بدأ المسؤولون المصريون العام الجديد برفع أسعار مجموعة من الخدمات الرئيسية ، مما زاد من ضغوط جديدة على المستهلكين حيث تتطلع حكومة السيسي إلى زيادة الإيرادات وربما زيادة حجم حزمة الإنقاذ من صندوق النقد الدولي، بحسب ما أفادت وكالة “بلومبرج”.
وقالت الوكالة في تقرير لها، تم رفع أسعار الكهرباء للمنازل بنسبة تتراوح بين 16٪ و 26٪ ، اعتمادا على شريحة الاستخدام ، وفقا لمنظم الطاقة. كما شهدت الصناعات ارتفاعا في أسعار الكهرباء بنحو 20٪.
كما سترتفع رسوم تذاكر المترو والسكك الحديدية، في حين ترفع الشركة المصرية للاتصالات أسعار خطط الإنترنت بأكثر من 30٪، وفقا لموقع أهرام أونلاين الإخباري الحكومي. معظم التعريفات الجديدة سارية المفعول على الفور أو ستدخل حيز التنفيذ في غضون أيام.
ويأتي القرار بعد شهر بالكاد من مسرحية الانتخابات الرئاسية التي فاز فيها عبد الفتاح السيسي بولاية ثالثة، مما يظهر أن السلطات مستعدة الآن لمواجهة بعض ردود الفعل العنيفة مع مضيها قدما في اتخاذ إجراءات من شأنها أن تلحق المزيد من الألم الاقتصادي بالمستهلكين.
ويعاني سكان البلاد البالغ عددهم 105 ملايين نسمة بالفعل من التضخم الذي سجل رقما قياسيا بلغ أكثر من 35٪ العام الماضي. وتضاعفت أسعار السلع الأساسية مثل السكر تقريبا مما دفع السلطات إلى اتخاذ إجراءات لتجنب ما تقول إنه تلاعب بالأسعار من جانب التجار أو الموزعين.
تحت الضغط
وقال مسؤولون إن الضغط على الميزانية يبرر الزيادات الأخيرة، حيث أوضح رئيس حكومة السيسي، مصطفى مدبولي أن الحكومة اضطرت إلى التحرك لمحاولة خفض العجز بعد ما وصفه بارتفاع الإنفاق على الدعم.
وقال في مؤتمر صحفي متلفز إن كيلووات من الكهرباء يكلف الدولة 1.77 جنيه ، وهو رقم يزيد عن سعر أعلى شريحة استهلاك حتى بعد الزيادة الأخيرة.
وأضاف مدبولي أن من بين خطط الحكومة هدف خفض نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى 80٪ أو أقل خلال السنوات الخمس المقبلة ، من المستوى الحالي البالغ حوالي 95٪ ، مضيفا أنها تستهدف أيضا خفض التضخم إلى 10٪ بدءا من عام 2025.
وقال مدبولي “يجب أن يدرك المواطن تماما أن ما نقوم به اليوم، عندما نرفع جزئيا أسعار بعض الخدمات أو السلع، هو تخفيف بعض العبء المالي على الدولة”، مضيفا أنه إذا لم تتم معالجة هذه القضايا على المدى القصير، فإنها “يمكن أن تنفجر في وجهنا لا سمح الله”.
ومن المتوقع أن تضيف تعرفة الكهرباء المرتفعة 0.7 نقطة مئوية إلى التضخم الشهري في يناير، وفقا لشركة نعيم للسمسرة ومقرها القاهرة، مع تأثير إضافي غير مباشر في الشهر التالي.
ويسلط ارتفاع الأسعار الضوء على المأزق الذي تواجهه مصر بعد نزوح الأموال الساخنة في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا في عام 2022. وأدى هذا التدفق إلى أسوأ أزمة دولار في البلاد منذ عقود وأثار بعض المحللين احتمال التخلف عن سداد الديون أو إعادة هيكلتها.
ويتوقع العديد من المستثمرين والاقتصاديين أن تمضي السلطات قدما في الربع الأول فيما سيكون رابع تخفيض لقيمة الجنيه منذ أوائل عام 2022 ، وسط دعوات سابقة من صندوق النقد الدولي لمصر لتبني نظام سعر صرف أكثر مرونة.
وتحاول حكومة السيسي الآن زيادة حجم قرضها من صندوق النقد الدولي البالغ 3 مليارات دولار، والذي تأجلت مراجعته مرارا وتكرارا.
وتعكس الزيادات في تعرفة الخدمات أيضا سعي حكومة السيسي للمضي قدما في برنامج إصلاح يهدف إلى إنعاش الاقتصاد والتغلب على أزمة العملة الأجنبية المعوقة. وتشمل هذه الخطوة بيع أصول مملوكة للدولة، على الرغم من أن التقدم في ذلك كان بطيئا أيضا.
وقالت سي.آي.آي كابيتال إن “الزيادة مواتية” للميزانية بعد تأجيل من يوليو 2023 جاء بتكلفة مالية بلغت 12 مليار جنيه (389 مليون دولار).
وإلى جانب زيادة الرسوم الجمركية، تكافح حكومة السيسي أيضا للحد مما يعتبره الكثيرون اكتنازا من قبل بعض البائعين أو الموزعين للمواد الغذائية الأساسية مثل السكر، الذي ارتفع سعره في أواخر العام الماضي من 27 جنيها (0.87 دولار) للكيلوجرام إلى 50 جنيها. وألقى المسؤولون باللوم جزئيا على ضغط الدولار في زيادة الأسعار.
وحددت سلطات الانقلاب العديد من السلع الرئيسية على أنها استراتيجية للاقتصاد ووضعت قواعد تهدف إلى جعل الأمر أكثر صعوبة على تجار التجزئة لتضخيم أسعارهم ، وفقا لمجلس الوزراء ومرسوم نشر في الجريدة الرسمية.
لكن التأثير التدريجي لزيادة أسعار السكر واضح في شوارع المدن المصرية.
وقال عياد، الذي يملك مخبزاً في القاهرة يصنع الكعك، وطلب استخدام اسمه الأول فقط، إنه مع ارتفاع تكاليفه، اضطر إلى تحميلها على المستهلك. ونتيجة لذلك، ارتفع سعر الكعكة المتوسطة الحجم التي بيعت بـ 145 جنيها إلى 345 جنيها.
وأضاف عياد: “لدينا الآن عائلات تشتري المعجنات بالقطعة بدلا من شراء كعكة”.
رابط التقرير: هنا