مرة أخرى تهتز مصر على وقع جريمة أسرية مروعة، أب في الإسكندرية يذبح طفلتيه داخل شقته، لتفارق الكبرى الحياة في الحال، فيما تصارع شقيقتها الصغرى جروحها، قبل أن يوجه الأب طعنات قاتلة لنفسه أنهت حياته، وقبلها بأيام فقط، أب آخر يقتل أبناءه الثلاثة ويطعن زوجته، ثم يلقىي بنفسه تحت عجلات القطار.
هذه ليست مجرد جرائم أسرية عابرة، بل هي انعكاس مباشر لجرائم سياسية واقتصادية ارتكبها المنقلب السفاح السيسي ونظامه بحق المصريين، فالآباء الذين يفترض أن يكونوا حُماة أسرهم صاروا قتلة، بعد أن سحقهم الفقر واليأس، في بلد يُنهب كل يوم لتمويل عاصمة إدارية وقصور رئاسية وصفقات سلاح وطائرة رئاسية بمليارات الدولارات، بينما لا يجد المواطن ما يسد به رمق أطفاله.
انهيار الجنيه.. وانهيار الأسر
منذ الانقلاب العسكري، والجنيه المصري يتهاوى حتى صار بلا قيمة، إذ وصل إلى أن خمسين جنيهاً لا تعادل سوى دولار واحد، ومعه تضاعفت أسعار السلع أكثر من 30 مرة مقارنة بفترة الرئيس المنتخب الشهيد الدكتور محمد مرسي، أما فواتير الكهرباء والغاز والمياه، فقد قفزت إلى مستويات جنونية وصلت في بعض الأحيان إلى 300 ضعف.
أي بيت يستطيع احتمال هذا الجحيم؟ الأسر المتوسطة التي كانت تعيش بالكاد صارت اليوم عاجزة عن شراء الطعام، وأبسط الضروريات تحولت إلى رفاهية، فيما تُستنزف موارد الدولة في مشاريع استعراضية لا تعود بأي نفع على الشعب.
جريمة نظام لا جريمة فرد
النظام يروّج أن دوافع هذه الجرائم "خلافات أسرية" أو "تعاطي مخدرات"، لكن الحقيقة أن السبب الأكبر هو الإفقار الممنهج، أب crushed by الديون واليأس وفقدان الأمل في المستقبل، لن يجد أمامه إلا الانفجار في أقرب الناس إليه، هذه ليست جريمة عائلة، بل جريمة نظام دمّر المجتمع واغتال معنى الحياة الكريمة.
السيسي والدم على الأيدي
بينما تغرق مصر في بحر من الديون وتنهش الغلاء أجساد الفقراء، ينشغل السيسي ببناء قصور فارهة في العاصمة الإدارية، وصفقات سلاح لا يحتاجها الشعب، وطائرة رئاسية بمليارات الدولارات ليجوب بها العالم في استعراض فارغ، كل جنيه ينفق هناك يعني أسرة جديدة تُدفع إلى الجوع، وربما إلى مأساة كتلك التي شهدناها في الإسكندرية.
مصر على حافة الانهيار
هذه الحوادث ليست سوى جرس إنذار بأن المجتمع ينهار من الداخل، وأن الجرائم الأسرية ما هي إلا نتيجة طبيعية لسياسات قمعية ونهب منظم. فالجريمة الكبرى ليست طعنة أب في صدر ابنته، بل الطعنة التي وجهها السيسي لصدور 100 مليون مصري، حين صادر لقمة عيشهم وأحلامهم، وتركهم بلا عائد .