تعاني حكومة الانقلاب من حالة ارتباك وضغوط هائلة على الجنيه تدفع إلى تراجعه أمام العملات الرئيسية، في وقت تواجه فيه شح الدولار وضغوطاً كبيرة على الموازنة العامة، التي تُوجه أكثر من 60% من عوائدها لدفع خدمات الديون المتراكمة بإجمالي 150 مليار دولار، وتقدر أقساطها بنحو أربعين مليار دولار خلال العام المقبل.
وستسدد سلطة الانقلاب لصندوق النقد الدولي نحو خمسة مليارات دولار في عام 2025 منها نحو 252.6 مليون دولار في يناير الماضي، ونحو 661 مليون دولار خلال شهر فبراير بحسب بيانات الصندوق، و2.58 مليار دولار في 2026، علماً أن مصر سددت نحو 6.2 مليارات دولار للصندوق في 2024.
وتترقب “مالية الانقلاب ” الشريحة الرابعة من قرض صندوق النقد الدولي التي كانت الحكومة تتوقعها في نهاية يناير الماضي، إلا أن تصريحات مديرة إدارة التواصل في الصندوق جولي كوزاك، الخميس الماضي، أعطت دفعة لهذه التوقعات، في الوقت الذي بدأت فيه مؤسسات مالية إماراتية وكويتية عملية الفحص لبنك القاهرة تمهيداً للاستحواذ على حصة لا تقل عن 60% من البنك الذي تمتلكه الدولة.
وأكدت مصادر صحفية أن خطة بيع البنك لمستثمر استراتيجي تجري بالتوازي مع خطة الطرح في البورصة في حال عدم تلقي عرض مالي مقبول يتناسب مع قيمة البنك، والذي من المخطط إتمام بيعه أو طرحه في الربع الثاني من عام 2025. وأعلن رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، في تصريحات سابقة، أنّ الدولة تسعى إلى بيع حصة من بنك القاهرة وبنك الإسكندرية خلال العام الجاري 2025، من خلال طرحهما في البورصة المصرية أو لمستثمر استراتيجي، ضمن برنامج الطروحات الحكومية.
وكشف صندوق النقد الدولي في أغسطس لماضي، عن استهداف مصر بيع أربعة أصول خلال العام المالي 2024/2025 بنحو 3.6 مليارات دولار. وأنهت الحكومة خلال السنة المالية 2023/2024، صفقات بيع أصول مملوكة للدولة بقيمة 2.2 مليار دولار، وهو ما جاء أقل من القيمة المستهدفة التي تبلغ نحو 2.8 مليار دولار. وأكد الصندوق حينها أن الحكومة ملتزمة بتعويض الفرق، خلال فترة قرض الصندوق لتحقيق نحو 8.7 مليارات دولار، الذي حُدّد وقت الموافقة على القرض لبيع الأصول. ويبدأ العام المالي في مصر بداية يوليو/ تموز من كل عام، وينتهي في 30 يونيو/حزيران من العام التالي.
صندوق النقد يناقش الحزمة الرابعة من قرض مصر
في السياق، قالت مديرة إدارة التواصل في الصندوق جولي كوزاك، الخميس الماضي، إن صندوق النقد الدولي يخطط لكشف النقاب عن اتفاقية قرض جديدة لمصر ستُطرح على مجلس إدارته للمصادقة عليها.
وقالت كوزاك في تصريح لصحفيين في واشنطن إن “المجلس التنفيذي للصندوق سينظر في حزمة إصلاحات في إطار مراجعة رابعة لبرنامج مصر”.
وأشارت كوزاك إلى أن اتفاقية القرض الجديدة المخطّط لها ستتّخِذ شكل تسهيل الصلابة والاستدامة، وهي آلية مصمّمة لأهداف عدة، بينها مساعدة بلدان في التصدي للتغيّر المناخي، لافتة إلى أنها غير قادرة حالياً على تأكيد حجم هذا القرض. وأكدت أن الصندوق من خلال البرنامج يسعى لـ”خلق مساحة مالية للبرامج الاجتماعية الحاسمة التي تعود بالنفع على الفئات الضعيفة والطبقة المتوسطة مع ضمان استدامة الدين”.
وأشارت إلى أنه “فيما يتعلق بالمستقبل، تشمل أولويات الإصلاح خفض التضخم، والحفاظ على مرونة سعر الصرف، وتحرير الوصول إلى النقد الأجنبي”.
وأضافت أن البرنامج “يهدف إلى تعزيز الإيرادات المحلية، ويهدف إلى تحسين بيئة الأعمال، وتسريع سحب الاستثمارات، وتسوية تكافؤ الفرص بين الشركات المملوكة للدولة والقطاع الخاص. كما يهدف البرنامج أيضاً إلى تعزيز الحوكمة والشفافية”، بحسب كوزاك، التي شددت على أنه “لا توجد صلة حالياً بين ما يُطرح عن استيعاب مصر للاجئين من قطاع غزة وبرنامج قرض الصندوق الحالي”.
وفي مارس من العام الماضي، رفع صندوق النقد الدولي قيمة قرض ممنوح لمصر من ثلاثة مليارات دولار إلى ثمانية مليارات دولار لمساعدة القاهرة في رفع تحدياتها الاقتصادية، في خضم انعدام للاستقرار الإقليمي جراء الحرب على غزة. وقال صندوق النقد الدولي، في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، إنه توصل إلى اتفاق على مستوى الخبراء بشأن المراجعة الرابعة بموجب اتفاق تسهيل الصندوق الممدد مع مصر، وهو ما قد يتيح صرف 1.2 مليار دولار بموجب البرنامج. ووافقت مصر، التي تعاني من ارتفاع معدلات التضخم ونقص العملات الأجنبية، في مارس/ آذار الماضي، على تسهيل بقيمة ثمانية مليارات دولار على مدى 46 شهراً، وتسبب الانخفاض الحادّ في إيرادات قناة السويس نتيجة التوترات الإقليمية على مدى العام الماضي في تفاقم أزمتها الاقتصادية.