في خبر عاجل اليوم السبت، قضت سلطات الانقلاب عبر ذراعها المحكمة الإدارية العليا، بإلغاء حكم تغريم المخلوع مبارك والعادلي ونظيف 540 مليون جنيه، تعويضًا عن قطع اﻻتصاﻻت خلال ثورة 25 يناير، وهو ما رآه مراقبون تشجيعًا لعصابة العسكر على فعل نفس الشيء في حال اندلعت ثورة في أنحاء مصر، بعد خمس سنوات من القمع والانتهاكات والإذلال والقتل والفقر وبيع الوطن.
وفي يوم 28 يناير 2011، الذي سمي بـ”جمعة الغضب”، قطعت سلطات المخلوع مبارك خدمات الاتصالات الجوالة والإنترنت حتى الساعة الحادية عشرة قبل منتصف الليل، لتعود خدمة الاتصالات الجوالة، بينما ظلت خدمات الإنترنت مقطوعة حتى يوم 2 فبراير 2011.

وكان حكم أول درجة، يلزم كلاً من مبارك ونظيف والعادلي، بأن يؤدوا من مالهم الخاص إلى خزانة الدولة، بالتضامن فيما بينهم، 540 مليون جنيه، عن الأضرار التي لحقت بالاقتصاد القومي، نتيجة قطع خدمة الاتصالات خلال الأيام الأولى للثورة، على أن يتم توزيعها فيما بينهم، بإلزام العادلي بدفع 300 مليون جنيه، ومبارك 200 مليونا، ونظيف 40 مليون جنيه.
بيطمنوهم!
وأظهرت وثائق سرية أن شركات اتصالات تواطأت مع نظام المخلوع مبارك من خلال التجاوب غير المشروط مع الإجراءات الحكومية في قطع خطوط الإنترنت والاتصالات في أوج الثورة في 2011، لكن هذه الشركات تقول بأنه لم يكن لديها خيار آخر.
وتعليقا على قرار عصابة السيسي، قال الناشط يوسف الساعي: “ده بيطمنوهم عشان لما الاتصالات تتقطع المرة الجاية يعني؟”
وفي 28 يناير من عام 2011 وفي ذروة الاحتجاجات المطالبة بإسقاط النظام في مصر، قرر مبارك عزل البلاد عن العالم الخارجي، فقطع تقريبا جميع خطوط الإنترنت واتصالات الهاتف الثابت والنقال، وفيما أستمر انقطاع الاتصالات الهاتفية طوال يوم كامل، ظلت الإنترنت مقطوعة لمدة ستة أيام، لاسيما في المناطق والتجمعات السكنية المهمة والكثيفة.
وكان هدف المخلوع من هذه الإجراءات هو تضييق الخناق على المتظاهرين، وإضعاف شوكتهم، أملا في تخفيف حدة المظاهرات التي كان حجمها وسقف مطالبها يكبر يوما بعد يوم، غير أن هذه الإجراءات كان لها أثر سلبي أيضا على من لم يشاركوا في المظاهرات والاحتجاجات، حيث تسبب انقطاع الاتصال الهاتفي في وقوع الكثير من الحوادث، وكمثال على ذلك، تعرض أحد الأشخاص لسكتة قلبية، حيث عثر عليه، جثة هامدة في بيته خلال أيام الثورة، بحسب الناشط الحقوقي رامي رؤوف.
تنسيق مع العسكر
ويُلقي رؤوف أيضا باللوم على شركات الاتصالات الخاصة في مصر، مثل شركة موبينيل التابعة في جزء كبير منها لشركات الاتصالات الفرنسية Orsange، وشركة Vodafone، ويتهمها بالوقوف إلى جانب سلطات العسكر، غير أن هذه الشركات أعلنت بعد الثورة بأن القانون لم يسمح لها باتخاذ موقف آخر، وأشارت إلى أنها تقلت رسالة في 23 من يناير تفيد باقتراب اتخاذ حكومة مبارك تدابير صارمة، قبل أن تتلقى أمرا في 28 من الشهر ذاته بوقف شبكات اتصالاتها.
لكن رغم هذا التوضيح، يؤكد الناشط الحقوقي رؤوف، بأن شركات الاتصالات لم تفاجأ بهذه التدابير وإنما كانت على علم مسبق بها، وأنها أبدت استعدادا لقبولها دون تحفظ، ويضيف رؤوف في هذا السياق:” لدينا أدلة يرجع تاريخها إلى أربعة أعوام مضت، تثبت اجتماع جهاز أمن الدولة مع وزارة الاتصال، ومع ممثلي شركات الاتصالات في مصر، لتطوير آليات مشتركة تمكن عند الضرورة من قطع الاتصالات على المدن والأحياء المصرية”!
وثيقة أخرى وقعت في يد رامي رؤوف وُصفت بأنها “سرية جدا”، تؤكد حدوث اجتماع في مقر المخابرات العامة في القاهرة في شهر أكتوبر 2010، أي قبل أربعة أشهر من اندلاع الثورة، شاركت فيه أهم شركات الانترنت في البلاد، وكذلك شركات Vodafoneو موبينيل واتصالات، المتخصصة في الهواتف المحمولة.
وقد تطرق المشاركون في هذا الاجتماع لبحث السبل الكفيلة بمنع بعض مواقع الانترنت، وكذلك إطلاع المخابرات على البيانات الشخصية للمشتركين في خدمات هذه الشركات، وحسب هذه الوثيقة أيضا فقد طُلب من شركات الاتصالات، منع الرسائل النصية التي ترسل إلى عدد كبير من الأشخاص، وقطع خطوط الانترنت أو جعلها بطيئة عند الضرورة، بالإضافة إلى التصنت على المكالمات الهاتفية، سواء تلك التي تتم عبر الهواتف المحمولة أو الثابتة.
وحسب الوثيقة لا يوجد ما يشير إلى اعتراض تلك الشركات على تلك الإجراءات، وإنما طلب ممثلوها فرصة للتفكير في الأمر، ولعلها احتاجت لمنحها فرصة للتأكد من وجود التقنيات اللازمة التي تسمح بتنفيذ مثل هذه التدابير، فهل تنقذ قرارات المحكمة الإدارية العليا رقبة السفيه قائد الانقلاب حينما تنفجر الثورة ويطبق الشعب عليه ويسحله في شوارع القاهرة؟!