التضخم يعود للصعود مجدداً: فشل اقتصادي متواصل لنظام السيسي وسط ديون متفاقمة وإنفاق بذخي
في مؤشر جديد على عمق الأزمة الاقتصادية التي تعصف بمصر تحت حكم النظام الانقلابي، عاود معدل التضخم في أسعار المستهلكين ارتفاعه بعد فترة من التراجع، مسجلاً 12.5% خلال أكتوبر/تشرين الأول الماضي، في المناطق الحضرية، وفقاً لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، مقارنة بـ38% في ذروته خلال 2023.
وجاءت الزيادة الأخيرة مدفوعة برفع الحكومة أسعار الوقود بنسبة 13%، لتدخل البلاد مجدداً دوامة الغلاء وفقدان السيطرة على الأسعار.
وقود الغلاء… ووقود الغضب
الزيادة الجديدة في أسعار المحروقات، التي تأتي ضمن سلسلة طويلة من قرارات رفع الأسعار منذ 2019، كانت الشرارة التي أعادت التضخم إلى مساره الصاعد، وسط استياء واسع في أوساط رجال الأعمال والمواطنين على حد سواء.
وقال عضو بمجلس إدارة جمعية رجال الأعمال المصريين: إن "قرار الحكومة تجاهل مطالب مجتمع الأعمال بوقف رفع أسعار الوقود فاقم الأزمات التي تضرب القطاع الإنتاجي غير النفطي، ودفع المصانع إلى زيادة أسعار منتجاتها أو وقف خطوط إنتاج؛ بسبب ارتفاع كلفة التشغيل والنقل والطاقة".
ركود ممتد وخنق للقطاع الإنتاجي وأوضح المصدر أن استمرار الحكومة في سياساتها الجبائية ورفع الفائدة البنكية – التي تجاوزت 30% خلال العامين الماضيين – وضع الشركات في دائرة ركود خانق لم تخرج منه منذ خمس سنوات، مؤكداً أن أي عودة لارتفاع التضخم ستجعل من المستحيل على البنك المركزي خفض أسعار الفائدة، ما يعني استمرار النزيف الاقتصادي وغياب أي أفق للانتعاش.
أزمة الدواء تتفاقم من جهته، حذر رئيس شعبة الأدوية باتحاد الغرف التجارية، علي عوف، من أن قرارات رفع أسعار الوقود أدت إلى ارتفاع كلفة الإنتاج والتوزيع بنسبة لا تقل عن 30%، ما تسبب في زيادة عدد الأدوية الناقصة من 250 إلى 300 صنف خلال العام الجاري.
وأشار إلى أن هيئة الدواء المصرية ترفض مطالب الشركات برفع الأسعار رغم تضاعف كلفة التشغيل والنقل والشحن البري، مما يهدد بتوقف إنتاج أدوية أساسية لأمراض مزمنة كالقلب والكلى والسكري.
اقتصاد يترنح تحت وطأة الديون تأتي موجة التضخم الجديدة في وقت تواصل فيه حكومة السيسي التوسع في الاقتراض، حيث أعلنت مؤخراً نيتها اقتراض 1.5 مليار دولار محلياً عبر أذون الخزانة، في وقت تتضخم فيه الديون الداخلية والخارجية، دون أي مردود حقيقي على الاقتصاد أو معيشة المواطنين.
ويرى محللون أن استمرار الإنفاق البذخي على ما يُعرف بالمشروعات “الفنكوشية” – من عاصمة إدارية وجسور وصروح إسمنتية – يأتي على حساب الإنتاج الحقيقي، ويُعمّق حالة الفقر والبطالة والعجز المالي.
الجنيه على حافة الانهيار من جديد وحذر خبراء ماليون من أن استمرار التضخم عند مستوياته الحالية، في ظل غياب رؤية اقتصادية واضحة، قد يدفع الجنيه المصري إلى موجات تراجع جديدة أمام الدولار، رغم بعض التحسن المؤقت في عوائد قناة السويس وتحويلات العاملين بالخارج. وأكدوا أن الاقتصاد المصري يدار في أجواء ضبابية يغيب عنها التخطيط والتنمية الإنتاجية، بينما تتجه الحكومة نحو مزيد من الجباية والاستدانة لتغطية عجز متفاقم سببه إنفاق عشوائي غير منتج، ما يجعل أي تحسن في المؤشرات الاقتصادية مجرد “طلاء تجميلي” يخفي وراءه فشلاً هيكلياً عميقاً.