مناهج صعبة وتقييمات أسبوعية وأعباء اقتصادية ونفسية…أولياء الأمور والطلاب يقررون مقاطعة التعليم بشبه الدولة

- ‎فيتقارير

 

يعيش أولياء الأمور وتلاميذ المدارس حالة من الغليان احتجاجا على الانهيار الذي تشهده المنظومة التعليمية في زمن الانقلاب، خاصة مع وجود وزير التعليم الانقلابي محمد عبداللطيف، والذي قام بإجراء تغييرات كبيرة في المناهج الدراسية تفوق قدرات التلاميذ ولا تتوافر الإمكانات لتطبيقها ،كما حملت هذه التغييرات الأسر المصرية أعباء مادية وضغوطا يومية لا طاقة لهم بها

هذه الأوضاع المتوترة دفعت أولياء الأمور إلى الدعوة إلى الإضراب ومنع التلاميذ من الذهاب إلى المدارس أو حضور الحصص.

دعوات الإضراب تكشف عن عمق الأزمة التي تعصف بالمنظومة التعليمية في زمن الانقلاب، حيث تتقاطع فيها مشكلات المناهج المكثفة، وضغط التقييمات المستمرة، وغياب الأنشطة، مع أعباء اقتصادية ونفسية تثقل كاهل الأسر والمعلمين والطلاب على حدٍّ سواء.  

وبينما يرى أولياء الأمور والطلاب أن النظام الحالي تجاوز طاقتهم وأفقدهم متعة التعلم، تزعم وزارة تعليم الانقلاب أن التطوير ضرورة لمواكبة المستقبل، فيما يشدد خبراء تربويون على أن نجاح أي إصلاح تعليمي مرهون بتهيئة البيئة المدرسية والاجتماعية، وتدريب المعلمين، وإشراك الأسرة في صياغة الحلول. 

 

حملة إلكترونية

 

كانت منصات التواصل الاجتماعي فد شهدت حملة إلكترونية نشطة تدعو إلى الإضرابٍ عن التعليم احتجاجًا على ما يصفه طلاب وأولياء أمور ومعلمين بأزمات متفاقمة في النظام التعليمي، وتأتي هذه الدعوات كاحتجاج على ما وصفوه بصعوبة المناهج الدراسية، وضغط التقييمات الأسبوعية، وارتفاع أسعار الكتب الدراسية والدروس الخصوصية، إلى جانب نقص الوقت المخصص للمذاكرة، مما ينعكس سلبًا على الطلاب والأسر.  

 تترافق الحملة مع مطالب بإقالة محمد عبد اللطيف وزير تعليم الانقلاب، وتخفيف المناهج، وتتركز الأسباب الرئيسية وراء دعوات الإضراب حول شكاوى التلاميذ وذويهم من الضغط النفسي الناتج عن كثرة التقييمات والواجبات، وضياعِ وقت الحصص في الامتحانات بدلًا من التعليم الفعلي، فضلًا عن ارتفاع تكاليف التعليم.

 

ضغوط شديدة

 

حول هذه الأزمة قالت ملك أدهم، والدة تلميذ وتلميذة في المرحلتين الإعدادية والثانوية العامة: إن "الأسر المصرية تعاني من ضغوط شديدة بسبب النظام التعليمي الحالي، مؤكدة أن الطلاب يفقدون القدرة على التركيز والراحة بسبب ضيق الوقت وتراكم الواجبات اليومية والتقييمات المتكررة التي ترهق الطلاب وأولياء الأمور معًا" .

وكشفت ملك أدهم في تصريحات صحفية أن الأمهات يتحملن عبئًا مضاعفًا، إذ يشاركن أبناءهن المذاكرة رغم مسؤولياتهن المنزلية. منتقدة تراجع الاهتمام بالأنشطة المدرسية مثل الرياضة والموسيقى والرسم .

وطالبتً وزارةَ تعليم الانقلاب بتخفيف المناهج وتقليل التقييمات الأسبوعية ومنح الطلاب فرصة حقيقية للمذاكرة والراحة وممارسة الرياضة وأنشطتهم الطبيعية، معربة عن أسفها لانهيار طموحات الأسر والطلاب تحت ضغط المناهج، إذ بات هدفهم من التعليم هو “النجاح فقط”. 

