قد يكون مبررا صدور قرار بحظر النشر مستندا إلى مبدأ حماية الجمهور من أى تأثير سلبى يحدث جراء نشر تفاصيل الواقعة، أو حماية للمتهم ولأطراف الواقعة من التشهير بهم، لكن لا مبرر لحظر النشر عندما يتعارض مع حق الشعب فى معرفة الحقيقة، خصوصا إذا جاء الحظر من سلطة انقلابية يتيمة الشرعية.
وفرضت سلطات الانقلاب حظرا في نشر قضية رئيس أركان الجيش المصري الأسبق الفريق سامي عنان، ومن المقرر أن يسري حظر النشر معه لحين انتهاء التحقيقات التي وجهها له قائد الانقلاب السفيه عبد الفتاح السيسي، بـ”التزوير” ومخالفة التقاليد العسكرية، بإعلان ترشحه في مسرحية انتخابات الرئاسة.
وصدر قرار من المدعى العام العسكري بحظر النشر بكافة وسائل الإعلام المسموعة والمكتوبة والمرئية، وكذلك جميع الصحف والمجلات القومية والحزبية اليومية والأسبوعية، وكذلك المواقع الإلكترونية، وذلك لحين انتهاء التحقيقات.
وتعليقًا من مواقع التواصل يقول الناشط محمد سويلم: “بيقولك حظر النشر عن قضية عنان خلاص فاضل يقولك حظر الدعاية الانتخابية و حظر الجهر بأسماء المرشحين و حظر التشكيك في انجازات السيد الرئيس و حظر الشكوي من تدهور الأوضاع المعيشية”.

تواطؤ الأمم المتحدة
وفي مشهد ليس جديدًا على الأمم المتحدة التي تواطأت مع الانقلاب منذ بدايته في مصر، رفض المتحدث “استيقان دوغريك”، التعليق على قرار حظر النشر واعتقال سامي عنان، للتحقيق معه، بعد أن أعلن اعتزامه الترشح في مسرحية الانتخابات الرئاسية، التي يعتزم السفيه السيسي تزويرها لصالحه.
وخلال مؤتمر رفض دوغريك الحديث عن موقف الأمين العام للمنظمة الدولية، أنطونيو غوتيريش، واستدرك قائلا: “لم أطلع بعد على تلك التقارير الخاصة بحظر النشر”.
وتنص المادة 48 من دستور 71 على أن: “حرية الصحافة والطباعة والنشر ووسائل الإعلام مكفولة، والرقابة على الصحف محظورة وإنذارها أو وقفها أو إلغاؤها بالطريق الادارى محظور، ويجوز استثناء في حالة إعلان الطوارئ أو زمن الحرب أن يفرض على الصحف والمطبوعات ووسائل الإعلام رقابة محددة في الأمور التي تتصل بالسلامة العامة أو أغراض الأمن القومي، وذلك كله وفقا للقانون”.
وتنص المادة 71 من دستور الانقلاب على أنه: “يحظر بأي وجه فرض رقابة على الصحف ووسائل الإعلام المصرية أو مصادرتها أو وقفها أو إغلاقها، ويجوز استثناء فرض رقابة محددة عليها في زمن الحرب أو التعبئة العامة. ولا توقع عقوبة سالبة للحرية في الجرائم التي ترتكب بطريق النشر أو العلانية، أما الجرائم المتعلقة بالتحريض على العنف أو بالتمييز بين المواطنين أو بالطعن في أعراض الأفراد، فيحدد عقوباتها القانون”.
وتنص المادة 19 من العهد الدولي بشأن الحقوق المدنية والسياسية: “لكل فرد الحق في اتخاذ الآراء دون تدخل، لكل فرد الحق في حرية التعبير، وهذا الحق يشمل حرية البحث عن المعلومات أو الأفكار من أي نوع واستلامها ونقلها بغض النظر عن الحدود…”.
في هذا الشأن تقول الشبكة العربية لحقوق الإنسان في أحد أبحاثها: “لقد سعت نصوص الدساتير المصرية إلى ضمان حرية التعبير، لأنها أرادت بضمان حرية التعبير أن تهيمن مفاهيمها على مظاهر الحياة في أعماق منابتها بما يحول بين السلطة العامة وفرض وصايتها على العقل العام فلا تكون معاييرها مرجعا لتقييم الآراء التي تتصل بتكوينه ولا عائقا دون تدفقها.. هنا تكون الحكمة من كفالة حرية الرأى وتضمنها مواد الدستور هو إظهار الحقيقة مع تعدد الآراء وتباينها حتى ولو كانت تلك الآراء خاطئة طالما قد تعلق الأمر بالمصلحة العامة..”.
وفيما يلي عرض أبرز قرارات سلطات الانقلاب بحظر النشر، والتى كان أغلبها عام 2015
مقتل شيماء الصباغ
فى فبراير 2015 قرر المستشار الراحل هشام بركات، نائب عام الانقلاب حظر النشر في واقعة مقتل شيماء الصباغ، عضوة حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، والتي توفيت متأثرة باصابتها بطلقات خرطوش خلال اشتباكات بين المتظاهرين وقوات الشرطة في شهر يناير الماضي بميدان طلعت حرب.
مقتل محامى المطرية
قرر نائب عام الانقلاب المستشار الراحل هشام بركات حظر النشر في قضيه مقتل المحامي كريم حمدي داخل قسم شرطة المطرية فى 26 فبراير 2015.
الآثار الكبرى
قرر نائب عام الانقلاب المستشار الراحل هشام بركات حظر النشر فى قضية الآثار الكبرى يوم 4 مايو 2015، والمتهم فيها مدير نيابة مدينة نصر وشقيقه وعدد من ضباط الشرطة.
الرشوة الجنسية
قرر القائم بأعمال نائب عام الانقلاب المستشار علي عمران، حظر النشر في قضية اتهام رئيس محكمة جنح مستأنف مدينة نصر، في طلب رشوة جنسية، وشمل قرار الحظر وسائل الإعلام المرئية والمقروءة والمسموعة في 27 يوليو الماضى.
فساد وزير الزراعة
أصدر القائم بأعمال نائب عام الانقلاب، المستشار علي عمران، قرارا بحظر النشر في التحقيقات التي تجريها النيابة العامة، في شأن الواقعة التي تم تداولها إعلاميا والمعروفة بـ”رشوة بعض المسئولين بوزارة الزراعة” نهاية شهر أغسطس الماضي.
مقتل السياح المكسيكيين
أصدر المستشار على عمران النائب العام المساعد القائم بأعمال نائب عام الانقلاب، قرارًا بحظر النشر فى التحقيقات التى تجريها النيابة العامة، فى شأن حادث مقتل أعضاء بفوج سياحى مكسيكي بمنطقة الواحات في سبتمبر 2015.
وشمل قرار حظر النشر فى التحقيقات، جميع وسائل الإعلام المسموعة والمرئية، وكذلك الصحف والمجلات القومية والحزبية اليومية والأسبوعية، المحلية والأجنبية وغيرها من النشرات أيا كانت، وكذا المواقع الالكترونية لحين انتهاء التحقيقات، عدا البيانات التي تصدر من مكتب النائب العام بشأنها.