الحق المطلق بالجملة لا يتجزأ، لكن أمارات الدلالة على مطلقه قد تتجزأ، ويقبل منها في بعض الأزمنة ما يشير إليه وتكون علماً عليه لوجوب التترس والانحياز، كأمارة النظر لاعتبار مقابله ومضاده ومنازعه.
ولا يعني ذلك أن بعض تلك الأمارات -في بعض حالاتها- ممدوح لذاته، وأن مدار الولاء والبراء منعقدٌ على ذوات أعيانها، وإنما هي كذلك باعتبار المقابل، لأنها تمثل الحق بنسبته بإزاء مخالفها فكانت دالةً عليه وميزاناً له
فقول القائل في حق إمام أهل السنة والجماعة: أحمد فتنة وأن صحيح اعتقاد الناس يُمتحن بالنسبة لما هو عليه، لا ينصرف أبداً لوجوب عقد ألوية الولاء والبراء على ذات الإمام أحمد –رحمه الله- فهذا ما لا يرضاه الإمام نفسه رحمه الله، ولا يعني كذلك أن ثمة ميزاناً مخترعاً يُقاس صحيح اعتقاد الناس عليه بخلاف التوحيد؛ ولو كان ذلك كذلك لما امتدح العلماء العبارة ورددوها.
وغاية ما في الأمر اعتبار الإمام -رحمه الله- أمارة على السنة وميزاناً لها بالنظر لمنازعه ومضاده، وإلا فقد جمع الزمان مع الإمام أحمد رحمه الله غيره من أهل العلم ممن حقق سواء التوحيد وكان شيخ الإسلام إمامه وشيخه؛ ومع ذلك خالف الإمام في عزيمته -ترخصاً- ولم يدخل في معيار التمييز لخلو المنازع المخالف، فكان الإمام أحمد معيار السنة وصحيح الاعتقاد بالنسبة لمقابله ومنازعه ومضاده
وعلى ذات الطريقة يجعل شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله- المماليك -بجورهم وظلمهم وعدم تحكيمهم لأحكام الشريعة وتحقيق أبواب السنة- أحق الناس دخولاً في الطائفة المنصورة، بل ويجعلهم كتيبة الإسلام ؛ بل ويجعل عزهم عز الإسلام، وفي ذلهم ذل الإسلام، قال رحمه الله (هذه العصابة التي بالشام ومصر في هذا الوقت هم كتيبة الإسلام وعزهم عز الإسلام وذلهم ذل الإسلام فلو استولى عليهم التتار لم يبق للإسلام عز ولا كلمة عالية ولا طائفة ظاهرة عالية يخافها أهل الأرض تقاتل منه) (مجموع الفتاوى: 28/534)
فتأمل كيف جعل شيخ الإسلام المماليك -بكل ما فيهم- ميزاناً لكل هذه المناقب العالية؛ رغم ذمه لهم في مواطن، وعدم الرضا بطريقتهم، وإنما استحقوا ذلك في نظر شيخ الإسلام باعتبار المقابل والمنازع وهم: التتار
وعلى ذات المنهاج #غزة بما تمثله من توجه إسلامي جهادي هي بإزاء غزاتها من التحالف الصليبي الصهيوني الطاغوتي وعند المواجهة والمقابلة تمثل فسطاط التوحيد وميزانه.
فالمسلمون مع الجهاد الغزي: مؤمن مجاهد؛ ومنافق منحوس، ومرتد مركوس.
فاللهم لك عميم الحمد على هذا المقام العزيز في غزة