كشفت مصادر إعلامية مصرية مطلعة أن أجهزة المخابرات الحربية أصدرت خلال الساعات الماضية تعليمات مباشرة لعدد من القنوات والصحف الموالية للنظام، بشنّ هجوم واسع على الرئيس السوري أحمد الشرع، على خلفية تصريحاتٍ أدلى بها خلال مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار في العاصمة السعودية الرياض، اعتُبرت انتقادًا مبطنًا للنظام المصري برئاسة عبد الفتاح السيسي.
–
شرع يشيد بدول الخليج وتركيا ويثير غضب القاهرة
الشرع قال في مداخلته الحوارية إن "سوريا اليوم لديها علاقة مثالية مع تركيا والسعودية وقطر والإمارات، وهذه الدول الناجحة تعمل بجهد مضاعف وتواكب التطور في العالم"، مضيفًا أنه "مع احترامه لدول مثل مصر والعراق، إلا أن وتيرة عملها مختلفة".
ورغم الطابع الدبلوماسي لتصريحاته، سارعت صفحات سعودية بارزة — أبرزها أخبار السعودية — إلى تحريف مضمونها، ونشرها بصيغة توحي بأنه قارن بين "دول ناجحة مثل الخليج وتركيا" و"دول متخلفة مثل مصر والعراق"
أوامر عليا… وهجوم منسق
عقب تداول التصريحات، شنت وسائل الإعلام المصرية حملة هجومية شرسة على الشرع، استخدمت فيها خطابًا عدائيًا وتوصيفات مسيئة، وصلت حد نعته بـ"الإرهابي" وتذكير الجمهور بكنيته السابقة "أبو محمد الجولاني"، في محاولة لتشويه صورته.
وأكدت مصادر صحفية أن التوجيه الإعلامي جاء من المخابرات الحربية مباشرة، التي رأت في حديث الشرع تلميحًا واضحًا إلى فشل النموذج الاقتصادي المصري رغم القبضة الأمنية، الأمر الذي أثار غضب دوائر القرار في القاهرة.
الخوف من المقارنة… و"الاستقرار الوهمي"
يرى مراقبون أن الحملة تكشف حساسية النظام المصري تجاه أي انتقاد أو مقارنة بين أوضاعه الاقتصادية وبين دول تشهد إصلاحات ونموًا فعليًا.
ويشير محللون إلى أن النظام يسعى لترويج صورة "استقرار سياسي" قائم على القمع وتكميم الأفواه، بينما يعيش المواطن المصري تدهورًا اقتصاديًا غير مسبوق منذ انقلاب 2013، وهو ما جعل تصريحات الشرع تبدو — ولو ضمنيًا — كمرآة محرجة لذلك الواقع.
ويذهب بعض المراقبين إلى القول إن مصر في عهد السيسي تشبه سوريا الأسد في سنوات القمع الحديدي، إذ يتم تسويق الأمن على حساب الحرية والاقتصاد، في مشهد يُعيد إلى الأذهان نمط الحكم بالحديد والنار.
توتر صامت بين القاهرة ودمشق
تأتي هذه الأزمة الإعلامية في سياق توتر غير معلن بين النظامين المصري والسوري، خصوصًا بعد مواقف الشرع المناوئة للقاهرة، ومنها إلغاء الاحتفال بذكرى حرب أكتوبر، وعدم منعه مظاهرات في دمشق انتقدت النظام المصري.
ويرى محللون أن التحريف الإعلامي السعودي لتصريحات الشرع كان الشرارة التي أجّجت الأزمة، في وقت تتنافس فيه عواصم عربية على تقديم نفسها كنموذج سياسي واقتصادي "ناجح"، بينما تكتفي القاهرة — بحسب مراقبين — بتحريك إعلامها بأوامر أمنية لتصفية الحسابات السياسية.
