تدرس حكومة الانقلاب في مصر إعادة النظر في الزيادة المرتقبة بأسعار الوقود، والتي كان من المقرر تنفيذها مطلع أكتوبر/تشرين الأول الجاري، وذلك في ظل تراجع أسعار النفط عالمياً عقب اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، بحسب مصدر حكومي نقلت عنه وسائل إعلام محلية
المصدر أوضح أن القرار، الذي جاء بعد سلسلة من الزيادات المتتالية التي أثقلت كاهل المصريين منذ انقلاب عبد الفتاح السيسي عام 2013، يستهدف تخفيف الضغط الشعبي في ظل تصاعد الغضب من الغلاء المستعر وانهيار مستوى المعيشة، مشيراً إلى أن الحكومة تحاول استثمار تراجع أسعار النفط وتقلّص تكاليف استيراده مؤخراً، إضافة إلى تحسّن نسبي في الإيرادات السياحية وعودة جزئية لحركة الملاحة في قناة السويس.
فقد هبطت العقود الآجلة لخامَي برنت وغرب تكساس أكثر من 3% في ختام تعاملات الأسبوع الماضي، لتسجل أدنى مستوياتها منذ مايو/أيار الماضي، إذ أغلق خام برنت عند 62.7 دولاراً للبرميل، مقابل 58.9 دولاراً للخام الأميركي، في حين كانت الحكومة المصرية قد وضعت ميزانيتها على أساس سعر 80 دولاراً للبرميل، ما يمنحها هامشاً مؤقتاً للمناورة.
وتعتمد حكومة السيسي في تسعير الوقود على ثلاثة معايير رئيسية: أسعار النفط العالمية، وسعر صرف الجنيه أمام الدولار، والعرض والطلب المحلي. ومع وقف الحرب في غزة وعودة الاستقرار النسبي لحركة التجارة في قناة السويس، تأمل الحكومة أن يتحسن وضع الجنيه وتزداد إيرادات النقد الأجنبي، وهو ما قد يخفض تكاليف الاستيراد مؤقتاً
في المقابل، يرى مراقبون أن هذه المبررات ليست سوى محاولة لامتصاص الغضب الشعبي، خاصة أن المصريين عانوا من موجات متتالية من رفع الأسعار منذ تولي السيسي الحكم، في وقت تتفاقم فيه أزمة المعيشة وتآكل الأجور وغياب العدالة الاجتماعية.
وأكد الخبير الاقتصادي عبد النبي عبد المطلب في تصريحات لـ"العربي الجديد" أن المباحثات الجارية حالياً بين الحكومة وبعثة صندوق النقد الدولي في القاهرة، والخاصة بالمراجعتين الخامسة والسادسة من برنامج "الإصلاح الاقتصادي"، لا تتناول ملف أسعار الوقود أو الكهرباء، موضحاً أن تلك القرارات تبقى "شأناً حكومياً خالصاً"، بينما يركز الصندوق على قضايا الدين العام وبرنامج الطروحات الحكومية.
ويرى محللون أن أي تأجيل مؤقت في رفع أسعار المحروقات لن يغيّر من واقع الأزمة الاقتصادية العميقة التي يعيشها المصريون، في ظل سياسات السيسي القائمة على الجباية والإفقار، بينما تتواصل الزيادات الجنونية في الوقود منذ الانقلاب وحتى اليوم، لتصبح رمزاً صارخاً لعجز النظام واستسلامه الكامل لإملاءات.