتزايد على المملكة لتنفيذ أجندات إسرائيلية.