رحلة الضابط أحمد عبدالجواد من الأمن الوطني إلى تعديلٍ “قوانين الانتخابات” لحصار الحياة السياسية ؟

- ‎فيتقارير

وفقا ل"نائب" برلمان العسكر أحمد عبد الجواد، ضابط الأمن الوطني "السابق"، والأمين العام لحزب (مستقبل وطن) ونائب رئيس "الحزب"، فتعديلات قانون مجلس النواب تقضي بإعادة توزيع المقاعد على 4 دوائر للقائمة المُغلقة المُطلقة، دائرتين لهم 80 مقعدا، كل دائرة 40، ودائرتين لهم 204 مقاعد لكل دائرة 102، بإجمالي 284 مقعدا لنظام القوائم.

وفي مجلس الشيوخ تقضي التعديلات بتوزيع مقاعد القوائم على 4 دوائر، بواقع 26 مقعدا على دائرتين، 13 لكل دائرة، و37 مقعدا لكل دائرة من الدائرتين الثانيتن، ليصل إجمالي مقاعد القوائم إلى 100 مقعد.

وتمكنت الأجهزة من خلال "عبدالجواد" والكتيبة المُلحقة به في ما يسمى "أحزاب" الموالاة المتمثلة بشكل رئيسي في (مستقبل وطن -والشعب الجمهوري -وحُماة وطن -وتنسيقية شباب الأحزاب) من تعديل قوانين الانتخابات وتمرير لـ"القائمة المُطلقة" وحصارٌ للسياسة، بحسب مراقبين.

وفي سبتمبر 2024، اختارت الهيئة العليا ل"مستقبل وطن" أحمد عبد الجواد أمينا عاما ل"الحزب" الذي كان أول ظهور له في "انتخابات" مجلس الشورى سنة 2020، وقتها كان عبد الجواد، غادر مقر أجهزة الأمن الوطني برتبة عقيد .

ولعل صعوده السريع يكشف أن مغادرة المقرات تختلف عن مغادرة الأدوار والوظائف، وفُوجئ زملاؤه بتعيينه نائبا لرئيس قناة المحور بعد إعلان النائب في مجلس الشيوخ وعضو حزب مستقبل وطن محمد المنظور عن شراء القناة سنة 2021، بعد حبس رجل الأعمال حسن راتب مالك القناة في قضية إتجار بالآثار مع نائب آخر.

وفي أغسطس 2022، نشر موقع "مدى مصر" أخبار عن حملة تطهير في قيادات مستقبل وطن على خلفية شبهات فساد، تشمل أشرف رشاد الأمين العام للحزب في ذلك الوقت.

وأنكر "مستقبل وطن" ما نشره "مدى مصر" وقدم بلاغات ضد 4 من صحفيات الموقع، وتعمد توصيل البلاغات في كل المحافظات لاستنزاف الصحفيات بين استدعاءات النيابات المختلفة والتنكيل بهن (كعب داير).

إلا أن "مستقبل وطن" غيّر قياداته العليا وعلى رأسها أمينه العام أشرف رشاد، وعزله من قيادة الهيئة البرلمانية للحزب في أكتوبر 2023، واستبدله بالنائب أحمد عبد الجواد.
 

ومن ذلك كانت القفزة التالية في مسيرة الضابط "النائب" أحمد عبد الجواد في مارس 2023 بعد اختياره أمينا للتنظيم في "مستقبل وطن" ونائبا لرئيس الحزب، كما تزامن تصعيده السياسي مع تصعيد موازٍ في الأعمال التجارية و"البيزنس".

في سبتمبر 2023، ألقت الأجهزة الأمنية القبض على الباحث السياسي هيثم خليفة صاحب قناة التاريخ السياسي والاقتصادي على يوتيوب، وقيل وقتها إن السبب الرئيسي في القبض عليه كان تسليطه الضوء على الثراء السريع الذي حققه النائب الضابط أحمد عبد الجواد.

وقال "هيثم خليفة" (بلديات عبد الجواد من الزقازيق): إن "أحمد عبد الجواد كان ضابطا في جهاز الأمن الوطني يملك سيارة بسيطة، لكن سرعان ما تحوّل بعد خروجه من الجهاز إلى رجل أعمال ثري يملك أسطولا من السيارات يتنقل بها في محافظة واحدة مثل الشرقية، فضلا عن مشاريعَ في عالم الأعمال في مصر والإمارات منها مشاريع مرتبطة بتجارة الذهب".