وأضافت ملك أدهم : يجب على وزارة تعليم الانقلاب الاستماع إلى أصوات أولياء الأمور والطلاب والمعلمين باعتبارهم الأقدر على تشخيص مشكلات التعليم معربة عن أسفها لأن المسئولين في وزارة تعليم الانقلاب يتخذون قراراتٍ دون التشاور مع المعنيين الحقيقيين.

 

قهر تعليمي

 

وتابعت : أطفالنا يتعرضون للقهر التعليمي ونحن أولياء الأمور نتشارك معهم القهر، الأمر الذي يسبب ضغوطا نفسية داخل البيوت المصرية، مؤكدةً أن بعض الطلاب، ومنهم نجلها في الصف الثالث الثانوي، أصيبوا بالاكتئاب من فرط الضغط الدراسي وتراكم المعلومات. 

وأشارت ملك أدهم إلى أن نجلها في الثانوية العامة تعلّم في ظل النظام القديم الذي وصفته بأنه أكثر توازنًا وعدالة من النظام الحالي، موضحةً أنه كان قادرًا على الجمع بين المذاكرة والأنشطة الرياضية والدروس الخصوصية دون إرهاق أو ضغط نفسي، أما النظام الجديد، فقد أفسد هذا التوازن وأدى إلى فقدان الطلاب طاقتهم واهتمامهم .

وأكدت أن ابنتها التي تدرس بالمرحلة الإعدادية تضطر أحيانًا لتناول طعامها أثناء المذاكرة لتلحق بالكم الكبير من الواجبات، وتظل تدرس حتى منتصف الليل. 

وانتقدت ملك أدهم التطبيق الناقص للنظام التعليمي العالمي، موضحة أن تعليم الانقلاب نقلت المناهج دون توفير مقوماتها من معلمين مؤهلين ومدارس مجهزة ونظام تقييم متكامل .

ولفتت إلى أن مادة تكنولوجيا المعلومات تُدرَّس نظريًا دون تطبيق عملي، منتقدة طريقة تعامل بعض المعلمين مع الطلاب، الذين بسبب الضغط النفسي الممارس عليهم داخل الفصول أصبحوا يكرهون المدرسة. 

 

نظام مرهق

 

وأكد إيهاب السواح، ولي أمر تلميذة في المرحلة الابتدائية، أن نظام التعليم الحالي يعد صعبًا جدًا بالنسبة للأطفال في هذا السن الصغير، مشيرًا إلى أن الضغط اليومي الذي يتعرض له التلاميذ أصبح فوق طاقتهم وطاقة أسرهم. 

وقال السواح في تصريحات صحفية: إن "يوم الطفل يبدأ منذ الصباح الباكر بالذهاب إلى المدرسة، ثم متابعة الدروس الخصوصية بعد العودة، قبل أن ينجز واجباته المدرسية دون أن يجد وقتًا للمذاكرة الفعلية أو الفهم، موضحًا أن اليوم الدراسي بات يتكرر على نفس الوتيرة يومًا بعد يوم، دون راحة أو تجديد، وهذا النظام المرهق لا يؤثر على الأطفال وحدهم، بل يسبب أيضًا عبئًا نفسيًا وجسديًا على الأسر التي تشارك أبناءها هذا المجهود المستمر" . 

وطالب بتخفيف المناهج الدراسية والتقويمات المستمرة، مقترحًا أن تجرى التقييمات مرة واحدة في الشهر بدلًا من كل أسبوع، لأن النظام الحالي يشكل ضغطًا كبيرًا على التلاميذ والمعلمين في آن واحد. 

ودعا السواح إلى إعادة النظر في نظام الغياب، لأن الكثير من الأطفال يضطرون إلى التغيب بسبب المرض، وأن إجبارهم على الحضور في تلك الحالات يعد خطرًا على صحتهم وصحة زملائهم، لاحتمال نقل العدوى بينهم، مؤكدًا أن هذه المطالب بسيطة وسهلة التنفيذ، وأن تطبيقها سيخفف كثيرًا من معاناة الأسر والأطفال، ويسهم في تحسين بيئة التعليم وجودته.