قالت صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية: إن “حرب غزة تضع العلاقات الإسرائيلية المصرية أمام تحديات خطيرة ويجب على دولة الاحتلال أن تكون منتبهة للحساسيات المصرية، وأن تتجنب التصريحات التحريضية، وأن تحل قضية السيطرة على طريق فيلادلفيا بالاتفاق، خلف الأبواب المغلقة، مع مصر والولايات المتحدة”.
وأضافت الصحيفة في تحليل لها، أن المسألة الثانية هي مسألة المساعدات الإنسانية التي تمر من مصر إلى غزة عبر معبر رفح تمر من إسرائيل إلى غزة عبر معبر كرم أبو سالم، والقضية الثالثة، التي أثيرت في الأيام الأخيرة، تتعلق بالسيطرة على طريق فيلادلفيا، وهو طريق بطول 14 كم يشكل الحدود بين مصر وغزة.
وأوضحت الصحيفة أن احتمالات تدفق آلاف الفلسطينيين إلى سيناء تشكل مصدر قلق عميق لحكومة السيسي، التي تواصل التعبير عن معارضتها الشديدة للفكرة، حتى وزير الخارجية الصيني، الذي زار مصر في 14 يناير، تم حشده للتعبير عن إدانته لمثل هذه الخطوة.
وقد غذت التصريحات غير المسؤولة وغير الضرورية من قبل المسؤولين الإسرائيليين الشكوك المصرية حول وجود خطة إسرائيلية سرية لطرد الفلسطينيين من غزة.
القضايا الرئيسية التي تثير قلق مصر
وأشار التقرير إلى أن هناك ثلاث مسائل تكمن وراء شواغل مصر في هذا السياق، الخوف من دخول نشطاء حماس إلى أراضيها تحت ستار مدني؛ وأفكار لضم غزة إلى الأراضي المصرية بعد نزوح سكانها الفلسطينيين، والاتهامات العربية بأن مصر من خلال القيام بذلك، تساعد الاحتلال في الواقع على طمس القضية الفلسطينية.
فيما يتعلق بالموضوع الثاني، المساعدات الإنسانية لغزة، وكثيرا ما تتحدث وسائل الإعلام المصرية عن عدد الشاحنات وكمية المعدات التي تنقل يوميا إلى قطاع غزة، وذلك لإظهار تفاني مصر الصادق في خدمة القضية الفلسطينية، وفي الوقت نفسه، ترد بقسوة على الانتقادات الإسرائيلية الضمنية لمصر لعرقلتها وتأخيرها مرور المساعدات الإنسانية إلى غزة.
وأخيرا، ظهرت مسألة السيطرة على طريق فيلادلفيا في الأيام الأخيرة، بعد أن أعلن نتنياهو أن الطريق يجب أن يكون في أيدينا، وكانت دولة الاحتلال قد أخلت الطريق كجزء من فك ارتباطها بغزة في عام 2005 لقد كان قرارا مثيرا للجدل، اتخذه إلى حد كبير وزير الدفاع شاؤول موفاز دون استشارة الجيش.
فاجأ قرار الاحتلال بإخلاء الطريق مصر، مما أدى في النهاية إلى تعديل معاهدة السلام التي سمحت لمصر بنشر 750 من أفراد شرطة الحدود بدلا من 650 شرطيا المسموح بهم بموجب اتفاقية السلام لعام 1979 لحراسة الحدود على طول طريق فيلادلفيا.
وبعد أن سيطرت حماس على غزة في صيف عام 2007، ازداد التهريب عبر الأنفاق التي بنيت تحت الطريق، اشتكت دولة الاحتلال للمصريين وقدمت معلومات ملموسة عن التهريب ، لكن المصريين لم يسارعوا إلى التحرك.
ولذلك ناشدت دولة الاحتلال الولايات المتحدة ممارسة الضغط، ولكن المشكلة لم تحل بصورة مرضية، في إحدى وثائق ويكيليكس، نقل عن رئيس الشاباك يوفال ديسكين أنه تنبأ، في عام 2008، بأن دولة الاحتلال ستضطر عاجلا أم آجلا إلى غزو غزة لتفكيك قدرات حماس العسكرية، والاستيلاء على الجزء الجنوبي من قطاع غزة، ووضع حد للتهريب.
وفي الواقع، استغرق الأمر ثلاث عمليات عسكرية إسرائيلية ضد حماس الرصاص المصبوب (2009) عمود الدفاع (2012) والجرف الصامد (2014) حتى يتحرك عبد الفتاح السيسي لمعالجة تهديد الأنفاق بجدية، ومع ذلك، فشلت الإجراءات المصرية في إغلاق الممرات بإحكام، كما يتضح من كمية أسلحة وذخيرة حماس التي اكتشفتها القوات الإسرائيلية حتى الآن خلال الحرب.
إن اكتشاف الاحتلال لمدى أنفاق حماس على طول مئات الكيلومترات تحت غزة يزعج مصر ومن المرجح أن يحفز تعاونها مع الاحتلال في منع التهريب، وأفادت مصادر مختلفة أن محادثات وراء الكواليس حول هذه المسألة جارية بين الاحتلال ومصر والولايات المتحدة.
وأشار التقرير إلى أن المشكلة الرئيسية تكمن في حقيقة أن حكومة السيسي لا تستطيع تحمل تصويرها على أنها انسحبت من فيلادلفيا أو تنازلت للاحتلال، خاصة بعد أن تنازلت دولة الاحتلال عن السيطرة على الطريق في اتفاق عام 2005. وقد انتقد أحد أعضاء برلمان السيسي بالفعل تصريحات نتنياهو، ووصفها بأنها هجوم صارخ على اتفاق السلام.
ولفت إلى أن لكل من دولة الاحتلال ومصر مصلحة استراتيجية في السلام، الدولتان، كما ذكرت وثيقة ويكيليكس في عام 2009، لديهما عدو مشترك هو حماس، وعلى الرغم من الرأي العام العدائي تجاه الاحتلال والتصريحات السياسية التحريضية في بعض الأحيان، قاد السيسي سياسة معتدلة ورصينة تجاه الاحتلال، حتى إنه امتنع عن استدعاء سفيره على عكس رد فعل مصر خلال حرب لبنان عام 1982 وانتفاضة 2000 2004.
واختتم التقرير بأنه يجب على دولة الاحتلال أن تكون منتبهة للحساسيات المصرية، وأن تتجنب التصريحات التحريضية، وأن تحل مسألة السيطرة على طريق فيلادلفيا بالاتفاق، خلف الأبواب المغلقة، مع مصر والولايات المتحدة.
رابط التحليل: هنا