علاء مبارك وبكري… معركة إهانات تكشف صراعًا أعمق داخل معسكر الحكم
تحوّل التلاسن العنيف بين علاء مبارك، نجل الرئيس المخلوع حسني مبارك، والإعلامي المقرّب من السلطة مصطفى بكري، إلى مشهد يعكس حالة التآكل داخل الدوائر التي طالما قدّمت نفسها كـ"حراس" النظام.
فالمواجهة لم تكن مجرد مناوشة شخصية، بل نافذة تكشف حجم التوترات داخل معسكر واحد يتصارع على النفوذ، وعلى موقعه في مرحلة ما بعد فشل مشروع السيسي.
انطلقت الشرارة عندما سخر علاء مبارك من تهنئة قدمها بكري لعبد الفتاح السيسي بمناسبة عيد ميلاده، مطالبًا بكري – بلهجة تهكم واضحة – ألا ينسى تهنئته هو أيضًا، قائلاً : "يا درش متنساش يوم 26 نوفمبر عيد ميلادي، من صغرك متعوّد تعيد عليّ ولا حضرتك ناسي ردّ بكري جاء مشحونًا بكمّ من الإهانات والاتهامات، إذ وصف نجل الرئيس المخلوع بالمراهق السياسي، قبل أن يقرّ بأنه سكت عن خمس إساءات سابقة من علاء، مراهنًا – كما قال – على أن الأخير "يمكن يعقل، لكن طلع رهاني خاسرا".
وفي تصعيد إضافي، اتهم بكري علاء وجمال مبارك بامتلاك مئات الملايين من الدولارات في حسابات خارجية، متحديًا علاء أن يحوّل 430 مليون دولار في بنك كريدي سويس إلى البنك المركزي المصري كوديعة، معتبرًا أن خطوة كهذه ستمحو بلاويكم .
لم يكتفِ بكري بذلك، بل لوّح بفتح ملفات حساسة من فترة محاكمة مبارك، متوعدًا، لديّ وقائع هتزعلّك، أولها ما قاله الرئيس الراحل أثناء التحقيقات في شرم الشيخ بعد تنحيه، ليختتم تهديده بلهجة حاسمة: التزم الصمت وبطّل جعجعة… هذا ندائي الأخير.
لماذا الآن؟ وما دلالات الاشتباك؟
اللافت أن هجوم علاء على بكري جاء ليس بسبب مضمون سياسي، بل بسبب تهنئة للسيسي، في وقت يواصل فيه علاء – بلا حرج – التغزل في ولي العهد السعودي محمد بن سلمان واستقباله في واشنطن، واصفًا المشاهد بـ"الاستقبال التاريخي غير المسبوق".
هذا التناقض يطرح سؤالاً مشروعًا: هل يحاول علاء مبارك إعادة تموضعه داخل مشهد سياسي متصدع، مستثمرًا في تصاعد نفوذ التحالف السعودي–الأمريكي، في مقابل التراجع الحاد لشعبية السيسي؟ من جهة أخرى، يبدو أن مصطفى بكري، أحد أبرز الأصوات المحسوبة على السلطة، وجد نفسه مضطرًا للرد بقسوة، ليس دفاعًا عن السيسي فحسب، بل لأن التهكم العلني من علاء كشف هشاشة الدور الذي يلعبه الإعلام المؤيد، وحوّله إلى مادة للسخرية.
معركة الإهانات… انعكاس لضعف المنظومة
المشهد برمته يعبّر عن حالة التخبط داخل شبكة المصالح التي دعمت حكم مبارك، ثم التحقت لاحقًا بمشروع السيسي.
فالصراع لم يعد حول السياسة، بل حول شرعية النفوذ، ومن يحق له أن يتصدر المشهد بعد فشل النظام الحالي في إدارة الدولة وتراجع مكانته الإقليمية والاقتصادية.
إن الهجوم المتبادل بين أبناء "الدولة العميقة" يكشف هشاشة النظام أكثر مما يكشف جرأة المتخاصمين، ويؤشر إلى أن السجالات المقبلة قد تحمل ما هو أخطر، خصوصًا إذا اختار علاء أو بكري المضيّ في فتح ملفات الماضي التي يتضمن بعضها – كما لمح بكري – أسرارًا من مرحلة ما بعد تنحي مبارك.
