تلقت حركة مجتمع السلم الجزائري (حمس) الشريك في البرلمان الجزائري على ما يبدو تهديدا لفظيا بعد أن أصدرت بيانا اعتبرت أن مشاركة الجزائر كممثل للعرب في مجلس الأمن بشكل سلبي مع مقترح أمريكي بنزع سلاح المقاومة في غزة، "لا ينسجم مع الثوابت التاريخية للدبلوماسية الجزائرية ولا يعكس نبض الشعب الجزائري المعروف بدعمه لفلسطين ورفضه للتطبيع" معتبرة أن ".. تصويت الجزائر مع القرار الأمريكي انحراف عن ثوابتها التاريخية، وتؤكد أن دعم المقاومة ورفض الوصاية الدولية هو الطريق الوحيد لحماية القضية الفلسطينية.".
واتسم رد السلطة في الجزائر بعدة سمات حيث شددت على أن السياسة الخارجية شأن محفوظ دستورياً لرئيس الجمهورية، وأنها قرار سيادي لا يخضع لضغوط حزبية أو شعبية.
وحمل البيان الرسمي نبرة أقرب إلى التهديد، إذ وصف الانتقادات بأنها "خرجات تفتقر للمعرفة" و"نزعات مقيتة"، وأكد أن الدولة لن تسمح بتسخير السياسة الخارجية في حسابات حزبية ضيقة.
وبررت السلطة تصويتها في مجلس الأمن بأنه انسجام مع المصلحة الوطنية والدستور، وأنه لا يتعارض مع دعم القضية الفلسطينية.
واتجهت السلطة المدعومة من الجيش لوصف الانتقادات بأنها محاولات لاستغلال القضية الفلسطينية لتحقيق مكاسب سياسية داخلية، أي أنها ليست مواقف مبدئية بل "سياسوية".
وثار جدلٌ بعد تصوّيت الجزائر، بصفتها عضوًا غير دائم في مجلس الأمن، لصالح القرار الذي تقدمت به الولايات المتحدة والمتعلق بترتيبات مرحلية في قطاع غزة
وقال ممثل الجزائر في الأمم المتحدة السفير عمار بن جامع: "الجزائر أدخلت تعديلات لضمان النزاهة والتوازن في مشروع القرار الأمريكي، وأن دعمًا عربيًا وإسلاميًا واسعًا وقف خلف النسخة النهائية.".
بيان (حمس)
وفي بيان لحركة مجتمع السلم (حمس) 18 نوفمبر 2025، تابعت الحركة تصويت الجزائر لصالح مشروع القرار الأمريكي بشأن غزة، واعتبرته وصاية دولية منحازة تفصل القطاع عن الوحدة الفلسطينية وتستهدف مستقبل المقاومة ونزع سلاحها.
وأكدت أن هذا التصويت لا ينسجم مع الثوابت التاريخية للدبلوماسية الجزائرية ولا يعكس نبض الشعب الجزائري المعروف بدعمه لفلسطين ورفضه للتطبيع.
وشددت الحركة في بيانها الذي وقعه الضابط السابق ورئيس الحركة عبدالعالي حساني شريف أن أي سلام حقيقي يبدأ بإنهاء الاحتلال ووقف الجرائم الصهيونية، وتمكين الفلسطينيين من حقوقهم الكاملة بما فيها حق المقاومة وإقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس.
ورفضت (حمس) أي مقاربة تقوم على تجريد المقاومة من سلاحها أو فرض وصاية دولية منحازة.
ودعت الدبلوماسية الجزائرية للتركيز على دعم فعلي منسجم مع مبادئ الثورة الجزائرية لاستعادة الثقة الشعبية والعربية في الجزائر كصوت حر ومدافع عن قضايا الأمة.
كما جددت دعمها الثابت للشعب الفلسطيني ومقاومته، مؤكدة أن فلسطين ستظل القضية المركزية غير القابلة للمساومة أو الابتزاز.
