رغيف الخبز وأنين المصريين
بقلم/أشرف دوابة
شهدت مصر اعتبارا من بداية الشهر الحالي رفعا لسعر رغيف الخبز من خمسة قروش إلى عشرين قرشا، بارتفاع ثلاثة أضعاف مرة واحدة، ويعد هذا الارتفاع خطوة جريئة تدعمها قوة السلاح وإرهاب السجون والمعتقلات، لا سيما أنه في عهد الرئيس السادات في سبعينات القرن الماضي تم رفع سعر رغيف الخبز، فقامت الدنيا وانتفض الناس على هذا القرار يومي 18 و19 كانون الثاني/ يناير 1977م، وعُرفت هذه الانتفاضة باسم “انتفاضة الخبز” وإزاء الضغط الشعبي تراجعت الحكومة حينها عن قراراها، ومع ذلك فليس الأمس كما هو عليه حال مصر اليوم.
وقد جاءت تبريرات رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي لرفع سعر رغيف الخبز، بأن ذلك يتم لأول مرة منذ أكثر من ثلاثين عاما، وأن تكلفة رغيف الخبز على الدولة جنيه وربع، وتتحمل الدولة ١٢٠ مليار جنيه دعما له، ولم ينس رئيس الوزراء أن يتطرق في هذا الإطار للزيادة السكانية ودعم الوقود والدعم النقدي، مضيفا أن وفورات الدعم الموجه من رغيف الخبز، سوف يستفاد منها في الإسهام في التركيز والتكثيف في بناء المزيد من المدارس، التصريحات من رئيس الوزراء تعكس مدى الظلم الواقع على المواطن المصري، لاسيما محدودي الدخل بتبريرات ضعيفة لها ما يدحضها، وكان الأولى بالترشيد أهل الحكم أنفسهم، من خلال ما بنوه من قصور رئاسية واشتروه من طائرات رئاسية للمتعة، وطائرات وأسلحة لا لزوم لها لتحقيق الرضا الغربي، ومشروعات مظهرية لا تسمن ولا تغني من جوع، وخصخصة وبيع أصول بصورة هيستيرية بأبخس الأثمان وكذا المنشآت الصحية، إلى جانب المساهمة في الإسراع في إتمام العديد من المشروعات الخدمية والتنموية، من بينها مشروعات الصرف الصحي، وغير ذلك من مشروعات، وأن الهدف من الترشيد ليس إتاحة المزيد من الوفر للدولة، بل تحقيق استغلال أمثل للموارد.
إن تصريح مدبولي بأن الزيادة في سعر الخبز هي الزيادة الأولى منذ أكثر من ٣٠ عاما ، هو في ظاهره قد يكون صحيحا، ولكن في باطنه نسي أو تناسى رئيس الوزراء أن وزن رغيف الخبز تناقص تدريجيا من ١٥٠ جراما حتى وصل إلى ٩٠ جراما، كما أن الدولة وفقا للبيانات الرسمية في موازنة العام المالي الجاري (2023/ 2024) لم يصل فيها دعم رغيف الخبز حتى إلى جنيه واحد.
هذه الخطوة في رفع سعر الخبز ستزيد من معاناة المصريين وتفتح المزيد من العوز والفقر في صفوف الشعب المصري، وهي إنذار مبكر لمخاطر السير في هذا الاتجاه، فالانفجار قد يحدث في أي لحظة، لا سيما وأن هذا الارتفاع لن يكون الأخير، وسوف يتبعه ارتفاع في أسعار الوقود والطاقة، للتخلص من الدعم وفقا لطلبات صندوق النقد الدولي.
إن هذه الخطوة في رفع سعر الخبز ستزيد من معاناة المصريين وتفتح المزيد من العوز والفقر في صفوف الشعب المصري، وهي إنذار مبكر لمخاطر السير في هذا الاتجاه، فالانفجار قد يحدث في أي لحظة، لا سيما وأن هذا الارتفاع لن يكون الأخير، وسوف يتبعه ارتفاع في أسعار الوقود والطاقة، للتخلص من الدعم وفقا لطلبات صندوق النقد الدولي.
والاتجاه للدعم النقدي ومحدوديته يلهب المواطن بنار التضخم الذي بات أمرا يلمسه المصريون في حياتهم. كما أن تحميل كل إخفاق حكومي للزيادة السكانية ما هو إلا تسطيح للأمور وحَوَل تنموي، فالزيادة السكانية لا يمكن اعتبارها زيادة إذا أُحسن استثمارها تعليما وتأهيلا وتدريبا بصورة تزيد إنتاجيتها، وتوجهها نحو الإنتاج الذي يلبي حاجة الداخل ويعزز الصادرات ويرشد الواردات.
إنه كان من الأمثال الشائعة في مصر “لا أحد يموت من الجوع”، فهي خزائن الأرض كما سماها نبي الله يوسف عليه السلام، وهي اليوم لا يتوفر لأبنائها لقمة الخبز التي تناسب دخولهم المتردية، ولا حياة لهم إلا بها، كما أنه في الوقت نفسه لم يتبق للمواطن شيء يذكر من الشعار الذي رفعته ثورة يناير عام 2013م “عيش- حرية- عدالة اجتماعية”، فقد ضاع العيش يوم ضاعت الحرية وسكت الشعب على قتل الأنفس ومصادرة الأموال والرضا بالظلم، ولم يتبق لهم من العدالة الاجتماعية شيئا في ظل الخضوع لروشتة صندوق النقد الدولي التي يحميها سيف القوة الباطشة.