في واقعة تثبت خوف قائد الانقلاب السفيه عبد الفتاح السيسي من المساءلة في حالة تمكن المصريون من إسقاط الانقلاب، أو حتى في حالة تم الانقلاب عليه من داخل المؤسسة العسكرية، وذلك عن الجرائم والمذابح التي ارتكبها، أقر برلمان الدم مشروع قانون تقدمت به العصابة تُمنح بموجبه حصانة وامتيازات لعدد من جنرالات 30 يونيو، تزامن ذلك مع قيام محكمة بالعاصمة الماليزية كوالالمبور بتوجيه أربع تهم رئيسية لرئيس الوزراء السابق نجيب رزاق في قضية اختلاس وفساد بملايين الدولارات.
وربما توترت أمعاء السفيه السيسي وارتعدت فرائسه، وهو يرى دولة بحجم ماليزيا يساق الفسدة فيها وهم في أعلى هرم السلطة إلى التحقيق والقضاء للمحاسبة على الفساد، بل في دولة أخرى مثل تركيا يساق الانقلابيين إلى السجن في انتظار محاكمات حاسمة تحاسبهم على إجرامهم في حق الشعب، ويهدف السفيه السيسي من وراء هذا القانون إلى تحصين قادة الانقلاب قضائياً من مسؤولية الجرائم التي ارتكبت بحق المعتصمين السلميين؛ إلى جانب معاملتهم معاملة الوزراء.
السيسي وعبد الرزاق
ويشعر المصريين بالأمل من الأخبار التي تأتيهم من تركيا ومن ماليزيا ومن البلاد التي تحاكم وتحاسب الفسدة، ومثل عبد رزاق اليوم الأربعاء أمام المدعي العام للعاصمة الذي أحاله “لجسامة الاتهامات” إلى المحكمة العليا وهي أعلى سلطة قضائية بالبلاد، ويختلف القضاء الماليزي عن القضاء في مصر، فالأول قضاء وطني غير مخترق من السلطة الحاكمة، ولا ينفذ إليه أبناء الجنرالات ومحاسيبهم، أما القضاء في مصر فهو مثل الجبن القديم الذي أصابه العفن وترتع فيه ديدان الانقلاب.

ووجه المدعي العام لرزاق أربع تهم، ثلاث منها تتعلق بخيانة الأمانة، والرابعة تتعلق بقبوله رشوة بقيمة 10 مليون دولار، وتصل عقوبة كل من هذه التهم إلى السجن لمدة 20 عاما، وبعيد مغادرته السلطة كشفت الشرطة في مايو أنها صادرت مئات الصناديق التي تحتوي على حقائب يد فاخرة ومليئة بالأموال والمجوهرات، وذلك خلال عمليات دهم في إطار تحقيق بقضية اختلاس أموال بحق نجيب الذي كان رئيسا للوزراء من 2009 إلى 2018.
ودفع نجيب رزاق ببراءته من ثلاثة اتهامات جنائية بخيانة الأمانة وتهمة واحدة باستغلال السلطة، وتصل عقوبة كل من الاتهامات الأربع إلى السجن لما يصل إلى 20 عاما، وعقوبة تهمة استغلال المنصب من أجل التربح والكسب غير المشروع هي غرامة لا تقل عن خمس مرات من قيمة الأموال المختلسة من صندوق التنمية الماليزي.
وقال المدعي العام تومي توماس: “قمت باستغلال موقعك كمسئول عام، حين كنت رئيسا للوزراء ووزيرا للمالية، لإرضاء الذات بما إجماليّه 42 مليون رينغيت”، وكانت السلطات ألقت القبض على نجيب في منزله أمس الثلاثاء، بعد أقل من شهرين من هزيمة غير متوقعة من تحالف يقوده مهاتير محمد، معلم نجيب الذي تحول إلى خصم له.
من ماليزيا إلى مصر
وظهر الرز السعودي في تحقيقات هيئة مكافحة الفساد في ماليزيا، ودوت فضيحة تلقي نجيب عبد الرازق رشاوى من أمراء سعوديين، واستجوبت هيئة مكافحة الفساد في ماليزيا، وزير الداخلية السابق أحمد زاهد حميدي، في سياق تحقيق موسّع في قضايا فساد وغسيل أموال، بشأن اعتراف له يعود إلى عام 2015، بتلقي نجيب عبد الرزاق تبرعات من أمراء سعوديين بقيمة 700 مليون دولار.
ومن ماليزيا إلى مصر، وتحديداً في عام 2015 أذاعت قناة مكملين المعارضة للانقلاب تسريبات صوتية من داخل مكتب السفيه السيسي، تحدث فيها الجنرال ومدير مكتبه عن الأموال الخليجية التي توالت على العصابة عقب القيام بالانقلاب العسكري على الرئيس محمد مرسي في الثالث من يوليو عام 2013.
التسريبات تظهر وبقوة دعم الخليج للجنرالات في عصابة الانقلاب عن طريق ضخ الأموال إليهم والمعونات البترولية لسد عجز الطاقة في مصر، الأمر الذي تحدث عنه الجنرال ومدير مكتبه وفندوه بالأرقام من الدول الخليجية التي قامت بتقديم تلك المساعدات المالية وعلى رأسها المملكة العربية السعودية يليها الإمارات العربية المتحدة ودولة الكويت، ما يُظهر وبقوة ضلوع هذه الدول في الانقلاب العسكري الذي قام به الجنرال بلحة، وأنهم مثلوا ظهير اقتصادي له عقب الانقلاب على الرئيس المنتخب محمد مرسي.
ويكشف التسريب عن حجم ما قدمته الدول الخليجية كدعم مالي مباشر لعصابة الانقلاب، بلغ أكثر تقريبا 40 مليار دولار وفق تقديرات السفيه السيسي ومدير مكتبه أي ما يعادل عجز الموازنة المصرية تقريبًا رغم ذلك استمر الجنرال وحكومته في الشكوى من عجز الموازنة والنقص في المواد البترولية مع وجود دعم بترولي خليجي أيضًا ليطرح التساؤلات عن مصير تلك الأموال الخليجية التي ما زالت ترسل إلى الجنرالات الذين يطالبون في هذا التسريب باستمرارها حتى ولو بدون ظهور إعلامي لها، فهل يأتي اليوم الذي يحاكم في السفيه السيسي وباقي أفراد عصابته على القتل والفساد والتخريب، وترى مصر أيام سعيدة مثل ماليزيا؟