في الوقت الذي بدأت فيه تركيا العودة إلى طاولة المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي بعقد قمة مرتقبة في 15 مرس الجاري؛ تسود حالة من الفزع بين إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي ينتمي إلى اليمين المتطرف الذي يهمين على الحزب الجمهوري الأصولى، إزاء الإصرار التركي على الحصول على نظام الدفاع الجوي الروسي “إس 400″؛ وقالت وزارة الخارجية الأميركية، الثلاثاء، إن الولايات المتحدة أوضحت لتركيا أنها إذا مضت قدماً في شراء النظام الروسي للدفاع الجوي، فإن واشنطن ستضطر لإعادة النظر في مشاركة أنقرة في برنامج الطائرة المقاتلة “إف-35”.
وأضاف المتحدث باسم الوزارة روبرت بالادينو، في تصريحات صحافية: “حذرنا تركيا بوضوح من أن شراءها المحتمل (لنظام الدفاع الجوي الروسي) إس-400 سيؤدي إلى إعادة تقييم مشاركة تركيا في برنامج المقاتلة إف-35، ويهدد احتمال تسليم أسلحة أخرى في المستقبل لتركيا”.
وجاءت تصريحات أكبر قائد عسكري أميركي في أوروبا، الثلاثاء، تعزز هذه المخاوف وتهدد تركيا بالحرمان من الحصول على مقاتلات إف 35 إذا أصرت على استلام نظام الدفاع الجوي الروسي؛ حيث أكد أنه سيوصي بألا تبيع الولايات المتحدة المقاتلة الحربية “إف-35″، التي تنتجها شركة لوكهيد مارتن، لتركيا، العضو في حلف شمال الأطلسي، إذا لم تصرف أنقرة النظر عن خطط لشراء نظام الدفاع الجوي الصاروخي من روسيا.

وأوضح الجنرال كيرتس سكاباروتي، قائد القوات الأميركية في أوروبا، في جلسة استماع للجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ: “نصيحتي العسكرية الأمثل ستكون ألا نمضي قدماً عندئذ فيما يتعلق بالمقاتلة إف-35”. وسكاباروتي هو أيضاً القائد الأعلى لقوات حلف الأطلسي في أوروبا. وأبرز مسؤولون أميركيون أن واشنطن ستسحب عرضها بيع نظام الدفاع الصاروخي باتريوت الذي تنتجه شركة رايثيون لتركيا إذا مضت أنقرة في شراء “إس-400”.
تصميم تركي
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد قال إن بلاده ملتزمة بشراء النظام “إس-400” الروسي، رغم تحذيرات الحلف الذي تقوده واشنطن من أن النظام لا يمكن دمجه في نظام الدفاع الجوي للحلف.
وقال وزير الخارجية التركي مولود جاووش أوغلو، في الأول من مارس الجاري، أن روسيا ستسلم أنقرة منظومة “إس 400” الصاروخية خريف العام الحالي. وأضاف جاووش أوغلو، خلال مشاركته في برنامج على “قناة 26” المحلية، أن هذه الصفقة “قطعية والتراجع عنها غير وارد”، موضحاً أن بلاده اتجهت للحصول على “إس 400” عقب العوائق التي حالت دون حصولها على منظومة باتريوت من حلفاء غربيين. وتابع “ما كان لنا أن ننتظر أكثر، نحتاج لحماية أجوائنا، فالأخطار تحيط بنا، بما فيها التهديدات الصاروخية”. وقال: “مؤخراً، وبعد عامين من إرسالنا طلب شراء باتريوت، جاءنا أول رد إيجابي، وتحدث الأميركيون عن استعدادهم لبيع المنظومة، وبدأت المباحثات بالفعل. يهمنا في هذا الإطار ثلاثة أمور: السعر، ومدة التسليم، وإمكانية الإنتاج المشترك أو نقل التقنية مستقبلاً”.
ووقعت تركيا نهاية العام 2017 اتفاقية مع روسيا في أنقرة لشراء منظومة دفاع صاروخي “إس 400″، حيث أصبحت تركيا بذلك ثاني دولة تشتري المنظومة من روسيا.
بدوره، أعلن مدير الهيئة الفيدرالية الروسية للتعاون العسكري التقني، دميتري شوغايف، في 6 فبرايرالماضي، أن موسكو قد تزود أنقرة بمنظومات صواريخ “إس 400” (تريومف) بحلول الخريف المقبل. وقال شوغايف، في حوار مع صحيفة “كوميرسانت” الروسية: “تتجاوز حقيبة طلبيات تركيا اليوم مليار دولار، وكما تعلمون، تم التوقيع على عقد إس-400 في عام 2017. وقد قدمنا موعد التسليم مرتين، وسيتم الوفاء بالالتزامات بحلول خريف 2019”. وأشار إلى أن العقد المبرم مع أنقرة ينص أيضاً على التعاون التكنولوجي، مؤكداً استعداد موسكو لنقل تصنيع بعض عناصر “إس-400” إلى تركيا، دون تسليم أي تكنولوجيا “حساسة”، على حد تعبيره.
وتردد في وقت سابق أن العقد المبرم بين روسيا وتركيا يقتضي توريد أربع كتائب “إس-400” بقيمة 2.5 مليار دولار. وتعتبر “إس-400” أحدث منظومة للدفاع الجوي في العالم، وهي قادرة على اعتراض كافة أنواع الطائرات والصواريخ المجنحة والباليستية التي تصل سرعتها إلى 4800 متر في الثانية وتحلق على ارتفاعات تصل إلى 27 كيلومتراً.
عودة الحوار التركي الأوروبي
في سياق مختلف؛ تعود تركيا إلى طاولة المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي، بعد 4 سنوات من الانقطاع، مع انعقاد القمة التركية الأوروبية في بروكسل في 15 من الشهر الجاري، لمناقشة ملفات عديدة مهمة، وفي وقت استراتيجي للطرفين، خاصة تركيا. ونقلت وكالة “الأناضول” الرسمية التركية، عن مصادر دبلوماسية، أن “مجلس الشراكة” التركي الأوروبي، وهو أعلى هيئة لصنع القرار بين بروكسل وأنقرة، سيعقد اجتماعا في 15 مارس الجاري، بعد توقف دام نحو أربع سنوات.
ويترأس الوفد التركي وزير الخارجية مولود جاووش أوغلو، في حين ستترأس الوفد الأوروبي مفوضة الأمن والسياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي فيديريكا موغريني. كما سيشارك في الاجتماع المفوض الأوروبي المكلف بسياسة الجوار والتوسع يوهانس هان.
وسيبحث الجانبان المسائل الإقليمية، والعلاقات الثنائية بشكل موسع، منها إلغاء تأشيرات الدخول، وتحديث الاتحاد الجمركي، والمرحلة التي تم التوصل إليها في مسار مفاوضات انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي، والتعاون في مكافحة الإرهاب. ويكتسب الاجتماع أهمية بالغة لعدة اعتبارات، أهمها أنه سيجري قبل إجراء انتخابات الإدارة المحلية في تركيا، الأمر الذي قد يزيد من شعبية حزب العدالة والتنمية الحاكم، وخاصة في ظل التوقعات بالخروج بنتائج إيجابية، ما يؤثر كعامل خارجي على الانتخابات التي تجري في 31 من الشهر نفسه.