قبل أيام من العام الميلاد الجديد ، وبعد أكثر من 12 سنة من انقلاب السيسى على أول رئيس مدنى منتخب الرئيس الشهيد محمد مرسى ،تتواصل فى مصر أزمة اقتصادية مركبة تتجسد في ثنائية الركود والديون تمر بها مصر، بحسب خبراء وتعليقات على منصات التواصل، هذه الثنائية ليست مجرد أرقام في تقارير مالية، بل واقع يعيشه المواطن يوميًا في الأسواق، حيث تتآكل القدرة الشرائية، وتتزايد الأعباء المعيشية، وتتصاعد معدلات الدين العام إلى مستويات غير مسبوقة.
وتناول الخبراء والاقتصاديون هذه الأزمة بقراءات مختلفة، لكنهم اتفقوا على أن الوضع الحالي يمثل تحديًا وجوديًا للاقتصاد المصري، وأن الإدارة الاقتصادية تحتاج إلى مراجعة جذرية.
فالاقتصاد يعاني من ركود تضخمي، ودولة مثقلة بديون لا تستطيع سدادها إلا ببيع أصولها، ويجمع الخبراء على أن الوضع الحالي يحتاج إلى إدارة اقتصادية جريئة، تعيد النظر في أولويات الإنفاق، وتوقف الاعتماد على بيع الأصول كحل مؤقت. المسئولية السياسية واضحة، حيث يرى كثيرون أن النظام الرئاسي هو من قاد البلاد إلى هذه الأزمة عبر سياسات غير مدروسة.
أرقام النمو على الورق مقابل الواقع
ووصف الدكتور محمد فؤاد بجامعة عين شمس الوضع الاقتصادي بأنه "ركود منكر"، حيث تعتمد الدولة منذ أربع سنوات على "تظبيط أرقام الاقتصاد الكلي" دون اكتراث بالأثر المجتمعي.
وأضاف أن النمو الذي يظهر في الأوراق لم ينعكس على السوق الحقيقي، فبينما الدولة "ماشية"، الناس "بتكح تراب". هذه المفارقة بين النمو الرسمي والركود الشعبي تعكس فجوة عميقة بين السياسات الاقتصادية والواقع الاجتماعي.
أما الخبير الاقتصادي اسحاق @isaac30208171 فأضاف أن الركود في مصر لا يصاحبه هبوط في الأسعار كما يظن البعض، بل يحدث نتيجة تآكل القدرة الشرائية للمواطن وانخفاض قيمة العملة المحلية. مدخلات الإنتاج مثل الأعلاف والطاقة والنقل لم تنخفض أسعارها، ما جعل الركود مرتبطًا بضعف الطلب لا بزيادة المعروض. وهو ما يفسر استمرار التضخم رغم الركود، ليصبح الوضع أقرب إلى الركود التضخمي، وهي حالة صعبة تشبه "الدوامة" وتحتاج إلى إدارة اقتصادية جريئة.
https://x.com/isaac30208171/status/2002756446987931993
عبء يتجاوز قدرة الدولة
وفي حوار مع الإعلامية رانيا بدوي، كشف الدكتور حسن الصادي، أستاذ اقتصاديات التمويل بجامعة القاهرة، أن "كل إيرادات الدولة لا تكفي لسداد فوائد الدين الداخلي والخارجي، فما بالك بأصل الدين".
