شراء 5 ملايين طن من القمح المحلي ..لماذا أوقف السيسي خطة الاكتفاء الذاتي التي بدأها مرسي ؟

- ‎فيتقارير

 

في الوقت الذي تعلن فيه حكومة المنقلب السيسي عن استهداف شراء 5 ملايين طن من القمح المحلي خلال الموسم المقبل، يصف مراقبون اقتصاديون هذه التصريحات بأنها محاولة لإحياء خطاب "الاكتفاء الذاتي" دون وجود مشروع حقيقي على الأرض، بعد أن جرى إعدام الخطة الوحيدة الجادة التي اقتربت من تحقيق هذا الهدف، وهي خطة حكومة الرئيس الشهيد محمد مرسي.

 

خطة مرسي… عام واحد حقق قفزة بـ30%

 

خلال عام حكم الرئيس مرسي، قاد وزير التموين آنذاك باسم عودة خطة واضحة لزيادة إنتاج القمح عبر:

 

زيادة المساحات المزروعة.

 

تقديم حوافز للمزارعين.

 

تحسين منظومة التوريد والتخزين.

 

القضاء على حلقات الفساد التي كانت تلتهم جزءاً ضخماً من الدعم.

 

وبالفعل، حققت الخطة قفزة إنتاجية قاربت 30% خلال عام واحد، في واحدة من أسرع زيادات إنتاج القمح في عقود.

كما حرص الرئيس مرسي على افتتاح موسم الحصاد بنفسه، في رسالة سياسية تؤكد أن الاكتفاء الذاتي خيار دولة لا مجرد تصريحات إعلامية.

 

ثم جاء الانقلاب… وبدأت العودة إلى الاستيراد

 

بعد الانقلاب العسكري في يوليو 2013، تم وقف الخطة بالكامل:

 

جرى إقصاء واعتقال باسم عودة.

 

توقفت مشروعات التوسع الزراعي الخاصة بالقمح.

 

عاد النفوذ القديم لشبكات الاستيراد، التي استفادت تاريخياً من عقود شراء القمح من الخارج.

 

وبحسب خبراء الاقتصاد، فإن العودة السريعة للاستيراد لم تكن صدفة، بل لأنها تفتح باباً واسعاً للعمولات التي يحصل عليها الوسطاء والمتنفذون عبر صفقات موردي القمح والوسطاء الدوليين.

 

واقع القمح في عهد السيسي… تضخم في الاستيراد وتراجع في الزراعة

 

ورغم محاولات الحكومة تقديم الصورة بشكل أكثر تفاؤلاً، فإن البيانات الرسمية نفسها تكشف انهياراً واضحاً:

 

1. تراجع الكميات التي تشتريها الحكومة من المزارعين

 

وثيقة رسمية في إبريل الماضي أظهرت انخفاض المشتريات إلى 466 ألف طن فقط مع بداية الموسم، بانخفاض أكثر من 37% عن العام السابق.

 

المزارعون تحولوا لمحاصيل أكثر ربحية مثل البنجر، بعد أن أصبح القمح غير مربح.

 

2. الاعتماد الضخم على الاستيراد

 

مصر استوردت في 2024 نحو 14.7 مليون طن من القمح، 74% منها من روسيا.

 

وهو رقم يعكس فشل استراتيجية الإنتاج المحلي واعتماد الدولة شبه الكامل على الخارج.

 

3. المساحات المزروعة بالقمح تتراجع

 

الحكومة نفسها تؤكد أن:

 

المحصول المحلي هذا العام بلغ 3.42 ملايين طن فقط.

 

أقل من إنتاج 2022 الذي بلغ 3.7 ملايين طن.

 

أي تراجع فعلي رغم مرور سنوات من "الوعود الرسمية".

 

4. دخول جهاز "مستقبل مصر" العسكري

 

استحواذ جهاز مستقبل مصر (التابع للقوات الجوية سابقاً) على عمليات شراء الحبوب بدلاً من الهيئة العامة للسلع التموينية أصاب السوق بالارتباك، نظراً لغياب الخبرة الزراعية وتداخل الأدوار بين المؤسسة العسكرية وقطاع الحبوب.

 

تقييم الخبراء: الفارق بين مشروع دولة ومشروع عمولات

 

يرى الخبراء أن:

 

خطة مرسي وباسم عودة كانت تسير نحو مشروع اكتفاء ذاتي حقيقي قائم على زيادة الإنتاج الفعلي.

 

بينما يعتمد نموذج السيسي على التوسع في الاستيراد كحل دائم، وهو ما يخدم شبكات مصالح قوية تستفيد من العمولات الضخمة.

 

وبذلك تتحول الادعاءات الحالية حول "تحقيق الاكتفاء الذاتي" إلى مجرد خطاب إعلامي لا تدعمه مؤشرات الإنتاج أو التوريد أو حجم الواردات.

 

تدمير المشروع الوطنى

ما يحدث اليوم هو محاولة لإحياء شعارات الاكتفاء الذاتي بعد تدمير المشروع الوحيد الذي اقترب من تحقيقه.

ووفقاً لمعظم المراقبين، فإن وقف خطة مرسي كان قراراً سياسياً واقتصادياً، فتح الباب مجدداً لهيمنة المستوردين والوسطاء، بينما ظل الفلاح المصري والمستهلك يدفعان الثمن من قوتهم اليومي.