من جديد فجّر برلمان الدم، الذي تهيمن على كراسيه المخابرات الحربية، مشروع قانون عن "الزواج العرفي"، وأثار الجدل والإلهاء معًا بين من يراه ضرورة للحفاظ على حقوق المرأة ومن يراه خلطًا بين مسميات الزواج المختلفة، إلا أنَّ أحدًا من نواب العسكر لم يتطرق إلى استحالة الزواج أصلًا في ظل الأوضاع الاقتصادية الكارثية في مصر.
وشاركت الدكتورة آمنة نصير، أستاذ العقيدة بجامعة الأزهر، في حفلة الإلهاء التي فجّرها برلمان الدم، وقالت إن مشروع القانون الجديد يهدف إلى الحفاظ على حقوق المرأة وأولادها، بعدما تعددت حالات الشكوى جراء مثل هذه الزيجات.
وفي المقابل، شارك عدد من علماء الأزهر في حفلة الإلهاء بالرفض، ومن بينهم محمود مزروعة، الأستاذ بجامعة الأزهر، الذي يرى أن الزواج له شروط متى تحققت فيه فهو صحيح، بصرف النظر عن مسمّاه وتوثيقه من عدمه.
العجيب أنَّ الانهيار الاقتصادي الذي أمعن فيه جنرال إسرائيل السفيه السيسي، جعل خيار الزواج الرسمي الموثق بعيد المنال، وأجبر الشباب على الاحتيال وسلك طرق أخرى مُحرمة.
خبراء أجانب
ويأتي هذا بينما تعيش مصر على وقع أزمات اقتصادية متتالية، من ارتفاع أسعار السلع والخدمات، وتغول الدولار على الجنيه المصري، وعجز حكومة الانقلاب عن توفير السلع الأساسية والأدوية، رغم ما اتخذته من خطوات بتعويم الجنيه، وتخفيض الدعم، ورفع أسعار الوقود.
ولا يكف مطبخ اشتغالات العسكر عن ضخ وجبات "سبايسي" ساخنة للأبواق والأذرع الإعلامية، ويرى مراقبون أن الجهة التي تتحكم في وعي المصريين هي جهة مصرية محكومة ومقادة من الخارج، مؤكدين أن خبراء غسل أدمغة من دول أجنبية يعملون مع قائد الانقلاب وحوله، بل ويقودونه في هذه الأمور بخبرات عالية.
من جهته، دعا الإعلامي حازم غراب المصريين إلى عدم الانسياق خلف إعلام الانقلاب، وطالب إعلام المعارضة بأن "يضع له ثوابت؛ على رأسها فضح من يرتكبون هذه الكبيرة وغيرها من الكبائر، والاستعانة بفريق استراتيجي من أصحاب الخبرة والبصيرة".
وقال الكاتب الصحفي عماد ناصف: "إن من يقوم بتزييف وعي المصريين وتوجيههم بعيدًا عن أزماتهم ليست جهة معروفة أو مؤسسة بعينها، بل جهة غير معلنة تخطط للسلطة خطابها الإعلامي وتوجهه وتقوده".
صناعة الإلهاء
ويقول الكاتب الصحفي قطب العربي: إن "الأنظمة العسكرية الديكتاتورية كلما تصاعد الغضب الشعبي ضدها، وكلما مرت بأزمات لا تجد لها حلا، فإنها تعمد إلى سياسة إلهاء الشعب؛ لتصرفه عن قضايا رئيسية من غلاء وبطالة وفقر"، مشيرا إلى أن "الانقلاب يستثمر أحداثًا فعلية، ويصطنع أحداثًا ويضخمها عبر أذرعه الإعلامية لتصبح حديث الناس".
وأشار إلى "سماح الانقلاب لبعض الأراجوزات ليصطنعوا أحداثًا وهمية لتفرغ شحنات الغضب بعيدا عن السلطة، ومنها حادث النوبة الذي اتخذه لإلهاء الشعب وإيهامه بادعاء كاذب بأن مخاطر أمنية تهدد وطنه وتتطلب التكاتف خلف حكومته".
وأكد العربي أنه "يجب على الإعلام المستقل أن يكشف زيف هذه المحاولات، ولا ينساق خلفها ويصبح جزءا منها، بل إن عليه أن يعيد الناس للتركيز على قضاياهم وقضايا الوطن وعدم الانجرار خلف الألاعيب السلطوية المكررة".
