أول أيام امتحانات الثانوية.. مشاهد صادمة وتضليل حكومي والسيسي هو المتهم

- ‎فيتقارير

تقول وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني بحكومة الانقلاب، إن اليوم الأول من امتحانات الثانوية العامة مر بسلام، وهو ما يطرح سؤالا تلقائيا: ومن أدراهم أنه مر بسلام؟ وما هي مؤشرات ذلك؟ ألا يعلمون أن نحو 653389 طالبة وطالبة بالثانوية العامة يؤدون الامتحانات في 56591 لجنة سير فرعية على مستوى الجمهورية، بخلاف المراقبين والملاحظين والمشرفين وعناصر الشرطة؟

يناقض ما تقوم به الحكومة من تضليل، ما رصدته جميع عدسات الصحف وكاميرات الفضائيات ونشطاء التواصل الاجتماعي، الذين رصدوا هذه المشاهد الصادمة:

أولًا: كان الازدحام سيد الموقف، وسيطر على المشهد في جميع لجان الثانوية العامة والثانوية الأزهرية، سواء من الطلاب أو أولياء الأمور الذين حرص كثير منهم ــ رغم ارتفاع درجة الحرارة ــ على الانتظار كالعادة أمام أبواب اللجان للاطمئنان على أولادهم، أو حتى من جانب المراقبين والملاحظين والمشرفين على إجراء الامتحانات، بخلاف عناصر الأمن والشرطة والموظفين الحكوميين.

وشوهد المئات أمام كثير من اللجان والشوارع المؤدية إليها، في مشهد فريد من نوعه يؤكد أن قرار النظام بإجراء الامتحانات إنما يستهدف تسريع وتيرة نشر العدوى وصولا إلى نظرية “مناعة القطيع”. تقول إحدى أولياء الأمور إن ابنتها لم تنَم منذ أمس خوفًا من الامتحان ولم تتناول أي شيء في المنزل هي وبعض من زملائها بسبب قلقهم، مشيرة إلى أن الأسر التي بها طالب أو طالبة ثانوي لا تشعر بالتركيز هذا العام؛ وذلك بسبب انتشار فيروس كورونا في الآونة الأخيرة.

وعرضت إحدى فضائيات السلطة، صباح اليوم الأحد، مقطع فيديو من أمام مدرسة عابدين الثانوية للبنات، بوسط البلد في محافظة القاهرة. وأظهر الفيديو تكدس أولياء الأمور أمام المدرسة، على الرغم من التحذيرات من خطورة هذه التجمعات بسبب فيروس كورونا المستجد.

ثانيا: تمكن موقع “شاومينج” من تسريب إجابات امتحان اللغة العربية بعد نصف ساعة من بدء الامتحان، كما نشرت صفحات الغش على موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك” إجابات لأسئلة امتحان اللغة العربية للثانوية العامة، وبدأ الطلاب في التجاوب مع الإجابات عبر التعليقات على الصور. وتقول غرفة العمليات المركزية بوزارة التربية والتعليم إنها تقوم بتتبع مصدر الإجابات.

ثالثا: شهدت أولى أيام امتحانات الثانوية العامة والأزهرية بمحافظة كفر الشيخ، إصابة طالبين بمغص معوي وتشنجات بمركزي سيدي سالم وبرج البرلس. كما أصيب أحد رؤساء لجان الثانوية العامة بكورونا، وسط تكتم حكومي على تفاصيل ما يجري في ظل حالة الترهيب الأمني للصحفيين والإعلاميين بعدم نشر أخبار يمكن أن تفضي إلى الزج بهم في السجون والمعتقلات.

خلفيات إجراء الامتحانات

وقوبل الإصرار الحكومي بإجراء الامتحانات برفض شعبي واسع من طلاب الثانوية العامة وأولياء الأمور لإجراء الامتحانات، بالتزامن مع ذروة تفشي فيروس كورونا، وتحذيرات من نقابة الأطباء بأن ذلك من شأنه أن يفضي إلى تزايد معدلات الإصابة بالعدوى، وأن الوضع الحالي حيث يعاني قطاع الصحة من انهيار شامل لا يحتمل المجازفة بإجراء الامتحانات خوفا على حياة الطلاب وأولياء الأمور، في ظل صعوبة السيطرة على انتشار الفيروس داخل اللجان نتيجة عدم توفر المساحات والأعداد الكافية لتحقيق التباعد الاجتماعي، بجانب كثرة التجمعات الناتجة عن اختلاط الطلاب خلال فترة الراحة بعد الامتحان، فضلا عن تجمع أولياء الأمور خارج المدارس، وغيرها من المخالفات التي تساعد على انتشار الفيروس.

وكان مطلب تأجيل الامتحانات عادلا ومنطقيا لاعتبارات تتعلق بالحرص على حياة الطلاب وأولياء أمورهم بالتبعية حتى تتم السيطرة على العدوى؛ ذلك أن تجربة الحكومة مع الطواقم الطبية تؤكد أن أدوات الحماية والوقاية الحكومية من العدوى بها ثغرات قاتلة؛ فإذا كانت الحكومة غير قادرة على حماية الكوادر والطواقم الطبية من العدوى فهل يمكن الوثوق في وعودها بشأن إجراءاتها الاحترازية لأكثر من مليوني طالب في الامتحانات المرتقبة؟ أليس منطقيا التشكيك في وعود الحكومة في ظل سقوط المزيد من الطواقم الطبية وهم أكثر خبرة ودراية بطرق الوقاية من العدوى؟ أليس إجراء الامتحانات بناء على ذلك هو وصفة انتحارية لنقل العدوى لملايين من أولياء الأمور خلال مدة وجيزة، خصوصا وأن أكثر أنواع المصابين خطورة هم الشباب والأطفال الذين لا تظهر عليهم أعراض الإصابة؟.

ورغم أن دعوات التأجيل كانت تكتسب زخما بين الناس لأن نسبة ومنحنى الإصابة بالمرض في تزايد تصاعدي، ولم يبدأ المنحنى بالاستقرار أو التناقص بعد، وهي الفترة التي تتطلب عزلاً وحجرا منزليا تاما؛ وليس انفتاحا وتعايشا مع  الفيروس كما ترغب الحكومة وتصر على إكراه المواطنين على خطتها رغم المخاطر الكبيرة والمؤكدة، إلا أن نظام السيسي أصر على إجراء الامتحانات ضاربا عرض الحائط بكل هذه المخاوف والتحذيرات، ليكون الديكتاتور عبد الفتاح السيسي هو المسئول الأول والأخير عن تبعات هذه الخطوة التي تصل إلى حد الجريمة.