يُدرك كل من يتابع تفاعلات هاشتاج "أطباء مصر غاضبون" أنَّ بركانًا يوشك أن ينفجر، وبدلا من أن تبحث عصابة الانقلاب مشاكل الأطباء وتعالجها بحكمة وشفافية، وضعت أصابعها في أُذنها واستغشت ثيابها، وابتعدت عن الحق واستكبرت استكبارًا، وتصوّرت أنها بذلك تكون قد حلّت المسألة، وهو تصرف كان متوقعًا ويليق بعصابة يقودها جنرال جاهل وأحمق في الوقت نفسه.
واستهدف العسكر منذ الغدر بالرئيس الشهيد محمد مرسي وانقلاب 30 يونيو 2013، قتل الأطباء واعتقالهم؛ لدورهم في علاج المتظاهرين إبان ثورة 25 يناير، ثم دورهم في علاجهم مرة ثانية أثناء مجازر العسكر بعد الانقلاب، وأبشعها كانت في رابعة والنهضة.
لا حرمة للطب!
ودشّن أطباء مصر هاشتاج "أطباء مصر غاضبون"، مطالبين بتحسين أوضاعهم، وقال الأطباء: "عشان كل اللي ماتوا، واللي هايموتوا لو سكتنا ومتكلمناش.. عشان الدكتورة سارة اللي ماتت بسبب الإهمال، وغيرها هايموتوا لو سكتنا.. معا من أجل حياة كريمة لكل الأطباء والعاملين بالمجال الطبي، معا من أجل تقدير من سهروا وتعبوا ليرفعوا من قيمة أوطانهم وأوطانهم لا تقدرهم".
الاعتداءات على الأطباء أصبحت متكررة بعد انقلاب جنرال اسرائيل السفيه السيسي، وتتراوح في مدى شدتها، إذ أوضح المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، في تقرير سابق له، أن 85 حالة اعتداء شهدتها المستشفيات الحكومية في مصر أسفرت عن 53 إصابة لمقدمي الخدمات الطبية.
نقابة الأطباء أوضحت في تصريحات سابقة، أن العديد من الأطباء يشكون قيام بعض أقسام الشرطة بتوصيف الاعتداء باعتباره مشاجرة، وقيام قسم الشرطة بحجز الطبيب مع المعتدين لحين عرضهم على النيابة.
وطالبت وزارة الداخلية بتفعيل شرطة تأمين المستشفيات ودعمها حتى تقوم بواجبها بشكل فعال في جميع المنشآت الطبية الحكومية والعاملين بها، مشددة على اتخاذ الإجراءات اللازمة نحو إرسال تعليمات لجميع مديريات الأمن وشرطة النجدة بسرعة الاستجابة لأي بلاغ من أي منشأة طبية.
وطالبت بأن يتم توصيف الاعتداء باعتباره اعتداء على منشأة حكومية أو الاعتداء على موظف عام أثناء تأدية عمله، وفي 2016 اعتمدت حكومة الانقلاب، مبلغ ١٦ مليون جنيه لشراء منظومة كاميرات المراقبة المتفق عليها مع مديرية أمن القاهرة لتثبيتها داخل المستشفيات، لتفعيل إجراءات تأمين المستشفيات الحكومية بنطاق محافظة القاهرة كمرحلة أولى.
غير أن هذه الإجراءات لم تدخل حيز التنفيذ بشكل فعال، إذ دمَّرت أسرة مريض جلطة قلبية توفي أثناء تدخل علاجي لعمل قسطرة له، إحدى غرف معهد القلب بإمبابة الذي أسفر عن تلفيات بمبالغ طائلة تعدت المليون جنيه، بعدها طالبت نقابة الأطباء، بسرعة إصدار قانون بتغليظ عقوبة الاعتداء على المستشفيات أسوة بالدول الأخرى، وإيقاف التصالح في قضايا الاعتداء على الأطباء.
الإهانة والتعذيب
من جهتها قالت الطبيبة والمهتمة بالشأن الطبي بمصر، هند الشافعي: "الجميع يعلم بمعاناة شريحة الأطباء، وقد عايشتها فترة ليست بالقصيرة في مصر، من تردٍ للرواتب والعائد المادي وقلة الاحترام والتقدير من بعض الدوائر حتى على الصعيد الأمني والمهني اليومي".
وكشفت عن تعرض الأطباء إلى ضغوط نفسية كبيرة، قائلة: "من الناحية الأمنية، الأطباء ومن يعمل في المجال الطبي هم الأكثر عرضة للإهانة والتعذيب والاعتقال والاعتداء من قبل الشرطة، التي يفترض بها حماية القانون".
واتهمت الشافعي الحكومة بالإهمال في مجال الارتقاء بقطاع الصحة، قائلة: "من ناحية أخرى لا يوجد حرص إطلاقا من الحكومة على حياة الأطباء من حيث تأمين المستشفيات والمراكز الصحية، وتوفير والنظافة والتعقيم وبدل العدوى بشكل لائق".
واستدركت بالقول: "لو جئنا على ذكر الرواتب فحدّث ولا حرج عن جنيهات لا تكفي قوت يومهم، حتى إن بدل عدوى الأطباء لا يتعدى الجنيهات المعدودة، على الرغم من أنهم هم أكثر الناس عرضة للعدوى نظرا لطبيعة عملهم".
