مع بدء موسم الحصاد… القمح أزمة كل عام وأسعار التوريد لا تغطي تكلفة الإنتاج

- ‎فيتقارير

 

 

مع بدء موسم حصاد القمح تتجدد الأزمات التي يواجهها الفلاحون كل عام وعلى رأسها انخفاض سعر التوريد، والذي حددته حكومة الانقلاب بـ 2000 جنيه للأردب، خاصة أن هذا المبلغ لا يغطي تكلفة الإنتاج التي يتطلبها فدان القمح، ويلجأ المزارعون إلى البيع لتجار القمح بأسعار قد تزيد أو تقل قليلا عن أسعار التوريد المعلنة وهؤلاء التجار لا يعترفون بالأسعار الرسمية المعلنة من قبل حكومة الانقلاب، وإنما يعملون على الاستحواذ على أكبر كميات ممكنة من القمح وبيعه بأسعار أعلى داخل السوق المصري أو تصديره للخارج، في الوقت الذي لا يكفي فيه الإنتاج الاستهلاك المحلي وتضطر دولة العسكر إلى استيراد القمح من الخارج .

 

تجار الحبوب

 

في هذا السياق كشف مزارعون أن بعض موظفي التعاونيات الزراعية يشترون القمح من الفلاحين بأقل من سعر التوريد الحكومي بـ200 جنيه، وقال أحد المزارعين: “نضطر إلى البيع لتجار الحبوب، لأن شون حكومة الانقلاب بعيدة عن القرى وتكاليف النقل غالية، ولهذا نقول الخسارة القريبة ولا المكسب البعيد”.

وأشار مزارع آخر إلى إنه تواصل مع موظف الجمعية الزراعية بالقرية، والذي يشتري القمح من مزارعي القرية كل موسم بالسعر الذي يحدده، وحجته أن القمح به شوائب طينية، ولهذا لا يشتري إردب القمح إلا بسعر 1750 و1800 و1900 جنيه، على حسب درجة نقاوة القمح، كما يضيف خمسة كيلو قمح زيادة فوق كل إردب.

 

تكاليف الزراعة

 

من جانبه، قال حسين أبوصدام، نقيب الفلاحين: إن “سعر توريد القمح الذي حددته حكومة الانقلاب هو  (2000 جنيه للإردب) موضحا أن شون حكومة الانقلاب تشتري القمح من الفلاحين بأسعار تتراوح بين 1900 و2000 جنيه حسب درجة النقاوة.

وأكد «أبوصدام»، في تصريحات صحفية أن حكومة الانقلاب رفعت سعر التوريد خلال هذا الموسم منعا للتلاعب في السوق الحر لتجار الحبوب وفق زعمها، لافتا إلى أن 80% من الحيازات الزراعية أقل من فدان والمزايدة مع التُجار سوف تضر المواطن في المستقبل في سعر رغيف الخبز.

وأوضح أن تكاليف زراعة فدان قمح تتطلب ثلاثة آلاف جنيه تجهيزات أولية وتقاوي، ويلزمه أيضا سمادا بلديا ويوريا بأربعة آلاف جنيه، وتكاليف الري تزيد على ألف جنيه، وتكاليف الحصاد والدرس تبلغ أربعة آلاف جنيه أخرى، إضافة إلى ثلاثة آلاف جنيه للرش وخدمات الزراعة، وبالتالي فإن تكلفة زراعة فدان القمح تبلغ 15 ألف جنيه، وإذا كانت الأرض بالإيجار فإن التكلفة يضاف إليها 10 آلاف جنيه إيجارا للفدان خلال فترة زراعة القمح، فتصبح تكلفة وإيجار فدان القمح 25 ألف جنيه.

