قالت ورقة بحثية بعنوان (اتفاق وقف إطلاق النار في غزة: الدوافع والدلالات والتحديات) إنه بالرغم من التوتر الذي ساد الساعات الأولى للاتفاق؛ حيث تأخر تسليم أسماء الأسيرات الثلاث لدى حماس، ولم تلتزم “إسرائيل” ببنود وقف إطلاق النار، إلا أن حماس أقرت تسليم الدفعة السادسة بعدما أذعن الاحتلال لمطالبها ضمن الاتفاق بإدخال المساعدات الانسانية والطبية، ما يعني تمسك الطرفين بالاتفاق، وتجاوز هذه النقطة، ورجحت أنه “من المتوقع أن تتم المرحلة الأولى دون مشاكل جوهرية رغم العقبات الفنية المحتملة”.
مستقبل اتفاق وقف إطلاق النار
وعن مستقبل اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، صاغت الورقة بعض السيناريوهات المحتملة لمستقبل قطاع غزة بعد اتفاق وقف إطلاق النار.
السيناريو الأول
ضمن هذا الأمر أشارت إلى أن الاستقرار الجزئي وإعادة الإعمار في هذا السيناريو، يتوقع تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بجدية من قبل الطرفين وبدعم دولي وإقليمي قوي، وتخصص الدول المانحة ميزانيات كبيرة؛ من أجل إعادة إعمار القطاع، مع ضمان وصول المساعدات الإنسانية بشكل منتظم، إلا أن هذا السيناريو بات ضعيفًا في تنفيذه بشكل كامل؛ بسبب عدم جدية “إسرائيل” في الالتزام بالاتفاقيات، كما هو الحال مؤخرًا في لبنان.
وأوضحت أنه رغم توقيع الاتفاق بين الطرفين، إلا أن الغارات الجوية وعمليات القوات الخاصة مستمرة بشكل تتابعي وتراكمي إلى الآن، فضلًا عن القصف “الإسرائيلي” العنيف على القطاع بعد ساعات من إعلان الاتفاق، الذي يعكس انعدام الجدية تجاه أي تفاهم أو تهدئة وغياب النوايا الحقيقية لتل أبيب لإتمام الاتفاق.
السيناريو الثاني
وعن ذلك السيناريو أبانت أن الفصل بين السلطة السياسية المدنية والسيطرة العسكرية “الإسرائيلية” حيث تسعى “إسرائيل” في هذا السيناريو لفرض هيمنة عسكرية وأمنية شاملة على قطاع غزة، مستندة إلى مبرر ضمان الأمن والاستقرار؛ ما يؤدي إلى إضعاف الفصائل الفلسطينية ومنع حركة حماس من الانخراط في أي نشاط سياسي أو عسكري، مع السماح للسلطة الفلسطينية بممارسة دور إداري محدود.
وضمن هذا السيناريو أضافت الورقة أنه يمكن “لإسرائيل” استغلال دعم الدول المانحة كشرط للموافقة على تلك الترتيبات الأمنية لتعزيز سيطرتها على القطاع، وهذا السيناريو قابل للتحقق بنسبة كبيرة، وفي حال وقوعه، قد يفاقم من الاحتقان الشعبي داخل غزة، ويعزز من احتمالية اندلاع انتفاضة جديدة أو عودة الفصائل للعمل السري.
السيناريو الثالث
فشل الاتفاق وتدخل أطراف خارجية وإذا ما حدث إخفاق في تطبيق الاتفاق وانهيار وقف إطلاق النار؛ فإن القطاع سيدخل مرحلة الفوضى الأمنية والسياسية، وفي هذه الحالة قد تتدخل قوى إقليمية ودولية بصورة أوسع؛ للسيطرة على الأوضاع داخل القطاع؛ حيث يحتمل فرض إدارة دولية أو إقليمية مؤقتة؛ لضمان إعادة الإعمار وتحقيق الأمان والاستقرار.
ورجحت الورقة أن تتزايد تدخلات الدول الكبرى، مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بالإضافة إلى دور متزايد للدول العربية كقطر ومصر أيضًا، وعلى المستوى العسكري قد يتم نشر قوات حفظ سلام أو مراقبين دوليين للمساعدة على استقرار الأوضاع الأمنية، إلا أن هذا السيناريو في حال حدوثه، ربما يواجه برفض شعبي واسع، باعتباره تهديدًا مباشرًا للسيادة الفلسطينية.
السيناريو الرابع
في السيناريو الرابع رأت أنه يمكن تحقق الوحدة الفلسطينية وإعادة الهيكلة وأنه قد تدرك الأطراف الفلسطينية، أهمية تحقيق اتفاق ملموس، وقد تسعى بجد للوصول إلى وحدة وطنية؛ بما يقود نحو تشكيل حكومة وحدة وطنية، تتولى إدارة شئون القطاع، ضمن إطار سياسي شامل، يربط بين غزة والضفة الغربية تحت قيادة موحدة.
ومن شأن تحقق هذا السيناريو تلقي القطاع دعمًا دوليًا وإقليميًا كبيرًا، خاصة من الدول العربية؛ بهدف إعادة الإعمار وتحسين الوضع الاقتصادي هناك، وسيتم تقليص دور الفصائل المسلحة بشكل تدريجي؛ عن طريق دمجها في مؤسسات أمن وطني موحدة؛ ما يساهم في تخفيف التوترات الأمنية بين الفرقاء المعنيين.
وإجمالا رأت أن هذا السيناريو، رغم ضعف احتمالية تحققه، إلا أنه يظل ممكنًا؛ متى توافرت إرادة سياسية قوية لدى جميع الأطراف، مع وجود ضمانات دولية لدعم تطبيق الاتفاقات المبرمة.
جولات واتفاق
واستعرضت الورقة أنه بعد عدة جولات من التفاوض من أجل التوصل إلي اتفاق لوقف إطلاق النار (غير مباشر) بين “إسرائيل” وحماس وإنهاء الحرب بينهما، التي استمرت حوالي 15 شهرًا، شن خلالها الاحتلال حربًا واسعة على قطاع غزة (للقضاء على قوات المقاومة، وإطلاق سراح أسراه، وفرض التهجير لمئات الألوف خارج قطاع غزة) ردًا على عملية طوفان الأقصى، التي أطلقتها المقاومة الفلسطينية في 7 أكتوبر 2023 على مستوطنات غلاف غزة.
وفي 15 يناير 2025، توصلت قطر بالشراكة مع مصر والولايات المتحدة رسميًا لاتفاق وقف إطلاق النار بين “إسرائيل” وفصائل المقاومة الفلسطينية (كتائب عزالدين القسام التابعة لحماس وسرايا القدس التابعة للجهاد) في قطاع غزة، علي أن يبدأ تنفيذ الاتفاق في 19 يناير 2025، ويُنفذ الاتفاق على ثلاث مراحل تنتهي بوقف دائم لإطلاق النار، وإعادة الإعمار، وضمانات أمنية للجانبين تمنع استئناف الأعمال القتالية بينهما.