وقال رئيس الحركة السابق عبد الرزاق مقري "إن قرار مجلس الأمن الذي رحب به الص@اينة ورفضته الم@اومة قرار لتصفية القضية الفلسطينية، وهو هدية للاحتلال، وقد أظهرت الدول العربية تبعيتها المطلقة للولايات الأمريكية المتحدة ومناهضتها لحق الشعب الفلسطيني في الكفاح المسلح من أجل تحرير بلده كما ينص عليه القانون الدولي، إلى الحد الذي طلبت فيه هي نفسها من الروس والصين الامتناع عن استعمال حق الفيتو.
إن تصويت الجزائر على القرار مؤشر آخر، وهو الأهم، بأن السلطة الجزائرية تتجه نحو تغيير مواقف الدولة المبدئية التاريخية في هذا الشأن مما يدعو المتمسكين بالحق الفلسطيني الكامل للحيطة والاستعداد لدعم القضية ضمن ظروف ستكون أصعب مما مضى. ".
واعتبر تصدر الجزائر للتعبير عن القرار في مجلس الأمن باسمها وباسم غيرها سيخلد في التاريخ بشكل غير مشرف.
تشدد سلطوي
ووصف مراقبون بيان صادر عن وكالة الأنباء الجزائرية تضمن عدة ردود على الانتقادات الداخلية لموقف الجزائر في مجلس الأمن بشأن القرار الأخير حول غزة، واتسم بنبرة حادة أقرب إلى التحذير أو التهديد.
وقالت إن "لا أحد يمكنه فرض نزعاته أو أهواءه على الدولة الجزائرية." معتبرة أن "السياسة الخارجية مجال محفوظ لرئيس الجمهورية وفق الدستور، والجهاز الدبلوماسي هو المنفذ الوحيد لهذه السياسة".
وانتقد البيان المعارضين ووصفت الأطراف التي انتقدت الموقف الجزائري بأنها تفتقر للمعرفة بآليات العمل الدبلوماسي، وأنها تحاول استغلال القضية الفلسطينية لتحقيق مكاسب حزبية ضيقة"، معربة عن رفض الإدارة السلطوية "أي محاولة لتسخير السياسة الخارجية لأجندات حزبية لن يُسمح بها."!
الجزائر خذلتنا
الصحفي الفلسطيني (ياسين عز الدين) عبر عن أسفه للتصويت الجزائري مع القرار الامريكي وقال: "للأسف الجزائر خذلتنا وصوتت لصالح القرار الأمريكي في مجلس الأمن، والذي مر بأغلبية 13 صوتا وامتناع الصين وروسيا عن التصويت.".
وأضاف، "النظام الجزائري متخاذل مثل باقي الأنظمة ولا يختلف كثيرًا عن نظام السيسي، وكل الكلام عن الوقوف مع فلسطين ظالمة أو مظلومة مجرد شعارات فارغة سقطت عند أول اختبار.".
وأشار إلى أنه "ليس واضحًا حتى الآن تفاصيل القرار لكن مهما كان فشعبنا أقوى من كل مؤامرات العالم المتواطئ مع "إسرائيل.".
استعداد للتطبيع
وقال الصحفي الجزائري صلاح الدين مقري: "صدمة .. بعد بيان دول الخزي أمس المؤيد للخطة الامريكية التي تريد فرض ما عجز عن فرضه الاحتلال بالقوة والبطش ها هي الجزائر تلتحق بهم بنعم جديدة تعطي ضوءا اخضر نهائيا لاحتلال أمريكي جديد للمدينة الصامدة بغلاف وغطاء دولي رغم الالتماس والنداء الذي قدمته الفصائل الفلسطينية للجزائر بشكل خاص..إنا لله وإنا إليه راجعون".
وعبر عن توقعه في ضوء هذا الانجراف الرسمي " فلنستعد للتطبيع القسري الشامل ولنكن رجالا في مواجهته والله يتولى الصالحين.".
وكان قرار مجلس الأمن رقم 2803 بشأن غزة قد جرى اعتماده بأغلبية ساحقة (13 دولة مؤيدة، وامتناع روسيا والصين)، وبالتالي فإن تصويت الجزائر لم يكن حاسماً في تمريره. انتقاد حماس جاء من زاوية سياسية ورمزية أكثر من كونه اعتراضاً على النتيجة العملية، لأن القرار كان سيمر بغض النظر عن موقف الجزائر.
