السيسي يلهث خلف “غطاء أممي” ليغسل يده من دماء غزة ويُعيد تسويق نفسه دولياً

- ‎فيتقارير

في مشهد يعكس ارتباك نظام المنقلب عبد الفتاح السيسي، حاولت القاهرة في الأيام الأخيرة الظهور بمظهر "الوسيط المسؤول" في ملف غزة، مشترطةً غطاءً أممياً لتبرير أي مشاركة أمنية مصرية في القطاع بعد اتفاق وقف الحرب الذي أعلن عنه الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

لكن وراء هذا الخطاب الدبلوماسي المتأنق، يرى مراقبون أن السيسي يسعى قبل كل شيء إلى إعادة تدوير صورته المنهارة دولياً، بعد أن تحول نظامه إلى شريك فعلي في حصار غزة، وسدّ شريان الحياة عن سكانها على مدار سنوات، وارتكب جرائم إنسانية بصمته وتواطئه. القاهرة: مشاركة "مشروطة" لإرضاء الغرب مصادر دبلوماسية كشفت أن القاهرة أبلغت واشنطن وتل أبيب والدوحة بأنها لن تشارك في أي ترتيبات ميدانية إلا "تحت مظلة الأمم المتحدة"، في محاولة لتفادي تحمل أي مسؤولية مباشرة أمام الشعوب العربية عن أي انتهاكات جديدة في القطاع.

ويرى مراقبون أن السيسي يحاول التذرع بالمظلّة الأممية ليُخفي دوره الحقيقي كذراع تنفيذية للسياسات الأميركية والإسرائيلية في المنطقة، خصوصاً أن الاحتلال يرفض تماماً أي وجود أممي فعلي في غزة، ما يجعل الموقف المصري مجرد ورقة ضغط شكلية لا أكثر.

استعراض إعلامي مفضوح وبينما يروّج إعلام الانقلاب للحديث عن "دور مصري فاعل في تثبيت الهدنة"، يتجاهل تماماً أن نظام السيسي ساهم في خنق القطاع ومنع الإغاثة الإنسانية طيلة الأشهر الماضية، وأدار معبر رفح كأداة ابتزاز سياسي واقتصادي، فيما كانت دماء الأطفال والنساء تُراق على أعتاب الحدود المغلقة

 

اتصالات "تجميلية" مع الأمم المتحدة وفي سياق لا يخلو من الاستعراض، تلقى السيسي اتصالاً من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، جرى خلاله التأكيد على "ضرورة منح شرعية دولية للاتفاق ونشر قوات دولية".

إلا أن هذه التصريحات، وفق محللين، مجرد غطاء لتسويق النظام داخلياً وخارجياً بأنه شريك في السلام، بينما يواصل التنسيق الأمني العميق مع الاحتلال. كما أعلن السيسي نيته عقد مؤتمر دولي لإعادة إعمار غزة، في خطوة وصفها ناشطون بأنها محاولة جديدة لـ"تسييل دماء الفلسطينيين إلى استثمارات"، تماماً كما فعل في مؤتمرات الإعمار السابقة التي تحولت إلى صفقات للجنرالات وشركات الجيش. مراقبون: السيسي يحاول غسل يديه من دماء غزة الباحث في العلاقات الدولية عمار فايد اعتبر أن الحديث عن "وجود أمني دولي" ما هو إلا رهان على إدارة الأزمة لا حلها، مؤكداً أن إسرائيل لن تتخلى فعلياً عن سيطرتها الأمنية داخل القطاع، حتى لو وُجدت قوات مراقبة أممية شكلية .

 

أما خبير الأمن الدولي حاتم صابر فأشار إلى أن ترتيبات ما بعد الحرب "معقدة للغاية"، وأن ملء الفراغ الأمني في غزة يتطلب قيادة فلسطينية موحدة ودعماً عربياً حقيقياً، لا مجرد إشراف من أنظمة قمعية فقدت شرعيتها.

 

خلاصة المشهد في النهاية، يبدو أن المنقلب السيسي يحاول القفز على المأساة الفلسطينية ليرمم شرعيته الممزقة، متخفياً وراء ستار الأمم المتحدة، ومتوهماً أن العالم نسي دوره في حصار غزة وتواطئه مع الاحتلال.

لكن الحقيقة تبقى واضحة: لا غطاء أممياً يمكنه غسل يد العسكر من دماء الأبرياء، ولا شرعية يمكن أن تُبنى على أنقاض شعب محاصر يُقتل مرتين، مرة بصواريخ الاحتلال، ومرة بصمت الجار المتواطئ.