الأخطر بحسب @RaniaBadawy أن الدولة تسدد استحقاقات أصل الدين عبر بيع أصولها، وهو ما يعني عمليًا عدم القدرة على السداد. الدائنون لا يقبلون إلا بأفضل الأصول: الأراضي الأكثر قيمة، والمشروعات الأكثر ربحية، ما يجعل مصر تفقد تدريجيًا أهم مواردها الاقتصادية.
https://youtu.be/XB4EZKXUez4?si=GlIRhZK8lm5j4ylJ
https://x.com/RaniaBadawy/status/2002062994298073275
وعلقت الناشطة غادة نجيب بالإشارة إلى مثال صادم، وهو بيع "الإسكندرية للحاويات" للإمارات، التي أعادت بيعها لطرف ثالث بفرق 14 مليار دولار. هذا يعكس أن بيع الأصول لا يحل الأزمة بل ينقلها إلى مستوى جديد من فقدان السيطرة على الموارد الوطنية. في الوقت نفسه، تلتزم مصر بدفع 35 مليار دولار لإسرائيل مقابل الغاز، ما يثير جدلًا واسعًا حول أولويات الإنفاق.
https://x.com/Ghadanajeb/status/2002110484531609990
المسئولية السياسية
ويرى المدنيون والكتاب الصحفيون أن المسئولية تقع على النظام السياسي. حساب "@M0831218" أشار إلى أن السيسي هو من استدعى صندوق النقد الدولي رغم تحذيرات الأجهزة السيادية والتنفيذية، وأن الحكومات في مصر ليست منتخبة بل تعمل وفق أوامر الرئاسة. الصحفي مجدي الجلاد حمّل الحكومة الحالية مسئولية الأزمات الاقتصادية وزيادة نسب الفقر، معتبرًا أن السياسات التنفيذية هي التي أوصلت البلاد إلى هذا الوضع.
معضلة الإدارة الاقتصادية
واعتبر مراقبون أن الركود التضخمي يعني أن الاقتصاد يعاني من ضعف النمو وارتفاع الأسعار في الوقت نفسه. هذه الحالة تجعل أدوات السياسة النقدية التقليدية مثل خفض الفائدة محدودة التأثير، لأن المشكلة ليست في "سعر المال" بل في "توفر المال". المواطن لا يملك القدرة الشرائية الكافية، والشركات تواجه تكاليف إنتاج مرتفعة، ما يخلق حلقة مفرغة من الركود والتضخم.
وبات مقابل الديون والركود، اتجاه قوي من حكومة السيسي لحلول سريعة بمزيد من بيع الأصول لسداد الديون قد يبدو حلًا سريعًا، لكنه يحمل مخاطر استراتيجية. فهو يعني فقدان الدولة السيطرة على مواردها الأساسية، وتحويل ملكية مشروعات حيوية إلى أطراف خارجية. هذا يضعف قدرة الدولة على تحقيق التنمية المستدامة، ويجعلها رهينة لمصالح الدائنين. كما أن بيع الأصول لا يعالج السبب الجذري للأزمة: ضعف الإنتاجية وتراجع الاستثمار المحلي، بحسب المراقبين.
انعكاسات اجتماعية
ولم توقف هذه السياسات من الأزمة الاقتصادية التي انعكست بشكل مباشر على حياة المواطنين وتمثل ذلك في ارتفاع الأسعار رغم الركود، ما جعل السلع الأساسية بعيدة عن متناول الكثيرين فضلا عن تراجع الدخول الحقيقية بسبب التضخم وتآكل قيمة العملة مع زيادة نسب الفقر كما أشار مجدي الجلاد، حيث لم يعد النمو الاقتصادي ينعكس على تحسين مستوى المعيشة.
والتخوف من مجدي الجلاد إعلامي الانقلاب ود.محمد فؤاد نائب سابق ببرلمان العسكر هو فقدان الثقة في السياسات الاقتصادية، مع شعور عام بأن الدولة تبيع أصولها وتفقد استقلالها المالي.
https://x.com/M0831218/status/2002798956582166896
ويحذر مراقبون من استمرار هذه الثنائية دون حلول جذرية يعني أن مصر ستظل عالقة في دائرة مفرغة من ركود ينهك المواطن، وديون تلتهم موارد الدولة. الحل يبدأ بإصلاح هيكلي يعيد الثقة في الاقتصاد، ويضع المواطن في قلب السياسات الاقتصادية، بدلًا من أن يبقى مجرد رقم في معادلة الديون والفوائد.
