أشار تقرير لصحيفة "يديعوت أحرونوت" الصهيونية إلى محاولة مصر تهميش دورقطر وتركيا في غزة، واللافت أنه جاء مباشرة بعد لقاء رئيس المخابرات المصرية اللواء حسن رشاد برئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو في القدس في 21 أكتوبر 2025.
وقالت صحيفة يديعوت أحرونوت: إن "اللواء حسن رشاد زار إسرائيل في زيارة غير معلنة مسبقًا، والتقى نتنياهو في مكتبه بالقدس، بحضور مسؤولين أمنيين إسرائيليين ومبعوثين أمريكيين، بينهم ستيف ويتكوف وجاري كوشنر".
ودعمت مصادر دبلوماسية في واشنطن لصحيفة "الشرق الأوسط" ووكالة "رويترز" أن اللقاء تم بالفعل، بحضور مبعوثين أمريكيين، لكنه لم يُدرج في جدول نتنياهو الرسمي.
 
الصحيفة الصهيونية وصفت اللقاء (ح.رشاد-نتنياهو) بأنه "مفصلي"، واعتبرته مؤشرًا على رغبة مصر في التحكم بمستقبل غزة، وتقديم نفسها كقوة عربية مركزية في مرحلة ما بعد الحرب.
ويعد تقرير تهميش دور دول شركاء الوساطة قطر وتركيا الذي نشرته الصحيفة الصهيونية، والذي اعتبر أن مصر تحاول دفع قطر وتركيا جانبًا، خاصة في ملف الوساطة وإعادة الإعمار، ثانيا لتقرير وصفه بـ"الرسائل السياسية" التي حملها رشاد خلال لقائه بنتنياهو.
وحتى الآن، لا توجد تأكيدات رسمية أو إعلامية من الجانب المصري أو القطري أو التركي بشأن وجود صراع نفوذ مباشر وتشير الصحف التركية والقطرية تشير إلى تنسيق ثلاثي في تنفيذ خطة وقف إطلاق النار، رغم وجود تباينات في الرؤية.
الصحيفة الصهيونية دمجت عدة أهداف للقاء زعمت أنها دفع خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن غزة، وتثبيت اتفاق وقف إطلاق النار، و
تبادل جثث القتلى الإسرائيليين المحتجزين لدى حماس، وبحث مستقبل غزة و"اليوم التالي" للحرب.
وكان السيسي أثنى علنًا على دور قطر وتركيا في مفاوضات وقف إطلاق النار، مؤكدًا أهمية استمرار التعاون معهما لتنفيذ خطة السلام الأمريكية.
وبدورها شكرت حركة حماس مصر وقطر وتركيا على جهودهم المشتركة في الوساطة، ووصفتهم بـ"الأشقاء الوسطاء" الذين يسعون لوقف الحرب وتحقيق تهدئة شاملة.
وأشار تقرير لـ DW الألمانية إلى أن مصر وقطر وتركيا تلعب أدوارًا متكاملة في تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، بينما تركز السعودية والإمارات على الدعم المالي بشروط محددة.
وتناولت الجزيرة تعقيدات الخطة الأمريكية لنشر قوات متعددة الجنسيات في غزة، مشيرة إلى أن الدول الثلاث (مصر، قطر، تركيا) وافقت على الخطة بهدف وقف إطلاق النار، دون الإشارة إلى أي صراع نفوذ بينها.
العربية نقلت عن وزير الخارجية المصري أن القاهرة تعمل مع قطر وتركيا لإقناع حماس بقبول خطة ترامب، لكنها ترى وجود "ثغرات" في الخطة، ما يشير إلى تباينات في الرؤية وليس بالضرورة إلى صراع على النفوذ.
الصحف التركية
وأشارت الصحف التركية إلى وجود تنسيق وثيق بين أنقرة والقاهرة بشأن غزة، وتثمن الدور المصري في تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار وإعادة الإعمار.
وأجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان اتصالًا هاتفيًا مع بدر عبد العاطي، وزير خارجية السيسي، ناقشا فيه نتائج قمة شرم الشيخ، وأكدا أهمية التنسيق المشترك لتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في غزة وفقًا لخطة الرئيس الأميركي.
وسارعت السفارة التركية في القاهرة إلى التنسيق مع مصر لدعم جهود إعادة إعمار غزة، عبر مؤسسات رسمية ومنظمات مجتمع مدني تركية مثل هيئة الإغاثة الإنسانية (IHH). والتي بدأت أنشطة ميدانية في شمال غزة تشمل إزالة الأنقاض وفتح الطرق وتقديم مساعدات إنسانية، بالتنسيق مع مصر.
وعقد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني اجتماعًا في الدوحة، سبقه لقاء بين مسؤولين أتراك وقيادات من حركة حماس، في إطار تنسيق دبلوماسي واستخباري لمنع تجدد القتال.
دفع تركيا وقطر جانبا
وقال تقرير "يديعوت أحرنوت": إن "دخول فريق مصري إلى قطاع غزة لحظة بارزة في دور القاهرة كوسيط في اتفاق وقف إطلاق النار، ويكشف في الوقت نفسه عن المصالح المصرية الأوسع التي تقف وراء تحركاتها الأخيرة".
