يدخل الصراع بين المقاومة الفلسطينية في غزة والاحتلال الصهيوني، اليوم 30 مارس، الذكرى الـ43 ليوم الأرض للشعب الفلسطيني، مرحلة حاسمة، قد تنتهي إلى حرب رابعة وعدوان يشنّه الاحتلال على غزة؛ بسبب رفض المقاومة “الفتات” الذي يقدمه الاحتلال عبر الوسيط المصري الذي ينقل التحذيرات الصهيونية للمقاومة، في صورة “تسهيلات” لا تؤدي عمليا لما تطالب به المقاومة، وهو رفع الحصار.
مسار المليونية اليوم على حدود غزة مع المستوطنات الصهيونية قد يحدد إلى حد بعيد مستقبل الموقف؛ إما حرب شاملة رابعة وعدوان جديد ضد غزة يربك الصهاينة؛ بسبب أسلحة المقاومة الجديدة، ويؤجل انتخابات الكنيست، أو مظاهرات عادية تنتهي إلى هدوء حال استجاب الاحتلال لمطالب المقاومة.
وتنوي فصائل المقاومة اليوم تنظيم مسيرة زحف مليونيه عبر الحدود مع دولة الاحتلال، في الوقت الذي تطالب “اسرائيل” مجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة بإدانة “حماس” قبل أن تنفذ نواياها بالقيام بمسيرة الأرض لتذكير العالم بجرائم الاحتلال ونهبه الأرض المحتلة.
صفقة القرن
وتأتي أهمية مليونية الأرض، اليوم، في أنها رد على المخططات التي ينفذها اللوبي اليميني المسيحي المتطرف في إدارة ترامب والمتمثلة في السعي للاستيلاء على مزيد من الارض العربية المحتلة وإعطائها للاحتلال، فيما يسمي صفقة القرن التي ستعلن شهر أبريل 2019، ما يؤكد أن هذه الصفقة لن تمر على أجساد المقاومين الفلسطينيين.

الساعات القادمة حاسمة
وقبل انطلاق المسيرة أكد رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية أنهم في الشوط الأخير في الحوارات مع مصر (كوسيط مع الاحتلال) وأنه في ضوء رد الاحتلال على مطالب حماس برفع الحصار سيتحدد مسار مليونيه العودة والأرض وشدد على أنهم “مستعدون لكل السيناريوهات وكل البدائل” في إشارة لاستعدادهم للحرب التي يهدد بها نتنياهو.
وتطالب حماس بوقف العدوان على غزة وإدخال المساعدات الإنسانية وتنفيذ المشاريع وفتح المعابر والصيد ومشاريع التشغيل ومعالجة القضايا المزمنة، كالكهرباء وغيرها، من وسائل إنهاء حصار قطاع غزة فيما يعرض الاحتلال فقط بعض تسهيلات قليلة دون كافة المطالب.
3 ألوية للإرهاب
وفي سبيل إرهاب غزة حشدت تل أبيب 3 ألوية على الحدود استعدادًا لحرب محتملة ولتهديد الفلسطينيين ولكن المقاومة لا تأبه لذلك ومستمرة في الضغط؛ لأن المقاومة تدرك أن هذه الفترة (من مسيرة العودة حتى الانتخابات الصهيونية للكنيست الـ21 في 9 أبريل المقبل) هي فرصتها للضغط على الصهاينة لتقديم تنازلات بحسب “صحيفة معاريف”.
وذكر موقع “والا” الصهيوني، اليوم الجمعة، أن الفصائل الفلسطينية بقطاع غزة، رفضت وقف المسيرات والتظاهرات على حدود قطاع غزة، مقابل التسهيلات التي عرضتها إسرائيل.
وقال الموقع إن الفصائل بغزة، وافقت على المقترح الإسرائيلي بوقف البالونات المتفجرة، لكنها عارضت وقف التظاهرات، وأصرت على مطلب تخفيف الحصار عن غزة.
وبحسب الموقع، أخبرت الفصائل الوفد الأمني المصري، ردها على المطالب الإسرائيلية، وأكدت عدم قبولها بوقف المظاهرات بكافة أشكالها، قبل رفع الحصار عن القطاع.
وأضاف أن الفصائل طالبت بعدة خطوات لتخفيف الحصار عن قطاع غزة، منها: زيادة عدد المشاركين في البرامج التشغيلية للأمم المتحدة لـ40 ألف عاطل، وتوسيع مساحة الصيد، وزيادة عدد تصارح العمل في إسرائيل، وتطوير شبكة الكهرباء، وتقديم تسهيلات في الاستيراد والتصدير، وإدخال الأموال القطرية.
