رغم مزاعم حكومة الانقلاب.. شركات الأدوية تطالب بزيادة أسعار الدواء بنسبة 50% 

- ‎فيتقارير

 

 

فى الوقت الذى تزعم فيه حكومة الانقلاب أن الأسعار تشهد انخفاضا بنسبة تتراوح بين 25% و 35% لكل السلع والمنتجات فى أعقاب تحرير سعر الصرف وتعويم الجنيه أمام العملات الأجنبية خضوعا لإملاءات صندوق النقد والبنك الدولى تقدم عدد من شركات الأدوية بطلبات إلى هيئة الدواء المصرية لإعادة تسعير منتجاتها بعد زيادة تكلفة الإنتاج على الشركات والمصانع مع تحريك أسعار صرف الدولار.

وحذرت الشركات من أنها سوف تتوقف عن الانتاج إذا لم يتم رفع الأسعار مشيرة إلى أن مستلزمات الانتاج يتم استيرادها من الخارج وبالتالى ترتفع أسعارها مع كل تخفيض لقيمة الجنيه أمام الدولار والعملات الأجنبية واذا لم يتم رفع الأسعار فسوف تواجه شركات الأدوية خسائر كبيرة لن تستطيع تحملها  

كان البنك المركزي المصرى قد قرر في 6 مارس الماضى تحريك سعر الصرف، ليرتفع سعر صرف الدولار في البنوك بنسبة 64% ليصل إلى مستوي الـ 50.40 جنيه للشراء، و50.50 جنيه للبيع، مقابل 30.75 جنيه للشراء، و30.85 جنيه للبيع، وذلك قبل أن يعاود التراجع مرة أخري بنحو 3.14 جنيه ليصل إلى مستوى 47.36 جنيه للشراء، و47.46 جنيه للبيع فى كل من البنك الأهلي، وبنك مصر، والتجاري الدولي. 

وجاء ارتفاع الدولار بعدما أعلن البنك المركزي بداية مارس الماضي، حزمة من الإجراءات على رأسها تحرير سعر الصرف ورفع أسعار الفائدة بنسبة 6% على الإيداع والإقراض لتصل إلى 27.25%، و28.25% على الترتيب، كما أصدر كل من البنك الأهلي المصري وبنك مصر شهادة ادخارية جديدة بعائد 30% متناقصة لمدة 3 سنوات. 

 

تكلفة الإنتاج

 

من جانبه رجح الدكتور علي عوف، رئيس شعبة الأدوية باتحاد الغرف التجارية ، ارتفاع أسعار الأدوية في الأسواق المحلية بما يتراوح بين 20 و50%، نتيجة لزيادة تكلفة إنتاج الشركات بما يصل إلى 70%، وذلك بعد ارتفاع أسعار صرف الدولار في البنوك، مع بدء تطبيق سياسة سعر الصرف المرن. 

وقال عوف فى تصريحات صحفية، ان الأدوية من السلع الاستراتيجية التي كان يتم تدبير الدولار اللازم لاستيراد موادها الخام من البنوك بالسعر الرسمي، وبالتالي فهي من السلع التي تضررت بشكل كبير من تحرير سعر الصرف وارتفع السعر عليها إلى الضعف، حيث لم تكن تضطر إلى اللجوء إلى السوق السوداء لتدبير العملة الصعبة. 

وأوضح أن متوسط الارتفاع فى الأسعار خلال العام الحالى سيكون فى حدود 25%، ولن يكون بنفس نسبة الزيادة فى تكلفة الإنتاج من أجل مراعاة البعد الاجتماعى للمواطنين، مشيرا إلى أن شركات الأدوية بدأت تقديم طلبات إلى هيئة الدواء المصرية لزيادة أسعار منتجاتها بعد ارتفاع تكلفة إنتاجها .

وأكد عوف أن الهيئة مازالت تدرس الطلبات ولم يتم الرد عليها حتى الآن لافتا الى أنه خلال عام 2023، ارتفعت أسعار 1500 صنف بمتوسط زيادة 20%، من إجمالى 17 ألف صنف دواء، كما ارتفعت أسعار الأدوية المستوردة بنسب تتراوح بين 20 و 30%. 

 

تسعير الدواء

 

وقال محيي حافظ، رئيس لجنة الصناعات الدوائية باتحاد المستثمرين، إن الشركات تطالب بإعادة النظر فى مسألة تسعير الدواء بعد زيادة أسعار صرف الدولار، وأن يكون هناك مرونة في التسعير، بحيث يكون السعر شفافا وعادلا مشددا على ضرورة أن ترتبط الزيادة بمعدل التغير فى سعر الصرف. 

وأضاف حافظ فى تصريحات صحفية، أن الزيادة فى سعر الدولار تجاوزت الـ 50% ما يرفع تكلفة الإنتاج على مصانع الأدوية بما يتراوح بين 30 و40%، مشيرا إلى أن غالبية الخامات مستوردة ما يستوجب معه أن يكون هناك إعادة نظر فى مسألة تسعير الدواء، لأن الشركات ستتكبد خسائر كبيرة إذا استمرت بهذا المنطق. 