واعتبرت الصحيفة أن "المهمة الإنسانية المتمثلة في العثور على جثث الرهائن الإسرائيليين"، توجه إشارة واضحة بانها تعتزم تولي زمام المبادرة في مرحلة ما بعد الحرب، وإقصاء قطر وتركيا عن المشهد، واستعادة مكانتها التقليدية كالقوة الدبلوماسية الرئيسة في العالم العربي.
وأشارت إلى دخول فريق مصري مزوّد بأدوات خاصة لتحديد أماكن الجثث إلى غزة بعد أن زوّدت "إسرائيل" القاهرة بإحداثيات المواقع التي يُعتقد أن رفاتًا قد توجد فيها، ونقلت قناة "القاهرة الإخبارية" الرسمية عن مسؤولين قولهم إن "مصر ستقدّم دعمًا لوجستيًا ومعدات للمساعدة في العثور على جثث الرهائن الإسرائيليين، نظرًا لحجم الدمار في القطاع".
وأوضحت أنه "وافقت "إسرائيل" على دخول الفريق المصري بعد أن كانت قد رفضت طلبًا مماثلًا من تركيا، في إشارة إلى الثقة التي توليها لمصر، وإلى الحدود المفروضة على الدور التركي"؟
وقد نقلت صحيفة الأخبار اللبنانية، المقربة من حزب الله، عن مصادر مصرية قولها: إن "التفاهمات التي تم التوصل إليها حتى الآن تشمل اتفاقًا على الدعوة إلى إصدار قرار من مجلس الأمن يقضي بإنشاء قوة دولية مؤقتة في غزة، وهو اقتراح تدعمه القاهرة، وستتيح هذه القوة وجودًا أجنبيًا محدودًا في القطاع تحت إشراف مصري، شريطة أن يبقى مؤقتًا".
وأضافت المصادر ذاتها أنه رغم غياب التقدّم بشأن آليات إحياء نشاط منظمة التحرير الفلسطينية، تعتزم مصر بذل جهود كبيرة في هذا الاتجاه خلال الفترة المقبلة، على أمل تمكين المنظمة من قيادة المفاوضات الدولية باسم الفلسطينيين.
وقالت الصحيفة الصهيونية "تعكس إستراتيجية القاهرة مزيجًا من الحسابات الدبلوماسية والمصالح الذاتية؛ فمصر لا ترغب في تجدّد القتال، بعد أن واجهت في السنوات الأخيرة تحديات أمنية واقتصادية متكرّرة، كما عارضت ما اعتبرته محاولات لدفع الفلسطينيين إلى النزوح من غزة، في الوقت الذي استقبلت فيه الجرحى لتلقّي العلاج، وتكبّدت خسائر مالية كبيرة، خصوصًا بسبب تراجع عائدات قناة السويس التي تُقدَّر بأكثر من تسعة مليارات دولار سنويًا".(هـ).
الدور الإنساني
وفي عرض منفصل يحاول السيسي الظهور بمشهد الحاني على الفلسطينيين، في حين تبقى تقارير ما نشرته "الجارديان" و"نيويورك تايمز" في أوج الحرب على غزة من أن شركة "هلا" المملوكة لرجل الأعمال إبراهيم العرجاني، والمقرب من الأجهزة الأمنية المصرية، قامت بتحصيل مبالغ مالية تصل إلى 10,000 دولار من فلسطينيين مقابل تسهيل خروجهم من غزة عبر معبر رفح.
وبحسب مقابلة مع العرجاني نُشرت في "نيويورك تايمز"، أقر بأن شركته "هلا" تقدم خدمات VIP تشمل وجبة وطريق مباشر إلى القاهرة، مقابل رسوم مرتفعة.
تقارير أخرى من "Daraj" و"OCCRP" و"صحيح مصر" كشفت أن السماسرة المرتبطين بالشركة يتقاضون ما بين 4,500 إلى 10,000 دولار من الفلسطينيين الراغبين في مغادرة غزة خلال الحرب.
وبرر العرجاني ذلك للصحيفتين بأن شركته "شركة سياحة مثل أي شركة في المطار"، وأنها تقدم خدمات راقية لمن يطلبها.
ويعرف العرجاني بعلاقته الوثيقة مع الأجهزة الأمنية المصرية، ويملك شركات لها فروع في السعودية والإمارات، ما يثير تساؤلات حول الدور الرسمي أو شبه الرسمي في هذه العمليات.
وانتقدت منظمات حقوقية وصحفيون هذه الممارسات، معتبرين أنها استغلال لمعاناة المدنيين في غزة، خاصة أن كثيرًا منهم فقدوا منازلهم ويبحثون عن العلاج أو الأمان.
وبحسب المعايير الأخلاقية والإنسانية، فإن تحصيل مبالغ ضخمة من الجرحى والنازحين مقابل الخروج للعلاج يتناقض مع أي خطاب إنساني أو عروبي بل يتماشى مع الأهداف التجارية البحتة وتُضعف من مصداقية أي جهة تدّعي أنها تعمل من أجل فلسطين أو العرب.
 
             
                 
                             
                         
					
                     
					
                     
					
                     
					
                     
					
                     
							                         
							                         
							                         
							                         
							                         
                         
					
                     
					
                     
					
                     
					
                    