عصابة العسكر فتحت الحدود لدخول المخدرات من أجل تغييب الشباب وإبعادهم عن الثورة ضد السيسي

- ‎فيتقارير

 

في الوقت الذي تنشغل فيه عصابة العسكر بقيادة عبدالفتاح السيسي بمصالحها الخاصة واستنزاف المصريين وتجويعهم، لجأت هذه العصابة إلى فتح أبواب البلاد أمام دخول المخدرات، وأصبح الإتجار في المواد المخدرة لا يخلو منه شارع من شوارع المحروسة وتزايدت أعداد المدمنين، خاصة بين الشباب الذين تستهدفهم عصابة العسكر على وجه الخصوص، من أجل تغييبهم عن الواقع حتى لا يفكروا في الثورة من أجل إسقاط هذا النظام الإجرامي.  

كانت خريطة المخدرات في مصر قد شهدت خلال السنوات الأخيرة تحولًا جذريًا في طبيعة المواد المنتشرة بين المتعاطين، فبينما ظل الحشيش والبانجو لعقود هما الأكثر شيوعًا والأكثر ارتباطًا بثقافة التعاطي، برزت منذ منتصف العقد الماضي موجة جديدة من المخدرات المصنعة مثل “الاستروكس” و”الفودو” و”الكريستال ميث (الشابو)”، والتي غيّرت طبيعة الظاهرة وزادت من خطورتها. 

 

مخدرات مصنعة

 

في هذا السياق، كشفت بيانات صندوق مكافحة وعلاج الإدمان أن الحشيش ما يزال يحتل المرتبة الأولى في قائمة المخدرات الأكثر تعاطيًا بنسبة تفوق 50% من الحالات التي يتم علاجها داخل المصحات، يليه الترامادول الذي رغم تشديد الرقابة على صرفه منذ عام 2018 ما زال حاضرًا في سوق المخدرات لسهولة تهريبه وتداوله بين السائقين والعمال الباحثين عن “منشط رخيص”. 

  وأكد الأطباء أن الأكثر خطورة هو صعود المخدرات الصناعية، فـ”الاستروكس” و”الفودو” أصبحا خلال فترة قصيرة بين الأكثر انتشارًا، خصوصًا بين طلاب الجامعات والمراهقين .

وقالوا: إن "هذه المواد تتميز بانخفاض سعرها مقارنة بالحشيش، وسهولة تداولها عبر شبكات صغيرة لا تحتاج إلى مساحات زراعية أو طرق تهريب تقليدية، موضحين أنه رغم أن حكومة الانقلاب أدرجت هذه المواد على جداول المخدرات المحظورة منذ عام 2019، إلا أن سوقها ظل نشطًا، حيث تُصنع غالبًا بطرق بدائية داخل ورش سرية باستخدام مواد كيميائية قاتلة". 

وكشفت الأطباء أن “الكريستال ميث” المعروف بـ”الشابو”، تسلل من دول شرق آسيا إلى السوق المصري عبر شبكات التهريب من البحر الأحمر وسيناء، مؤكدين أنه رغم ارتفاع سعره مقارنة بالأنواع الأخرى، إلا أنه وجد طريقه إلى شرائح محدودة، خصوصًا في الأوساط الميسورة والشباب الباحث عن “نشوة سريعة”، رغم أن هذا النوع أنه يسبب تدميرًا جسديًا ونفسيًا بالغ السرعة،

وحذروا من أن متعاطي الشابو قد يصل إلى مرحلة الانهيار العقلي خلال أشهر قليلة من التعاطي، لافتين إلى تزايد نسبة تعاطي المخدرات التخليقية مثل الشابو من 17% إلى 32% خلال عام 2024 فيما يُعد الشابو من أكثر المخدرات التخليقية انتشارًا في مصر حاليًا. 

 

انفلات أمني

 

من جانبه كشف استشاري الطب النفسي وعلاج الإدمان الدكتور إبراهيم مجدي حسين، أن انتشار المخدرات الحديثة في زمن العسكر يرتبط بعدة عوامل مركبة، خاصة بعد عام 2011 وما تلاه من انفلات أمني في البلاد .

 وقال حسين في تصريحات صحفية : "هناك نوع جديد من المخدرات يعرف بالمخدرات التخليقية أو الصناعية، وهي مخدرات مصنعّة تدخل إلى الجسم بطرق مختلفة مثل الأعشاب العطرية أو أملاح الاستحمام، وتتميز بأنها رخيصة الثمن وصعبة التتبع، كما أن مفعولها أقوى من المخدرات التقليدية". 