وطلب "خليفة" من "عبد الجواد" أن يحكي قصته لتكون نموذجا للشباب ممن يراقب  النجاح، وكيف تمكّن وهو موظف بسيط في الحكومة إلى تحقيق رِيادة في عالم الاقتصاد والأعمال بشطارته واجتهاده؟.

واتهم هيثم خليفة "عبد الجواد" أنه أصبح معروفا في الشرقية بلقب "مولانا" لأنه أصبح الطريق لأي رجل أعمال طامح لمنصب سياسي لشراء هذا المنصب، أو تحقيق المصالح التي يسعى لها.

أحمد عبد الجواد بمناسبة توليه منصبه الجديد في الحزب، وجه الشكر لزعيم الانقلاب العسكري عبدالفتاح سعيد خليل السيسي الذي "أرسى مبادئ دمج أبناء الوطن في مشهد سياسي يتسع للجميع دون إقصاء"، بحسب عبدالجواد.

التدمير السياسي

المطلوب من أحمد عبدالجواد الذي يقود التعديلات وزملاؤه من مكتب الأمن الوطني أو مستقبل وطن وكلاهما صنوان، هو ما يبدو أن التعديلات التي أُدخلت على التمثيل وتكافؤ الفرص السياسية لا تعكس توافقا سياسيا لمجرد أنها مدعومة من كتل برلمانية معظم أعضائها اختارته أيادي الأمن الوطني.
 

وفي جلسات ما يسمى "الحوار الوطني" بين النظام والمعارضة (لا تشكل) 2023 حدث خلاف هائل على النظام الانتخابي، والتيارات غير الرسمية المُسماة بالمدنية (شركاء انقلاب السيسي) تمسكت بتطبيق نظام القائمة النسبية، فيما تمسك حزب مستقبل وطن وحماة الوطن والشعب الجمهوري بنظام القائمة المغلقة.

وفكرة نظام القائمة المغلقة المطلقة أنه القائمة التي تفوز بـ 50٪ من أصوات الناخبين تضمن الفوز تلقائيا في كل المقاعد المخصصة للدائرة، كنظام مصمّم بشكل خاص لصالح الأحزاب التي تتمتع بتمويل كبير ونفوذ واسع وعلاقات أمنية ك"مستقبل وطن" بهدف السيطرة المطلقة على البرلمان، وفي المقابل لا يسمح إلا بهامش شديد الضآلة وعديم التأثير للمعارضة الشكلية.

وفي العادة يدرك الجميع  أن الأجهزة هي من تتحكم بالمشهد السياسي والنقابي، حتى ومظاهرات سلم الصحفيين ومظاهرات الفاتورة الإلكترونية ووقفات عمال الشركات وحملة الماجستير، وأن المساومات مع الأمن جزء أصيل في الحياة العامة السياسية والمهنية وهي جزء من ترسيخ الاستبداد والمؤامرات والخضوع من قيادات الحزب إلى أصغر عضو للسلطة الحاكمة.

ورغم هذه المساحة من التحكم بالمشهد، لا تطيق الأجهزة كلمات الانتقاد إلا في إطار "وظيفي" مثل دعوة مصطفى بكري وعلي جمعة إلى مقاطعة الكيان الصهيوني تحت قُبة القرود.

أما القدرات المالية، التي تتوفر لأحزاب الموالاة (هي بالأساس صكوك ولاء من رجال الأعمال المحليين بأوامر من مكتب الأمن الوطني المحلي أحيانا يطلبه أمين شرطة بالجهاز معروف بالدائرة وتوسعت سلطاته) وهو ضمن المال السياسي الذي يدفع لغرض سياسي أو لغرض أمني لحماية رأس مال رجال الأعمال، لحماية نفوذهم الاقتصادي وقضاياهم المكشوفة لدى ضباط الأجهزة، لضمان استمرار شركاتهم، وهو ما يظهر في الدعاية الانتخابية الكثيفة على أقاليم جغرافية بحالها في مصر لصالح السيسي الذي لا يتكلف يافطة واحدة في مناطق الجمهورية.