تواصل دولة الاحتلال الصهيوني حربها التدميرية في قطاع غزة بدعم من الرئيس الأمريكي الإرهابي دونالد ترامب، دون اعتبار لاعتراضات دول المنطقة أو المنظمات الدولية التي أكدت أن دولة الاحتلال ترتكب إبادة جماعية ضد الفلسطينيين في القطاع، وطالبت بوقف فوري لإطلاق النار والسماح بدخول المساعدات الإنسانية.
يأتي التصعيد الصهيوني في أعقاب انعقاد القمة العربية الإسلامية الطارئة في الدوحة ، التي ناقشت التصعيد من جانب قوات الاحتلال داخل القطاع، وسبل حماية المدنيين الفلسطينيين.
فيما شدد المشاركون على ضرورة إنهاء العمليات العسكرية الصهيونية فورًا، وحماية المدنيين وتأمين وصول المساعدات الإنسانية إلى القطاع دون عوائق، وأكدوا على دعم حقوق الفلسطينيين وإدانة أي تهجير قسري للسكان، وطالبوا المجتمع الدولي بممارسة ضغط فعّال على دولة الاحتلال لوقف العدوان، إلا أن دولة الاحتلال لا تقيم اعتبارا لهذه القمة وتواصل أعمالها العسكرية .
أبشع جرائم القرن
في هذا السياق وصف نائب رئيس لجنة الأمم المتحدة لحقوق الطفل، ما يجري في قطاع غزة بأنه "أبشع جرائم القرن الحالي"، مشيرًا إلى أن الوضع الإنساني هناك غير مسبوق، وسط حصار خانق تفرضه دولة الاحتلال يعرقل وصول الخدمات الأساسية.
وقال المسؤول الأممي: إن "دولة الاحتلال تمنع الصحفيين من أداء مهامهم في غزة، في انتهاك واضح لحرية الإعلام، وحق العالم في الاطلاع على حقيقة ما يحدث في القطاع، مؤكدًا أن الاستخدام المفرط للقوة أدى إلى تدمير واسع للبنية التحتية، وخلق وضعا مأساويا للأطفال".
وأضاف أن منع الأطفال من التعليم في غزة أمر محظور بموجب القانون الدولي، محذرًا من أن تداعيات الحرب النفسية والجسدية على الأطفال ستكون طويلة الأمد، وسيتطلبون رعاية متخصصة ومكثفة لسنوات قادمة.
وأكد أن ما يتعرض له الأطفال في غزة يشكل انتهاكًا صارخًا لاتفاقية حقوق الطفل، داعيًا إلى تحرك دولي عاجل لوقف الانتهاكات، وتقديم الدعم الإنساني والطبي والتعليمي العاجل للضحايا.
حظر عالمي
كانت منظمة العفو الدولية، قد دعت الدول والحكومات حول العالم إلى فرض حظر شامل وفوري على تزويد دولة الاحتلال بجميع أنواع الأسلحة والمعدات والخدمات العسكرية والأمنية، بما في ذلك تقنيات المراقبة والذكاء الاصطناعي والبنى التحتية الرقمية الداعمة للعمليات العسكرية.
وطالبت المنظمة بأن يشمل الحظر عبور أو شحن الأسلحة عبر المواني والمطارات والمجال الجوي للدول.
وشددت أنياس كالامار الأمين العام للمنظمة، في بيان صحفي، على ضرورة أن توقف الدول والمؤسسات والشركات استثماراتها وأنشطتها التي تسهم في "الإبادة الجماعية" التي يرتكبها جيش الاحتلال في قطاع غزة.
وقالت كالامار : "آن الأوان كي تضع الدول والمؤسسات العامة والشركات والجامعات والجهات الخاصة، حَدًا لإدمانها القاتل على الأرباح والمكاسب الاقتصادية بأي ثمن".
وكشفت المنظمة عن تقرير جديد تضمن قائمة بـ15 شركة دولية قالت إنها متورطة في دعم الاحتلال، أو في جرائم حرب وانتهاكات جسيمة للقانون الدولي.
ضمت القائمة شركتي بوينج ولوكهيد مارتن الأمريكيتين، وشركات السلاح الصهيونية إلبيت سيستمز، ورافائيل للأنظمة الدفاعية المتقدمة المملوكة للدولة، وشركة صناعات الفضاء الصهيونية، إلى جانب شركات من الصين وكوريا الجنوبية وإسبانيا.
وأشار التقرير إلى إن هذه الشركات لا تمثل سوى عينة من شبكة أوسع توفر الدعم لدولة الاحتلال وسط صمت حكومي عن المجاعة والقتل الجماعي للمدنيين.