وهناك توجه عربي رسمي – مدعوم دولياً – يطرح فكرة نزع سلاح المقاومة الفلسطينية كجزء من ترتيبات ما بعد الحرب في غزة، لكن هذا الموقف ليس موحداً بين الشعوب والأنظمة. بعض الدول العربية أيدت مشاريع دولية تدعو لتسليم السلاح للسلطة الفلسطينية، بينما الشعوب والفصائل ترى أن ذلك يعني عملياً إنهاء المقاومة وتجريدها من أدوات القوة.
وفي أغسطس 2025، أصدرت 17 دولة بينها السعودية وقطر ومصر وتركيا بياناً يحث حماس على تسليم سلاحها للسلطة الفلسطينية، ضمن مؤتمر أممي لإحياء حل الدولتين.
ومن جانبها ترفض حماس والفصائل الفلسطينية أي بند يتعلق بنزع السلاح، وتعتبره مساساً بحق الشعب الفلسطيني في الدفاع عن نفسه. في حين يؤكد محللون أن نزع السلاح يعني عملياً تصفية المقاومة وتحويل غزة إلى منطقة تحت وصاية دولية على "المقاس الإسرائيلي".
وبعض الأنظمة العربية تدعم مشاريع التسوية الدولية، حتى لو تضمنت نزع السلاح، لأنها ترى في ذلك طريقاً للاستقرار الإقليمي بينما تعتبر الشعوب والفصائل السلاح جزءاً من الهوية الوطنية ووسيلة الصمود، وبالتالي ترى أن أي مشروع لنزع السلاح هو محاولة لتصفية القضية.
منشئ المحتوى وليد عبد الحي انتقد بشدة تصويت الجزائر لصالح مشروع قرار أمريكي في مجلس الأمن ينص صراحة على نزع سلاح المقاومة الفلسطينية.
وأشار إلى أن روسيا والصين على الأقل امتنعتا عن التصويت، بينما الجزائر اختارت التأييد رغم مناشدة الفصائل الفلسطينية لها بالرفض.
يرى أن القرار لا يضمن إقامة دولة فلسطينية واضحة المعالم (لا حدود 1967، لا القدس، لا وقف للاستيطان، لا قضية اللاجئين)، بينما يركز على تفكيك المقاومة واستبعادها سياسياً.
وصف الموقف الجزائري بأنه غير مفهوم سياسياً ويخالف التراث والخطاب السياسي الجزائري المعروف بدعم المقاومة.
اعتبره "بجعة سوداء" في الشرق الأوسط، أي حدث غير متوقع وصادم، وقال إنه لو كان سؤالاً في امتحان العلاقات الدولية لأجاب بورقة بيضاء.
✨ باختصار: وليد عبد الحي يرى أن تصويت الجزائر مع القرار الأمريكي كان مفاجئاً وصادماً، ويعني عملياً الانحياز ضد المقاومة الفلسطينية، وهو موقف لا يجد له تفسيراً سياسياً واضحاً.
وينص القرار الأميركي 2803 الذي صدر في نوفمبر 2025 ، على خطة من 20 نقطة لإنهاء الحرب في غزة ومن بين نصوصها وقف إطلاق النار، وإنشاء قوة دولية مؤقتة لتحقيق الاستقرار، وإعادة إعمار غزة، وإصلاح السلطة الفلسطينية، وتشكيل قوة شرطة فلسطينية مدربة.
والهدف المعلن هو إدارة مرحلة انتقالية في القطاع وضمان الأمن وإعادة البناء.
ورأت حماس أن القرار يفتح الباب أمام قوة دولية في غزة قد تحد من نفوذها العسكري والسياسي وكانت تتوقع من الجزائر موقفاً أكثر تشدداً ضد أي صيغة قد تقلص دور المقاومة في غزة.
ورغم أن تصويت الجزائر لم يكن له أثر عملي على صدور القرار، لكنه حمل دلالات سياسية حيث اختارت الجزائر أن تكون جزءاً من الإجماع الدولي، بينما حماس قرأت ذلك كابتعاد عن خط المقاومة.