“فنكوش” بيت الوطن.. الحكومة ترفض إعادة مقدمات الأراضي المدفوعة بالدولار للمصريين بالخارج 

- ‎فيتقارير

تصاعدت أزمة استرداد أموال مُقدمات الأراضي المدفوعة بالدولار من العاملين المصريين فى الخارج لحجز قطع أراض فيما يعرف بـ “بيت الوطن” حيث ترفض حكومة الانقلاب إعادة الأموال التى دفعها المواطنون والذين لم يتم تخصيص قطع أراض لهم .  

ورغم أن فنكوش «بيت الوطن» استطاع أن يدر نحو 7.3 مليار دولار خلال العام الماضي ، وفق تصريحات وزير إسكان الانقلاب ، إلا أن هذا المشروع وفر طريقًا للتربح السريع أمام السماسرة الذين أتقنوا لعبة الطروحات.  

وكشفت مصادر أن حصة هؤلاء السماسرة المحسوبين على «المصريين بالخارج» تتراوح بين 50-90% من إجمالي المُتقدمين، وتحول بعضهم إلى مقاولين لا بأس بحجم أعمالهم بفضل طروحات هذا المشروع.  

وقالت المصادر : المصريون فى الخارج «بيروحوا في الرجلين»، وسط هذا الهرج والمرج في الطروحات. 

وأوضحت أن الطرح يشبه «ماراثونً» يبدأه من تنطبق عليه الشروط: مصري بالخارج يملك دولارات. يختار المتقدم قطعة الأرض (أو أكثر، حيث تسمح المبادرة بحجز أكثر من قطعة)، بعد أن تطرحها حكومة الانقلاب عبر منصة إلكترونية تتضمن خرائط المناطق، وتقسيم القطع وأرقامها وقيمتها وقيمة المُقدم المطلوب، ليحصل على كود حجز مبدأي يعد بمثابة رقمه التعريفي طوال الماراثون. 

 

استقبال الحوالات 

 

وتُعلن هيئة المجتمعات العمرانية لاحقًا عن فتح باب استقبال الحوالات خلال فترة مُحددة، ليستخدم المُغترب أو السمسار الكود لدفع مقدم القطع التي يرغب في حجزها. 

بعد فترة تتراوح بين شهرين إلى ثلاثة أشهر، يُصدر البنك المركزي تقريرًا يُرتب فيه جميع المتقدمين، ثم تتولى الهيئة لاحقًا، وبشكل يومي، التخصيص النهائي لأعداد تتراوح ما بين 100 إلى 500 مُتقدم يوميًا، وفقًا للترتيب. 

يُحسم التخصيص النهائي بناءً على أسبقية وصول الحِوَالة إلى الحساب البنكي التابع للهيئة والمُخصص للمشروع، فإذا تنافس أكثر من شخص على نفس القطعة، تُخصص لصاحب أول حِوالة، وفي حال لم يتمكن المتقدِم من الحصول على القطعة التي رغب فيها أول مرة، يمكنه الاطلاع مُجددًا على الخرائط التي تُعرض فيها القطع المتبقية، في نظام يُشبه حجز المقاعد بالسينما.  

وإذا توافرت قطعة لم يتقدم إليها أحد، تُخصص له بشرط أن يكون المُقدم المطلوب لها مساويًا للحوالة الأولى أو أقل، ولا يزيد عليها. 

 

طرح تكميلي 

 

إذا لم يجد المتقدِم قطعة مناسبة، يمكنه رفض التخصيص وانتظار ما يُعرف بالطرح التكميلي، الذي يتضمن أراضي سبق تخصيصها، لكنها سُحبت لعدم التزام أصحابها بالسداد أو باشتراطات الحصول على تراخيص أو البدء في البناء، إلى جانب قطع لم يرغب بها أحد من طروحات سابقة أو قطع جديدة. 

بعد انتهاء عملية التخصيص، ينتظر المُغترب مرحلة الاستلام، التي ترتبط بانتهاء عمليات ترفيق الأراضي، أي توفير الخدمات من إمداد الطرق وتوصيل الكهرباء والمياه وغيرها من المرافق الأساسية. 

