في تصريحات كاشفة، عن عزم حكومة الانقلاب بكل قوة، على التفريط بممتلكات المصريين والأصول العامة والشركات الحكومية، حتى فيما يخص الأمن القومي لأي دولة، أكد وزير الطيران الدني سامح الحفني أن 70% من مطار القاهرة مطروح للبيع.
وقال الحفني، : “سيتم طرح مطار القاهرة للشركات العالمية، من أجل التطوير والتوسعة، حتى يمكن الوصول بقدرته التشغيلية إلى 60 مليون راكب سنويا”.
وأوضح أن 70% من أنشطة مطار القاهرة تتم إدارتها بأنشطة تجارية، مثل الفنادق والمحال التجارية، وهي المطروحة، منوها إلى أن هناك أشياء أخرى تحت سيادة الدولة مثل الجوازات والتأمين والملاحة الجوية، وذلك في مقابلة هاتفية عبر أحد القنوات المحلية.
وتأتي تلك التصريحات متوافقة مع تصريحات الوزير نفسه يوم الإثنين الماضي، خلال لقائه رئيس وزراء الانقلاب مصطفى مدبولي، بمدينة العلمين بالساحل الشمالي، والتي أعلن عن التوجه نحو طرح وإدارة وتشغيل المطارات المصرية لشركات أجنبية، وإنشاء مناطق استثمارية حولها، بدعوى تعظيم عوائد المطارات، ورفع الطاقة الاستيعابية لها.
ويأتي التفريط في أسس لسيادة المصرية بكل سهولة تحت مسميات الاستثمار والاستفادة القصوى من الأصول، وكأنّ الدولة المصرية عاجزة عن إدارة أصولها، ولا تستطيع سوى قمع الشعب فقط، دون إدارة ممتلكاتها الاقتصادية وتنميتها.
وهو الأمر الذي لا يحدث في أعتى الدول الرأسمالية، صاحبة الاقتصادات الحرة، ففي أمريكا نفسها، وقعت قبل سنوات أزمة اقتصادية كبيرة بين إحدى الولايات الأمريكية والحكومة الفيدرالية، بسبب توقيع عقد إدارة وتأجير لأحد الموانئ الأمريكية لصالح شركة موانئ دبي، فثار الأمريكيون وأجبروا الحكومة عل فض التعاقد، الذي رأوه يمس الأمن القومي الأمريكي، أما في مصر فكل شيء معروض للبيع.
إرضاء الصندوق
ويأتي طرح مطار القاهرة للتأجير، إرضاء لاشترطات صندوق النقد الدولي، من أجل تمرير 5 شرائح متبقية من قرض المليارات الثمانية، والذي تحل مراجعته الرابعة في سبتمبر المقبل، ويتبعها حصول مصر على 1.3 مليار دولار من صندوق الاستدامة.
ومن ضمن اشتراطات الصندوق لتمرير باقي شرائح القرض، وفق مراقبين؛ تخارج الدولة من العديد من القطاعات التي تعمل فيها منذ عقود وطرح الشركات العامة على القطاع الخاص الأجنبي والمستثمرين الاستراتيجيين.
ورغم ما تم بيعه من أصول وشركات عامة مصرية، في ملف يثير الجدل والمخاوف، وبرغم ما أعلنت حكومة القاهرة عن طرحه من أصول تعدت 32 شركة عامة في فبراير 2023، إلا أن الصندوق الدولي، يبدو غير مقتنع بهذا الرقم، ولن يكتفي بهذا القدر من التفريط في الأصول العامة.
وهو الوضع الذي عبرت عنه رئيسة بعثة صندوق النقد الدولي لمصر، ويفانا فلادكوفا هولار، بقولها: “رغم أن هناك جهدا تبذله الحكومة المصرية في تنفيذ برنامج بيع الأصول، إلا أننا لا نزال نرى تباطؤا واضحا في خطط التخارج من الأصول المملوكة للدولة”.
كما أنه من غير المستبعد التفريط في باقي المطارات المصرية الأخرى حتى بعيدا عن اشتراطات صندوق النقد الدولي على مصر، بل إنه أمر يقترب من التحقيق وفق سياسية عبدالفتاح السيسي، في التفريط في الأصول المصرية بداية من جزيرتي “تيران وصنافير” للسعودية عام 2016، وحتى صفقة رأس الحكمة بالساحل الشمالي مع الإمارات، في مارس الماضي.
الموانئ للإمارات
بل إن مصر في ظل حكم السيسي، وخلال فترة وزير النقل العسكري الفريق كامل الوزير، تواصل التفريط في أهم موانئ البلد العربي الأفريقي صاحب الموقع الاستراتيجي وسط العالم القديم، ومنح امتيازها لشركات الإمارات وسط تسهيلات مالية واستثناءات إدارية ومخالفات قانونية، في وضع يعيد وفق مراقبين ما عُرف تاريخيا بالامتيازات الأجنبية في مصر بالقرن الـ19.