أعلن عدد من البلديات فى قطاع غزة عن إطلاق حملة إعفاء من االضرائب والرسوم المالية تستهدف ذوي الشهداء من أصحاب الحِرف الذين استشهدوا خلال حرب الإبادة على قطاع غزة، إلى جانب الحرفيين الذين تعرضت منشآتهم للهدم أو القصف.
واعتبرت البلديات هذا الإعلان خطوة إنسانية في ظل الظروف الاستثنائية التي يمر بها أهالي القطاع ، وتقديرا لتضحياتهم ودورهم المجتمعي، وللتخفيف من عبء الالتزامات المالية عن العائلات التي فقدت معيلها، أو الذين فقدوا مصدر رزقهم.
ورغم أن القرار لا يعوّض الخسائر الكبيرة التي لحقت بالحرفيين وعائلات الشهداء، إلا إنه يمثّل نقطة انطلاق نحو دعم صمود المجتمع ومحاولة للتخفيف من آثار الأزمة، في وقت تبقى فيه الحاجة قائمة لمزيد من الخطوات الشاملة التي تعيد الحياة الاقتصادية والاجتماعية إلى مسارها الطبيعي خلال الفترة القادمة.
مصادر الرزق
من جانبه أعلن نبيل الصالحي رئيس بلدية النصيرات أن قرار إطلاق الحملة جاء بعد مشاورات مع أعضاء المجلس البلدي ورؤساء البلديات في المنطقة الوسطى، في ظل ما شهدته المنطقة من دمار واسع وخسائر اقتصادية غير مسبوقة.
وأضاف الصالحي فى تصريحات صحفية، أن النصيرات شهدت دمارا كبيرا في البنية التحتية ومناطق الحرف والأسواق الشعبية، ونتيجة ذلك فقد عدد كبير من الحرفيين أدواتهم ومعداتهم، مما أدى إلى توقف مصادر رزقهم بعد تدمير منشآتهم أو تعطلها بالكامل.
وأوضح أن نسبة الأسر التي أصبحت بلا دخل ثابت ارتفعت بشكل كبير، مما انعكس مباشرة على مستوى الدخل المحلي في المخيم، وزاد من معدلات البطالة، وضاعف الضغط الاقتصادي والاجتماعي.
وقال الصالحي إنه رغم الضائقة المالية التي تمر بها البلدية بسبب توقف الجباية نتيجة الحرب والعدوان، فإنها ما زالت تقف إلى جانب المواطنين للتخفيف عنهم من خلال المبادرات والإعفاءات والتخفيضات، وهي ماضية في توسيع حملاتها لتشمل فئات وقضايا أخرى.
صمود المواطنين
وقال محمد العصار رئيس قسم الحرف والصناعات في بلدية النصيرات إن هناك ضرر غير مسبوق طال القطاع الحرفي والتجاري في المنطقة، مؤكّدا أن البلدية تعمل وفق إمكاناتها لتخفيف العبء عن المتضررين.
وأضاف العصار فى تصريحات صحفية : تسوية مستحقات ملفات الشهداء وشمول 50 منشأة ضمن الحملة يمثّل واجبا مجتمعيا قبل أن يكون إجراءً إداريا، مشددا على أن هذه الخطوة تأتي دعما لصمود المواطنين، رغم إدراك البلدية أن الاحتياجات لا تزال تفوق بكثير حجم ما يمكن تقديمه في المرحلة الراهنة.
لمسة وفاء
وقال علاء الكيلاني، شقيق الشهيد بهاء الذي كان يملك مكتبا هندسيا وشمله إعفاء البلدية : هذه الخطوة تحمل "لمسة وفاء" لروح أخيه ولعائلته التي فقدت معيلها.