وشدد على ضرورة سن الدول تشريعات صارمة تمنع الشركات الخاضعة لولايتها من المساهمة في جرائم الحرب، بما في ذلك وقف الاستثمارات والمشتريات وفسخ العقود مع الكيانات المرتبطة بالاحتلال.
كما دعا التقرير المجتمع المدني إلى تصعيد الضغط الشعبي من خلال الحملات والاحتجاجات لضمان التزام الحكومات بهذه السياسات.
تصعيد خطير
في هذا السياق أكد السفير رخا أحمد حسن، -عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية وعضو الجمعية المصرية للأمم المتحدة-، أن ما تقوم به دولة الاحتلال داخل قطاع غزة تصعيد خطير قد يشعل الحرب في المنطقة، وهو مرفوض شكلاً وموضوعًا، لأنه يخرق كافة القوانين الدولية، بما فيها القانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان، ويستهدف حقوق الشعب الفلسطيني بشكل مباشر، وينذر بحرب أوسع في المنطقة.
وقال حسن في تصريحات صحفية: إن "هذه العمليات العسكرية سوف تنعكس مستقبلًا على دولة الاحتلال نفسها، إذ لن تعيش في أمان وسلام طالما تستمر في سياسة التدمير والإبادة غير المسبوقة، مشيرًا إلى أن المشاهد الميدانية في غزة لم تشهد لها الإنسانية مثيلًا منذ الحرب العالمية الثانية، حيث يتم هدم المباني بشكل متعمد وتحويلها إلى ما يشبه المقابر، بشكل مقصود".
وأشار إلى أن التصعيد يأتي في أعقاب القمة العربية الإسلامية، ويشكل تحديًا مباشرًا للأمن العربي وأمن مصر القومي على وجه الخصوص، باعتبارها دولة جارة، وأن ما يحدث في غزة يشكل خطرًا حقيقيًا على استقرار المنطقة.
وبخصوص مخطط التهجير القسري للفلسطينيين، أوضح حسن أن المخطط العسكري الصهيوني يواصل تدمير مدينة غزة وحرمان الفلسطينيين من أي مساحة للعيش أو خدمات أساسية، بما في ذلك المياه والصرف الصحي والخيام، ويؤكد أن الهدف من هذه الإجراءات هو دفع الفلسطينيين إلى اليأس، مع صعوبة وجود أي دولة تقبل استقبالهم بالقوة من أرضهم، مشيرًا إلى تصريحات نتنياهو بأنهم سيهجرون الفلسطينيين بحراً وجواً، بعد التراجع عن فكرة تهجيرهم عبر معبر رفح .
القمة العربية الإسلامية
وقال أستاذ العلوم السياسية والقانون الدولي الدكتور عزام شعث: إن "دولة الاحتلال ماضية في عمليتها العسكرية التي وسعتها بصورة ميدانية، وأرغمت عددا كبيرا من سكان القطاع على النزوح القسري باتجاه وسط وجنوب القطاع، بهدف إعادة السيطرة والاحتلال الفعلي للمدينة وتكريس الوجود العسكري فيها، وبما يضمن تدميرها تدميرًا كاملًا مثلما دمرت في الشهور الأخيرة مدينتي رفح وخان يونس جنوب القطاع، وبلدات شمال القطاع، حتى يتحول القطاع إلى مكان غير قابل للحياة، وفي إطاره تجري عملية تهجير السكان قسريًا إلى خارج القطاع ضمن المخططات التقليدية الصهيونية المدعومة أمريكيًا ".
وأضاف شعث في تصريحات صحفية: يبدو أن رؤية نتنياهو وحكومته اليمينية المتطرفة التي تعمق من إجراءات الحرب والتصعيد العسكري، لا تتوقف عند تدمير القطاع فقط، بل تمتد إلى دول المنطقة بذريعة تصفية حركة حماس والأذرع المسلحة المدعومة من إيران .
وتابع: مع الاستمرار في تغييب سياسات مواجهة الاحتلال دوليًا وإقليميًا، وتراجع إمكانية الضغط عليه لوقف حربه المفتوحة في غزة، وما دام المستوى الرسمي في دولة الاحتلال يتعامل مع مخرجات القمة العربية الإسلامية الطارئة في الدوحة باستخفاف، لأنها لا تتضمن الإجراءات العملية لمواجهة الاحتلال على الأقل على المستويين الاقتصادي والدبلوماسي، فإن الكيان الصهيوني سيمضي في انتهاك سيادة دول المنطقة بادعاءات وذرائع مواجهة قيادة حماس التي لا تتوقف عند حدود العدوان على غزة.