وأضاف «أبوصدام» أن فدان القمح ينتج في المتوسط 20 إردب قمح، الإردب 150 كيلو ، وبالتالي فإن متوسط إنتاج الفدان من القمح يصل إلى حوالي 40 ألف جنيه، بخلاف 5 آلاف مقابل «التبن» الناتج من قش القمح، فيكون إيراد كل فدان 45 ألف جنيه، وتكليف زراعته 25 ألفا، وبالتالي يكون صافي ربح كل فدان 20 ألف جنيه.

وكشف أن حكومة الانقلاب تورد 3.5 مليون طن قمح من المزارعين فقط، من حوالي 10 ملايين طن قمح، والباقي يذهب إلى التجار والفلاحين تخزن القمح للاستهلاك المنزلي.

 

الجمعيات التعاونية

 

وقال الدكتور جمال محمد صيام، أستاذ الاقتصاد الزراعي بجامعة القاهرة: إن “حكومة الانقلاب أعلنت في نوفمبر 2023 أول موسم زراعة القمح سعرا استرشاديا يقدر بـ 1600 جنيه لطن القمح، ومع بدء موسم الحصاد رفعت سعر التوريد إلى 2000 جنيه، ما أحدث مشكلة لدى المزارع، مؤكدا أن التُجار والوسطاء يُصرون على التوريد بالسعر الإرشادي لأن تكلفة نقل القمح وتشوينه تستهلك 25% من مكسب الفلاح، فيضطر إلى بيع القمح إلى التُجار والوسطاء بسعر أقل من سعر التوريد الحكومي”.

وطالب «صيام» في تصريحات صحفية بضرورة أن يكون سعر التوريد محددا قبل بدء الموسم حتى يطمئن المزارعون بجانب تشجعيهم على زراعة مساحات أكبر، مع إتاحة التوريد داخل القرى لإنقاذهم المزارعين من استغلال التجار الذين يشترون منهم القمح بأسعار أقل بكثير من سعر التوريد الحكومي.

ودعا حكومة الانقلاب إلى تكليف الجمعيات التعاونية في القرى بعملية توريد القمح مباشرة بعيد عن التجار، موضحا أن دور الجمعيات التعاونية معدوم ولا تقوم إلا بتوزيع الأسمدة على الفلاحين منذ عام 1986 ، وتأخذ عمولة على توزيع الأسمدة 10 جنيهات على كل شيكارة، لافتا إلى أن مصر تزرع 9 ملايين فدان قمح، الفدان يحتاج إلى ثلاثة «شكاير» أسمدة فيكون الإجمالي 27 مليون شكارة سماد، بمعنى أن الجمعيات التعاونية تحصل 270 مليون جنيه عمولة فوق سعر الدعم الحكومي للأسمدة، وتلك المبالغ الطائلة تدخل جيوب «مافيا» الجمعيات التعاونية، فضلا عن أن تقاوي المحاصيل يشتريها المزارعون من محطات البحوث الزراعية .

وأكد «صيام» أن التُجار تورد القمح بعد شرائه من الفلاحين إلى مصانع الأعلاف، ويحدث خلط القمح بمكونات تصنيع الأعلاف، بسبب ارتفاع أسعار الأعلاف التي وصلت إلى 35 ألف جنيه للطن في وقت سابق.

وأضاف أن مركز البحوث يضم 16 معهدا بحثيا متخصصا في مختلف المحاصيل الزراعية والإنتاج الحيواني وميزانيته لا تتعدى 300 مليون جنيه، ويجب تخصيص 1% من الإنتاج الزراعي لمراكز البحوث الزراعية، مع عودة مهندسي الإرشاد الزراعى لجمعيات التعاون الزراعي في القرى، التي يديرها حاليا الحاصلون على دبلومات المدارس الثانوية الزراعية، ففي الثمانينات كان لدينا 15 ألف مرشد زراعي، الآن لا يوجد سوى 900 مرشد على مستوى الجمهورية ويحالون على المعاش واحدا تلو الآخر وبعضهم لا يحمل شهادة بكالوريوس زراعة من الأساس، بسبب وقف تعيينات خريجي الإرشاد الزراعي منذ عام 1986.