خلال هذه المرحلة، تتباين اختيارات المصريين بالخارج، بين قلة تنتظر الاستلام لبناء منزل عائلي، وآخرين يتلقون عروضًا من مقاولين صغار يشترون منهم الأرض مقابل تعويضهم عن المُقدم المدفوع، إضافة إلى ما يُعرف بـ«الأوفر»، ثم يستكمل المقاول سداد الأقساط، ويستلم الأرض، ويبدأ البناء واستخراج التراخيص، ومن ثم بيع الوحدات. 

أما السماسرة، الذين يشكلون الحصة الأكبر من المنتفعين بالمبادرة، فيبيع بعضهم الأراضي التي حصلوا عليها لمقاولين أو يتحول آخرون منهم إلى مقاولين إما بشكل غير رسمي أو عبر تأسيس شركات صغيرة . 

 

سماسرة ومقاولون 

 

وقال مصدر من جمعية التطوير العقاري، إن الجدل حول استرداد الأموال يثيره عادة سماسرة ومقاولون، لديهم علاقات جيّدة بشخصيات نافذة، للضغط على حكومة الانقلاب من أجل طرح أراضٍ في مناطق بعينها مثل القاهرة الجديدة أو الشيخ زايد أو دمياط الجديدة، لتحقيق أكبر عائد ممكن. 

وأشار المصدر الذى رفض الكشف عن اسمه، إلى أن أراضي «بيت الوطن» طُرحت في 24 مدينة، تُشكل المدن الواقعة ضمن نطاق القاهرة الكبرى نحو 55% منها، كما استحوذت هذه المدن على العدد الأكبر من قطع الأراضي المطروحة بفارق كبير عن باقي المحافظات. 

وأضاف : وزارة إسكان الانقلاب طرحت طرحًا تكميليًا إضافيًا بنحو 6800 قطعة أرض، في أكتوبر الماضي معظمها تركز في مناطق خارج القاهرة، مثل أسوان ومحافظات أخرى بالصعيد. 

 

القاهرة الكبرى 

 

وكشف مصدر من هيئة المجتمعات العمرانية، أن الأراضي المُتبقية في القاهرة الجديدة باتت محدودة، وأن الهيئة تمتلك خططًا طويلة الأجل تتعلق بترفيق الأراضي، تُراعي التوازن الجغرافي، مؤكدا أنه لا يمكن أن تتركز كل مخططات الترفيق في القاهرة الكبرى وتحديدًا شرقها . 

وقال المصدر الذى رفض الكشف عن اسمه، إن حكومة الانقلاب في بعض الأحيان كانت تستجيب للضغوطات وتطرح أراضٍ دون ترفيق، ويتم الاستلام وتُشيّد البنايات، فيما لا يستطيع أصحابها بيعها بسبب غياب المرافق. 

 

استثمار ومُضاربة 

 

وأكد الباحث العمراني، يحيى شوكت، أن ما يحدث فى مشروع بيت الوطن يحول الهدف من الشراء إلى استثمار ومُضاربة، في ظل غياب البُعد الاجتماعي الأساسي الذي يقود إعادة توجيه السكان 

وقال شوكت فى تصريحات صحفية إن المسوقين العقاريين بشركات التطوير العقاري الصغيرة العاملة بمناطق مشروع «بيت الوطن»، خاصة فى القاهرة الجديدة، تؤكد أن «الغالبية بتشتري عشان تبيع وتاخد الأوفر».  

وأوضح أن اتجاه هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة إلى «الدولرة» يُفاقم أسعار الأراضي والوحدات العقارية، ما يخلق منافسة شرسة بين القدرة الشرائية للمصريين بالخارج أو المشترين الأجانب، والمصريين بالداخل الذين يتقاضون دخولهم بالجنيه ، ما يُنتج أثرًا غير عادل، وينعكس على الحق في السكن. 

وطالب شوكت حكومة الانقلاب بضرورة التفكير في خطط  جديدة لاستغلال مدخرات المصريين بالخارج الباحثين عن استثمار يُتيح لهم دخلًا عند تقاعدهم، عبر إنشاء صناديق للاستثمار لا تركز على القطاع العقاري مرة أخرى.