وأكد أن انتشار هذه المخدرات لا يمكن فهمه بمعزل عن الواقع الأمني، مشيرا إلى أنها جزء من حرب المخدرات، وهو مصطلح معروف عالميًا يشير إلى استخدام المخدرات من جانب حكومات بعض الدول كوسيلة لإفساد الشعوب أو تدميرها للتغطية على فسادها وعدم شرعيتها .

وشدد حسين على أن دخول هذه المخدرات إلى السوق المصرية مرتبط بنظريات الحروب الاستخباراتية والنفسية، وهو ما يجعل مراقبتها وتعقبها صعبًا جدًا، خصوصًا مع توفرها في أماكن متعددة وبتكلفة منخفضة. 

من الجانب الطبي، أوضح أن جرعات المخدرات التخليقية تحدث تأثيرًا مضاعفًا مقارنة بالمخدرات التقليدية، ما يؤدي إلى حالات من القسوة والتهور عند المستخدمين، ويجعلهم أكثر ميلاً لتجربة جرعات أكبر.

وخلص حسين إلى القول : "هذه العوامل مجتمعة، من السعر الرخيص إلى الانفلات الأمني والحرب الاستخباراتية، كلها ساهمت في زيادة نسب التعاطي في المجتمع المصري بشكل ملحوظ، ما يستدعي تدخلًا متكاملًا من سلطات الانقلاب الصحية والأمنية للحد من آثارها الخطيرة". 

 

ضغوط نفسية واجتماعية

 

وقال أخصائي الطب النفسي وعلاج الإدمان الدكتور عبد العظيم الخضراوي: إن "المشكلة لم تعد مرتبطة فقط بالفرد، وإنما بالثقافة العامة المحيطة، مؤكدا أن انتشار التعاطي بين الشباب الأكبر سنًا، يخلق مناخًا ممهِّدًا لانتقال الظاهرة إلى الأجيال الأصغر، خاصة في ظل وفرة المخدرات وسهولة الوصول إليها في مختلف الأحياء".

وأكد الخضراوي في تصريحات صحفية أن أسعار المخدرات في زمن الانقلاب أصبحت في متناول الشباب بل والأطفال، ما يجعل التجربة الأولى أكثر قربًا من أي وقت مضى. 

وشدد على أن الضغوط النفسية والاجتماعية تمثل وقودًا أساسيًا لاستمرار الأزمة، موضحا أن غياب آليات صحية لحل المشكلات يدفع كثيرين إلى البحث عن مهرب سريع عبر عبارة شائعة : "بشرب عشان أنسى".

وأوضح الخضراوي، أنه مع دخول أنواع جديدة إلى السوق المصري مثل الأستروكس والفودو والشادو والباودر والفلاكا، وصولًا إلى “الآيس” أو الشابو الذي يعد الأغلى والأخطر، باتت رحلة العلاج أكثر تعقيدًا لاعتمادها على الإرادة الفردية وطبيعة البيئة والبرنامج العلاجي. 

وقال: إن "الأخطر من التعاطي، هو ما يترتب عليه من كوارث اجتماعية وأمنية مؤكدا أن المخدرات، تقف وراء ارتفاع جرائم العنف وحوادث الطرق، إذ أن الاضطرابات النفسية مثل الذهان تجعل المريض “عنيفًا جدًا وقادرًا على ارتكاب جرائم صادمة”، وهو ما شهدته مصر بالفعل في قضايا عدة بالسنوات الأخيرة".

 

إغلاق المنافذ المشبوهة

 

وشدد الخضراوي على أن الظروف الاقتصادية كان يُفترض أن تحد من الظاهرة، لكنها في الواقع تدفع إلى زيادة التعاطي تحت ضغط الإحباط والانسداد المجتمعي، موضحا أن أفضل آلية لمواجهة تفشي المخدرات هي الوقاية خير من العلاج، ورغم أن هذه الاستراتيجية قد تكون الأصعب لكنها الأكثر فاعلية على المدى الطويل.

وأشار إلى أن الوقاية تبدأ بزيادة الوعي وحساسية الأفراد تجاه مخاطر التعاطي، مع ضرورة منع مشاهد التدخين والتعاطي في الأفلام والمسلسلات التي تقدم البطل المتعاطي كقدوة يحتذى بها. 

وأكد الخضراوي أن التوعية المستمرة والمتكررة هي الركيزة الأساسية لأي خطة وقائية ناجحة، مشددا على ضرورة إغلاق المنافذ المشبوهة وتشديد العقوبات على التعاطي والاتجار بالمخدرات.

وقال: إن "المعركة ضد المخدرات هي في الأساس معركة وعي، مشددًا على أن التوعية يجب أن تكون موجهة للأمهات بشكل خاص، بهدف غرس قيم رفض المخدرات لدى الأطفال منذ الصغر، وبالتالي بناء جيل واعٍ يملك مناعة ضد الوقوع في فخ الإدمان".