في نبرة تشاؤمية اعتبر بعض المراقبين أن مسرحية انتخابات السفيه قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي، تعتبر مسمارًا في نعش ثورة 25 يناير، وعلى العكس من ذلك علقت صحيفة “الجارديان” البريطانية في افتتاحيتها على المسرحية، معتبرة أن بقاء السفيه يقود مصر إلى ثورة جديدة.
وتمضي الصحيفة بالقول إن “انتخاب” السيسي بمثابة خدعة خطيرة لافتقاره الشرعية، مما يساعد على تعزيز الظروف التي يزدهر فيها الاحتقان الشعبي، حيث تواجه مصر بالفعل سخطاً شعبيا عارماً جراء الانهيار الاقتصادي والقمع والانتهاكات، بينما لا تقدم سياسات السفيه السيسي حلولا للقضاء على هذا الخطر.
ولم يكن الإعلان الصريح للسفيه السيسي بأنه لن يسمح لأحد بالاقتراب من كرسي “الرئاسة”، وخاصة ممن وصفهم بالفاسدين، سوى تعبير عن الحالة التي وصلت إليها الحياة السياسية خلال السنوات الأربع الأخيرة، والتي لم يكن حصادها أفضل حالا من باقي المجالات الاقتصادية والاجتماعية، فطوال الفترة التي تلت الانقلاب على الرئيس محمد مرسي في يوليو 2013، رفع السيسي شعار “من ليس معي فهو ضدي”.
قمع متكرر للجميع
وهى السياسة التي كشفت عن وجهها في مجزرة فض اعتصامي رابعة والنهضة، ثم سلسلة القمع التي طالت الحريات، مرورا بدستوره الذى رسخ لحكم الفرد، ثم برلمانه الذي لا يسير إلا في اتجاه قصر الاتحادية فقط، وحتى شركاء 30 يونيو سقطوا الواحد تلو الآخر، لتبقى الحقيقة واضحة وهى كتابة شهادة الوفاة للحياة السياسية، بعد أن قدمت أفضل نشاطها خلال الفترة من ثورة يناير 2011 وحتى انقلاب يوليو 2013.

ثورة أخرى
وأضافت الصحيفة البريطانية أن هذا السجل المؤسف للعسكر لا يمنع الدعم غير المشروط الذي يحوزه السفيه السيسي من الولايات المتحدة وحلفائها، بما في ذلك بريطانيا، وبالتالي فإنهم يصنعون نفس الخطأ القديم في عهد المخلوع مبارك، قائلة “إن دعم الديكتاتوريين العرب لا يخدم المصالح الغربية، بل إنه يديم الظلم وعدم الاستقرار في الشرق الأوسط”.
وأكدت الصحيفة أن مصر تغرق والسفيه السيسي يجعلها أسوأ، رغم أن الاستقرار هو شعاره إلا أن سجل السفيه السيسي في سوء الإدارة الاقتصادية، والفساد غير المنظم، والفساد على مستوى عال، والتقشف المفروض من صندوق النقد الدولي، وتخفيض الدعم الحكومي لأسعار الغذاء والوقود، وارتفاع معدلات البطالة بين الشباب وعدم توفير التعليم، هو ضمان فعلي للاضطرابات المستقبلية.
وعندما يضاف إلى هذا المزيج ولع السفيه السيسي بالإعدام الجماعي وعمليات الاعتقال، والاعتداءات الجارفة على الحريات المدنية، لا عجب أن يتوقع المحللون أن تتجه مصر إلى ثورة أخرى.
وتشير الصحيفة إلى أنه لم يكن لدى المصريين أي خيار حقيقي، بعد أن ضمن السيسي إبعاد جميع المنافسين الرئيسيين، إما بالسجن أو الاحتجاز أو الضغط عليهم للانسحاب، ووفقا للأرقام المعلنة، فقد حصل على 40% بقليل من بين 59 مليون مصري، أغلبهم قاطع مسرحية الانتخابات.
حي على الثورة
وحول تقييمه للحصاد السياسي خلال حكم السفيه السيسي، أكد الصحفي المتخصص في الشئون السياسية حسن البحيري، أن أخطر ما في هذه الفترة حالة الاستقطاب الحاد التي استُخدمت فيها كافة وسائل السلطات التنفيذية والأجهزة العسكرية والأمنية، وكذلك المؤسسات القضائية والتشريعية، كما لعب فيها الإعلام دوراً تحريضيًّا كبيرا، أدى إلى تأجيج حالة الكراهية والمطاردة والبطش بالإخوان المسلمين، ثم تحولت الأجهزة الأمنية إلى آلة للإرهاب الذى اتسعت دائرته لتشمل كل من ينتقد النظام أو يكشف آليات استبداده وفساده، كما حدث مع المستشار هشام جنينة، رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات السابق.
وتابع البحيرى أنه “وبعد انتهاء السيسي من معارضيه البارزين عمل على التغييب الهادئ لدور الأحزاب والشخصيات السياسية، ثم التفت لمنظمات المجتمع المدني بعد السيطرة على الإعلام، وقام بتصفية شركائه في الانقلاب مثل الدكتور محمد البرادعي، ووزير داخلية الانقلاب السفاح محمد إبراهيم، وحتى أكثر الذين دعموه مثل حازم الببلاوي رئيس أول حكومة بعد الانقلاب، ونائبه زياد بهاء الدين، فقد تمت إقالتهما بعد فترة قصيرة”.
ويضيف “البحيري” أن تحرك بهاء الدين في هذا الملف كان بدعم من اللواء محمد العصار، الذي كان مفوضا من المجلس العسكري وقتها للتوصل إلى حل للأزمة السياسية، إلا أنه بعد أن بدأت ملامح التوصل لصيغة مع الإخوان عن طريق وسطاء كانت الإقالة في انتظاره، ومن بعدها العصار الذي خرج من المجلس العسكري إلى وزارة الإنتاج الحربي”، وفقا لرأي “البحيري”.