السيسي يتفوق على “يوتوبيا” أحمد خالد في طحن المصريين بالفقر

- ‎فيتقارير

تحولت مصر في ظل انقلاب السفيه عبد الفتاح السيسي إلى طبقتين: الأولى بالغة الثراء والرفاهية، وهي “يوتوبيا” التي كتب عنها الروائي الراحل الدكتور أحمد خالد توفيق، أو العاصمة الإدارية الجديدة المحاطة بسور ويحرسها جنود من شركات أمنية خاصة أو ربما جنود أمريكان من المارينز، والثانية فقر مدقع وتعيش في عشوائيات ويتقاتلون من أجل الطعام، والرواية التي كتبها “توفيق” لا تبتعد عن الواقع المأساوي الذي يعيشه المصريون اليوم.

رواية “يوتوبيا” تحكي قصة شاب غني يريد أن يتسلى ويقوم بمغامرة لكسر ملل الحياة ورتابتها، وهي صيد إنسان فقير من سكان شبرا، واللعب به مع أصحابه للحصول على متعة ثم قتله والاحتفاظ بجزء من جسده على سبيل الفخر، وهي من الهوايات الجديدة للأغنياء الذين يعيشون في يوتوبيا التي تشكل عالم الأغنياء، فهل يختلف خيال الكاتب عما يجري من غلاء أسعار وانهيار اقتصادي وجرائم خلَّفها الانقلاب؟.

وليس بعيدا عن يوتوبيا التي رآها الدكتور أحمد خالد توفيق، رفع الدعم الكامل خلال سنة عن كل شيء تقريبا.. الكهرباء والماء والبنزين، يعني أن ١٠٠٪ ستكون تكلفة المعيشة أكبر من الدخل بالنسبة للقطاع الأكبر من الشعب، ثانيا تقليل نسبة موظفي الحكومة، وهذا طلب صندوق النقد من حكومة الانقلاب التي لا ترفض له طلبا، بمعنى تسريح ما يقرب من ٣ إلى 4 ملايين موظف حكومي بشكل أو بآخر خلال عدة سنوات.

ثالثا سيواجه المصريون الشح المائي؛ لأن إثيوبيا ماضية في ملء خزان سد النهضة، وفي كل الأحوال سيقع المصريون ما بين كارثة جفاف كامل أو كارثة مخففة بجفاف محدود، لأنه في كل الأحوال خزانات السد ستمتلئ وستتأثر مصر، والمفاوضات الآن على تخفيف آثار الجفاف.

رابعا يواجه المصريون تحرير الأسعار، بمعنى أن أسعار الأدوية والسلع الأساسية يتم تركها لتوحش السوق، وبالتالي لا يعرف أحد وضع سقف للأسعار، وسيكون الوصول للعلاج بالنسبة لمحدودي الدخل مغامرة كبيرة.

خامسا سيجد المصريون أنفسهم وجها لوجه أمام التعليم الخاص والجامعي، وهو ما سيتوفر للأغنياء فقط، وستتجه سلطات الانقلاب إلى تفريغ الوفرة من الطلبة الجامعيين، وستقوم بتوجيه الشباب الأمي وشبه الأمي بالسخرة إلى المصانع والمشاريع الرأسمالية، التي تحتاج إلى عمالة رخيصة.

سادسا سيصطدم المصريون بالعلاج على نفقة الدولة والتأمين الصحي، وسيتم تخفيضه تدريجيا بجملة التحولات، وسيكون أمل الموظف أن يشترك في تأمين صحي خاص، ومن لم يجد فالطريق مفتوح للأعشاب والطب الصيني والخرافة، أما في رواية يوتوبيا فالأغنياء يحتكرون كل شيء، ويفاخر بطل الرواية بأبيه أحد رجال الأعمال الفسدة، محتكر صناعة الدواء، والذي لا يمكن تعاطى قرص إسبيرين في أي موضع في مصر إلا عن طريقه.

وعن إسرائيل، لك أن تتصور أنها افتتحت قناتها التي صارت بديلا جاهزا لقناة السويس، والإسرائيليون هم أعز الأصدقاء الذين يعيشون في يوتوبيا، والدول الخليجية نضب بترولها وطردت العمالة المصرية، وأعفت الدولة نفسها من أي خدمات تقدمها وخصخصت كل شيء.

هكذا تكوَّن مجتمعان في مصر أو شعبان كما تنبأ الفنان علي الحجار بعد انقلاب 30 يونيو 2013، أحدهما يملك كل شيء والآخر لا يملك شيئًا، هذا الآخر هو مصر الحقيقية التي لن تجد الأكل أو السكن أو العلاج، وسيكون المترو وبقاياه من مظاهر الحياة وملصقات شبكات المحمول التي توقفت عن العمل، والكهرباء التي توقفت، وسيكون أفضل ما في مصر عدم وجود كلاب ضالة أو غير ضالة، حيث إن الناس الفقراء- الأغيار كما تعرفهم الرواية- سوف يصطادونها للطعام، وهذا هو أفضل طعام لهم، والكتب سوف تجدها في القمامة فهي أشياء لم تعد تباع.