«شارع في مصر أكثر عددا من سكان قطر»، مقياس جديد يسبق به ولي العهد محمد بن سلمان المراكز البحثية في العالم، وبحضور السفيه قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي نسي محمد بن سلمان أن مشكلة قطر لم تكن أبدًا صغيرة بالنسبة للسعودية، فقطر تمتلك أهم جهة إعلامية تصنع الرأي العام عربيا وعالميا، وتمتلك أهم مراكز البحث السياسي العربية، وستتمكن خلال سنوات من صناعة نخبة سياسية وثقافية عربية عبر مراكزها البحثية ومعاهدها.
وتطرق “بن سلمان” إلى حصار عصابة الأربعة “مصر، السعودية، البحرين، الإمارات” لدولة قطر، وقال على هامش لقاء مع مجموعة من المطبلين وإعلام الانقلاب، الإثنين الماضي: “مشكلة قطر تافهة جدًا.. شارع في مصر أكثر عددًا من سكان قطر”، مشددا على أنه لا يطلع على الملف القطري، ولا يتابعه بنفسه، بل إن إدارته تتم على مستوى أقل من وزاري!”.
من جهته، أكد المغرد الشهير “مجتهد” أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان أصابه الكبر والغرور، لدرجة أنه لا يعترف في مجالسه الخاصة بفشل سياسته الخارجية، لكنه دائما يعبر عن غضبه من أن الأمور لم تمضِ طبقا لما تمنى، لا في قطر ولا اليمن ولا الكويت ولا أي مكان، وأن المليارات التي أنفقها من قوت الشعب لتثبيت حكمه ذهب معظمها هباء.

شوكة الجزيرة
وتعد قناة الجزيرة الفضائية التي تملكها قطر، بحسب مراقبين، الممثل الرئيس للخطاب المضاد للتيار السلطوي العربي الذي تمثله السعودية والإمارات، وتتجاوز مجمل زيارات مواقع شبكة الجزيرة أكثر من 100 مليون زيارة شهريا، بخلاف المشاهدات التي تحوزها قنواتها المختلفة.
كما تمتلك قطر شبكة مواقع عربية ضخمة تشكل قلب الخطاب السياسي المنافس للخطاب الإماراتي السعودي، وهي فاعلة وتصل لجمهورها الضخم بكفاءة، وتمتلك أيضا شبكة من القنوات الجديدة الضخمة كالعربي وتلفزيون سوريا وكذلك مجموعة قنوات ليبية ومواقع أخرى،
وتمتلك وتحتضن أهم مراكز الدراسات السياسية والاجتماعية، كالمركز العربي للدراسات وأبحاث السياسات، والذي أغرق المكتبة العربية بإنتاجه الضخم وترجماته.
صناعة العقول
كما تحوي قطر نخبًا دينية كاتحاد علماء المسلمين، والذي يعتبر تأثيره الأساسي في أوروبا وآسيا، وكذلك شبكات أخرى من اتحادات العلماء الإسلامية في مناطق أخرى، هذا بخلاف أهم شبكة إعلامية رياضية عالمية، ولها تأثير واسع في جمهور الكرة العربية والعالمية.
هذا كله بخلاف الوضع الاقتصادي المستقر والثروة من الطاقة والغاز، والتي تمكنها من مواصلة تمويل أنشطتها دون مشاكل، ويرى مراقبون أن قطر فاعلة إقليميا وتشكل تهديدا للريادة السعودية والإماراتية؛ لأن التأثير “ليس بعدد رؤوس القطيع وإنما بفعالية الأجندة السياسية والاقتصادية”، ولا عزاء لمصر التي كانت يوما ما صاحبة هذا الدور الحضاري.
وبثت قناة الجزيرة فيلما وثائقياً بعنوان “ما خفي أعظم”، قال فيه شهود عيان إن استهداف قطر من قبل السعودية ومصر والإمارات هو بسبب المكانة التي حققتها دولة قطر في مدة وجيزة، وأن الترتيب للمحاولة الأولى كان عن طريق اختراق أمني لبعض ضباط الجيش، بعضهم غير قطريين، وأحدهم كان سعوديا، وجرى التوافق بينهم على إعلان الانقلاب في لحظة معينة في آن واحد.
وأكد صناع الفيلم أنه كانت هناك مجموعة من المسارات الداعمة لانقلاب 96 الفاشل في قطر، أهمها أن الرئيس المخلوع حسني مبارك سيرسل طائرتين تحملان قوات صاعقة تقومان بعملية إنزال على الأراضي القطرية بصورة مباغتة لتؤمن بؤرة الانقلاب، على أن يقوم الجيش السعودي- مدعوماً بميليشيا- باكتساح الحدود القطرية حتى يؤمن كل الأماكن الحيوية في قطر”.