 

قطاعات حساسة

 

وحذر من أن قطاع الأدوية من القطاعات الحساسة جدا، والشركات مقدرة أن الزيادات تثقل كاهل المواطنين، لكنها تضطر لرفع السعر حتى لا تتوقف عن الإنتاج، ولذلك لابد ان يتفهم المواطنون طبيعه المرحلة التى نمر بها، مؤكدا أن توفير المنتج بسعر أعلى 10 أو 30 جنيها، أفضل من عدم توفره محليا والاضطرار إلى توفيره من خلال الاستيراد بأربع أضعاف سعره. 

وأكد حافظ أن قطاع الأدوية تأثر بشكل كبير بارتفاع سعر صرف الدولار، والذي كان يتم تدبيره من البنوك وفقا لما هو متاح على سعر الصرف 31 جنيها، ولكن بعد ارتفاع أسعار الصرف الى ما يتراوح بين 47 و48 جنيها، واجهتنا مشكلة تمثلت فى عدم قدرة بعض الشركات على إخراج الخامات اللازمة للإنتاج من الموانى، وذلك فى ظل ارتفاع قيمة الدولار أمام الجنيه، وعدم ارتفاع أسعار البيع المنتجات، خاصة أن الأدوية سلعة مسعرة جبريا .

وأشار إلى أن نصف الأدوية لم يتم تحريكها منذ كان سعر الدولار 15.60 جنيه، والنصف الآخر مسعر على دولار الـ31 جنيها، وبالتالى سنواجه مشكلة فى توفير خامات الدواء . 

 

الدولار

 

وكشف محمد فؤاد، المدير التنفيذى للمركز المصرى للحق فى الدواء، إنه منذ تأسيس هيئة الدواء المصرية، تحركت أسعار أعداد كبيرة من أصناف الأدوية المختلفة والتى وصلت إلى أكثر من 2500 نوع، وجاء التحريك فى أسعار تلك الأصناف بناءً على تقديم الشركات المنتجة لتلك الأصناف دراسة تثبت أن السعر الذى يُباع به الدواء حاليًّا يتسبب فى خسارة كبيرة للشركة فى ظل ارتفاع تكاليف إنتاجه. 

وقال فؤاد فى تصريحات صحفية : منذ أن عرفت مصر التسعير الجبرى للدواء لم تشهد أسعار الدواء تحريكًا بهذا الكم الكبير من الأصناف منذ يناير 2017 الماضى بعد أول تحرير لسعر الصرف للجنيه . 

وأضاف أنه من الطبيعى أن تشهد أسعار الدواء تحريكًا فى ظل اعتماد صناعة الدواء على الدولار بنسبة تتعدى الـ95% لاستيراد المواد الخام ومستلزمات الإنتاج من الخارج. 

وعن جدوى تحريك الأسعار، أوضح فؤاد أن تحريك الأسعار يقضى على فكرة إقامة سوق سوداء للدواء من مصادر مجهولة من الممكن أن تعرّض المرضى للتعامل مع أصناف دواء غير صالحة للاستخدام، فضلًا عن أن هناك بعض الأصناف أصبحت تباع فى الصيدليات بأكثر من سعر للمواطن؛ لذا كان تحريك الأسعار ضرورة لإعادة الانضباط لسوق الدواء باعتباره سلعة حرجة لا يمكن المساس بها.  

ولفت إلى أنه رغم تحريك الأسعار، إلا أن استمرار معدلات التضخم المرتفعة وعدم ثبوت أسعار الصرف للدولار يؤدى لحدوث أزمات كبيرة فى شركات إنتاج الدواء، ولعل آخرها إعلان إحدى شركات الصناعات الدوائية عزمها تسريح عدد كبير من العمالة الموجودة بها لعدم قدرة الشركة على تحمل نفقات رواتبهم .  

وحذر فؤاد من أن الأدوية المستوردة من المحتمل أن تواجه أزمة نقص شديدة ، حال استمرار أزمة توفر العملة الصعبة وانخفاض وتيرة الإفراجات الجمركية التى تعوق استيراد المواد الخام من الخارج. مؤكدا أنه لا تزال هناك أزمة فى عدد من الأصناف الطبية مثل: صمامات القلب والقساطر ودعامات القلب وأجهزة قياس السكر للأطفال، وكذا سماعات الأذن للأطفال، والكراسى الكهربائية للحالات الخاصة من الأطفال وقطع غيارها، بجانب أدوية المناعة والهرمونات وأدوية الأورام وأدوية الأمراض الوراثية كالذئبة الحمراء وضمور العضلات الشوكى ومرض الدوشين ومرض الهيموفيليا، وبعض الأدوية الخاصة بالقلب وأدوية أشعة الصبغة والأدوية المضادة لـRH بعد الولادة.