وأشار الموقع إلى أن الفصائل الفلسطينية، والوفد الأمني المصري، ينتظرون الرد الإسرائيلي على هذه المطالب.
نقطة ضعف
يقول المحلل العسكري الصهيوني “طال ليف رام” بصحيفة معاريف”، 29/3/2019 إن الفترة الزمنية الممتدة من يوم الأرض [30 مارس] وحتى يوم الانتخابات الإسرائيلية [9 أبريل] وهي فترة قصيرة، تعتبرها “حماس” فرصة للتوصل إلى إنجازات مهمة في كل ما يتعلق بتخفيف الحصار على غزة.
وأشار إلى أن الجيش الصهيوني يراقب الحوار الدائر في الحركة بشأن اعتبار الانتخابات في إسرائيل نقطة ضعف يجب استغلالها، ويبدو أن “حماس” تضغط على إسرائيل فعلاً عشية الانتخابات وتشد الحبل حتى نهايته.
ويقول المحلل الصهيوني إن فعاليات الإرباك الفلسطينية لسلطة الاحتلال عبر الحدود (إطلاق بالونات مشتعلة وارباك ليلي علي الحدود بقطع السلك الشائك أو وضع متفجرات ومظاهرات) في الأيام العشرة المقبلة من شأنه أن يؤثر في نتائج الانتخابات الصهيونية (آخر الإحصاءات تشير لخسارة نتنياهو وأن كان متوقعا تشكيله حكومة مع ذلك مع الاحزاب الدينية اليهودية).
وترغب حكومة نتنياهو في عدم تقديم أي تنازلات لحماس تؤثر عليها في الانتخابات وتري أن من مصلحة إسرائيل نقل المشكلة إلى الحكومة المقبلة التي ستأتي عقب الانتخابات، وفي مقابل ذلك، “حماس” تريد التغيير منذ الآن، حتى ولو أدي الامر لمواجهة عسكرية يعتقد الجيش الإسرائيلي أن “حماس” لا تريدها.
توازن ردع
وما يقلق الصهاينة هو أن حماس نجحت في فرض توازن ردع مع الاحتلال وباتت قادرة على الرد على أي قصف بقصف مقابل، ما جعل مشكلة الردع في غزة معضلة للصهاينة، الذين يردون على قصف المقاومة ولكن بشكل دعائي وتدميري للمنشأت أكثر منه مؤثر على قدرات المقاومة.
وليس من الواضح بعد كيف ستنتهي جهود الوساطة المصرية، ولكن في جميع الأحوال من المتوقع وصول عشرات الآلاف من الغزّيين إلى الجدار، السبت 30 مارس.
وما سيحدد سلوك “حماس” وهؤلاء الالاف على الجدار الحدودي هو نتائج المفاوضات التي تجري حاليا، وهل ستحاول حماس منع الاقتراب من السياج حال استجاب الصهاينة لشروطها؟ أم أنها ستعطي ضوءاً أخضر إلى آلاف المتظاهرين للاقتراب من السياج الحدودي في ظل احتمال وقوع عدد كبير من القتلى، ومن ثم المزيد نحو تصعيد أمني كبير قد يصل للحرب الشاملة.
ويتخوف الجيش الصهيوني من حدوث حالات اختراق جماعي، للحدود الفاصلة مع قطاع غزة، خلال المسيرة المليونية، التي ستعقد في ذكرى يوم الأرض، أو القيام بقنص جنود الجيش الإسرائيلي خلال هذه التظاهرات.
وحتى لو نجحت مساعي الوساطة المصرية في التوصل إلى تسهيلات معقولة للمقاومة، فإن إحياء يوم الأرض سيجري، والغضب الشعبي سيستمر لأن الشعب الفلسطيني لم يعد يقبل الفتات ويريد رفع كامل للحصار وحياة امنة وكريمة وإنما فهو لن يخسر الكثير لو اندلعت حرب رابعة.
6 أمور حاسمة
يقول المختص بالشأن الفلسطيني في صحيفة “يديعوت أحرنوت”، اليؤور ليفي، إن الظروف الحالية غير مناسبة إسرائيليًا لشن عملية عسكرية موسعة على قطاع غزة.
ويعدد “ليفي” الأسباب التي تجعل سلطة الاحتلال يقفون في حيرة بشأن توسيع العمليات العسكرية في قطاع غزة، من بينها:
1- الانتخابات الإسرائيلية.
2- عدم الانتهاء من بناء الجدار التحت أرضي لاعتراض الأنفاق الهجومية.
3- ستؤدي العملية إلى إلغاء مسابقة الأغنية الأوروبية في “إسرائيل”.
4- اقتراب موسم العطلات ودخول الربيع.
5- الظروف الجوية في غزة ليست مثالية للحرب.
6- فقدان عنصر المفاجأة.