وأضاف الكيلانى فى تصريحات صحفية : قرار الإعفاء الرمزي منحنا شعورا بأن مؤسسات المجتمع لا تزال تقف إلى جانبنا في محنتنا وتبقى قيمته المعنوية أكبر من قيمته المادية، مشددا على أن فقدان الشهيد لا يعادله إعفاء ولا أي إجراء، لكنها خطوة تعيد شيئا من العدالة والإنصاف في واقع مثقل بالخسارات .
نافذة أمل
واعتبر إبراهيم أبو ظاهر مدير مطعم جنين أن هذه الخطوة المعنوية من قبل البلدية تشكّل دفعة قوية للنهوض من جديد، رغم الخسائر الباهظة التي مُني بها المطعم والتي قُدّرت بنحو 250 ألف دولار، شملت الآلات والماكينات والديكورات والثلاجات والأثاث وكل مقومات المشروع.
وقال أبو ظاهر قى تصريحات صحفية إن حجم الخسائر لم يترك لنا سوى الإيمان بضرورة البدء من نقطة الصفر، مشيرا إلى أن الإعفاء، رغم محدودية أثره أمام حجم الدمار، يفتح نافذة أمل صغيرة في طريق طويل من إعادة البناء.
وأكد أن ما ينتظره أصحاب المنشآت المتضررة ليس فقط التعويض المالي، بل الشعور بأن هناك من يساندهم ويدرك حجم الخسارة التي لحقت بأعمالهم ومستقبل عائلاتهم.
واجب اجتماعى
وأكد أيمن دويك رئيس بلدية البريج أن بلديته تسير على النهج ذاته، رغم عدم إصدار إعلان رسمي، موضحا أن البلدية أوقفت منذ بداية الأزمة جباية أي رسوم تتعلق بالمياه أو التراخيص بمختلف أنواعها سواء تراخيص المباني أو الحرف.
وقال دويك فى تصريحات صحفية إن البلدية أعلنت عن إعفاء كامل لأصحاب الحرف والصناعات من مستحقات العام 2024، ولا يزال هذا الإعفاء ساريا حتى اليوم، في إطار التخفيف عن المواطنين في ظل الظروف الاقتصادية والمعيشية القاسية.
وأوضح أن بلديته تعدّ هذا الإجراء واجبا اجتماعيا قبل أن يكون قرارا إداريا، انطلاقا من مسؤوليتها تجاه شريحة واسعة فقدت مصادر دخلها وتعاني تبعات الدمار الواسع في المنطقة.
وأكد المستشار القانوني لبلدية البريج فريد اللولو أن إجمالي الحرف والصناعات المسجلة والمرخصة لدى البلدية بلغت 1300 منشأة، دمّر جيش الاحتلال ما يزيد على 50% منها، سواء بالتجريف كون البريج منطقة ملاصقة للحدود مع الأراضى المحتلة من الشرق ومحور نتساريم من الشمال، أو بالقصف المباشر.
وكشف اللولو فى تصريحات صحفية أن خسائر البلدية نتيجة إعفاء المواطنين من رسوم هذه التراخيص بلغت ما يزيد على 120 ألف دولار.
رسالة تضامن
واعتبر محمد مصلح رئيس بلدية المغازي أن بلديته تسير على النهج ذاته الذي تبنّته البلديات المجاورة في دعم المتضررين، موضحا أن البلدية التزمت عمليا بعدم مطالبة المواطنين بأي مستحقات خلال فترة العدوان، سواء ما يتعلق بالمياه أو الرسوم الحرفية أو التراخيص المختلفة.
وشدد مصلح فى تصريحات صحفية على أن الأولوية اليوم هي حماية الفئات الأكثر هشاشة وتخفيف العبء المعيشي عن أصحاب الحرف الذين فقدوا مصادر رزقهم، مشيرا إلى أن هذه الإجراءات ليست مجرد إعفاءات مالية، بل رسالة تضامن ومساندة في وقت يحتاج فيه الناس إلى كل شكل من أشكال الدعم لتعويض الخسائر الجسيمة التي لحقت بهم.