إلى أسوأ سيناريوهات الأزمة يمضي أطراف الصراع اليمني في حرب مفتوحة على كافة الجبهات، يمنٌ شمالي وآخر جنوبي، حكومة في صنعاء ومجلس انتقالي في عدن ورئاسة في الرياض .
مشهدٌ يزداد تعقيدًا بعد سقوط دعاية التحالف العربي بقصف إماراتي مباشر على الحكومة الشرعية، لتدخل الحرب الأهلية في غياهب حروب أهلية متعددة.
سقوط عُرى واقع 5 سنوات من الحرب اختلت فيها موازين القوى وتغيرت جُغرافيا النفوذ، لينقلب معها حليف الأمس ويصير اليوم عدو البلد وأهله.
حرب غيّرت دوافع الحلفاء وتداخلت فيها المصالح والمطامع، فقدّمت لإيران ووكلائها أكثر مما كانت تحتاج لدعم الحوثيين وتهديد الرياض، حرب كرّست لعهد المليشيات التي قامت من أجلها لتشرعن حضورها ضد القوات الحكومية في الجنوب، بينما تمطر الأخرى سماء المملكة العربية السعودية .
تقدمٌ جديد للانفصاليين في شبوة بعد غارات إماراتية وصفت بالأعنف ضد أهداف تابعة للحكومة الشرعية، ولا يزال الصمت خيار الرياض في معركة النفس الطويل.
قالت مصادر محلية في محافظة شبوة جنوبي اليمن، إن قوات المجلس الانتقالي الانفصالي المدعوم إماراتيًّا سيطرت على “عزان”، ثاني أكبر مدن المحافظة، يأتي هذا فيما لا تزال مواجهات دائرة في منطقة الروضة المجاورة لعزان، حيث تسعى القوات الانفصالية للتوسع شمالا باتجاه مركز المحافظة الذي فشلت في السيطرة عليه مطلع الأسبوع الماضي.
تطورات تأتي في وقت ذكرت فيه مصادر بمحافظة عدن أن الإمارات تواصل حشد ما يعرف بألوية العمالقة؛ لمساعدة قوات المجلس الانفصالي في مواجهة القوات الحكومية الشرعية.
قناة “مكملين” ناقشت، عبر برنامج “قصة اليوم”، تطورات الأزمة اليمنية على ضوء الدعم الإماراتي المتواصل للانفصاليين في الجنوب.
الدكتور سعد الفقيه، مؤسس الحركة الإسلامية للإصلاح، يرى أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بدأ هذه الحرب كشابٍ طائشٍ يريد أن يسجل نصرًا حاسمًا خلال أسبوع أو أسبوعين، وأنه سيتمكن من قطع يد إيران في اليمن، ويصبح من كبار القيادات العسكرية في التاريخ.
وأضاف الفقيه أن ابن سلمان دخل الحرب بلا خطة وبنظرة قصيرة المدى، ثم تكالبت عليه المشاكل وبات يحل مشكلته بمشكلة أخرى، وتلقّى خسائر فادحة.
وأوضح الفقيه أن محمد بن زايد دخل الحرب بنظرة واضحة، فهو يريد أن يفصل الجنوب ويحوله إلى مستعمرة إماراتية، ودرب 100 ألف من الانفصاليين المرتزقة اليمنيين حتى يكونوا وكلاء له في السيطرة على الجنوب، ولم يدرك ابن سلمان هذا الأمر، وحتى لو أدركه لا يأبه به.
وأشار إلى أن ابن زايد عندما نضجت الثمرة أقنع ابن سلمان أنه لا بد من عزل الجنوب بسبب ارتفاع تكلفة الحرب التي استمرت 4 سنوات، على أن يتفرغ ابن سلمان للشمال ويحصل على الشريط البري من الربع الخالي إلى بحر العرب، الذي كانت السعودية تتمناه من 50 سنة.
أما فهد سلطان، الكاتب والمحلل السياسي، فيرى أن التحالف العربي بدأ منذ عام 2017 توجها جديدا يقوم على ركيزتين: الأولى إنشاء أحزمة أمنية وقوات لا تدين بولائها للشرعية، والثانية إضعاف الجيش اليمني من حيث التسليح والتمويل.
وقال سلطان: إنه في 10 أغسطس الماضي عندما استولى المجلس الانتقالي على عدن، قال وزير الداخلية إن قوات الانفصاليين كانت تمتلك 100 عربة مدرعة حصلت عليها من التحالف ومعهم أسلحة مطورة، فيما كان الجيش لا يملك سوى أسلحة عادية، كما صرح الناطق باسم الجيش الوطني قبل ذلك، بأن الأسلحة النوعية لا تُعطى للجيش الوطني، بل توزع على جبهات معينة وفق توجيهات محددة.
بدوره رأى الدكتور حميد الشاجني، الأكاديمي والباحث اليمني، أنه من السطحية أن يتخيل البعض أن القرارات المتعلقة بالتحالف تتخذ في الرياض أو أبو ظبي بعيدا عن المعلم والأستاذ في واشنطن، وأمريكا هي من ورّطت التحالف في الحرب، كما سبق ودعمت بريطانيا إلى الانفصال في 1994.
وأضاف الشاجني أن الإمارات تنفذ مخطط أمريكا، وأيضا لاستنزاف موارد السعودية من خلال عقود وصفقات السلاح، مضيفا أن الأمريكيين دعموا الحوثيين في بداية الحرب حتى وصلوا إلى عدن، والأمريكان هم من دعموا إيران في حربها ضد العراق.
