“إن أكرمكم عند الله أتقاكم”.. آية كريمة نزلت على نبي الإسلام محمد، صلى الله عليه وسلم، لتقطع دابر التفرقة العنصرية بحسب اللون أو الجنس أو الفقر، وبها أغلق الله تعالى باب السادة والعبيد والاسترقاق وبيع وشراء الناس، والذي كان سائدا في مكة قبل البعثة الشريفة، إلا أن أموالًا سعودية تضخ في الإعلام تحاول إعادة أمجاد كفار قريش!.
وأثارت قناة “إم بي سي”، التابعة للحكومة السعودية، سخطًا واسعًا على إثر نشرها مقطعا اعتُبر مسيئًا للسودانيين، من المسلسل الكوميدي “سريع سريع”، ويظهر فيه الفنان فايز المالكي، متقمصا شخصية مقيم سوداني، يقوم بتصرفات غريبة.
يقول الكاتب إبراهيم عرب: “سفاهة ووقاحة وانعدام للضمير المهني في تمثيل الشخصية السودانية خاصة والسوداء عامة بموقع دوني يرتكب الجرائم، خلافا لكل القيم المهنية والأخلاقية، ومحاكاة لأعمال غربية في سنوات خلت عن تفوق الرجل الأبيض وتخلف الرجل الأسود.. هنا نحن نستشرق ضد أنفسنا بدلا من الغرب المستعمر”.
آل سعود العنصريون
وفي أحد المشاهد، يحاول السوداني بيع لحوم حمير وقطط، وهو ما اعتبر إهانة للسودانيين من قبل قناة “إم بي سي”، وطالب مغردون القناة بحذف الحلقة، والاعتذار للشعب السوداني الذي يشارك جنوده برفقة السعوديين في حرب اليمن منذ أربع سنوات ونصف.
وقال مغردون، إن “إم بي سي” لا تزال تنتقص من الشعوب الصديقة والشقيقة، رغم أنها مملوكة بشكل شبه كامل للحكومة، وانهالت مئات التغريدات الغاضبة من قبل ناشطين سعوديين وسودانيين، عبروا عن رفضهم الشديد للسخرية من شخصية الرجل السوداني.
وليست هذه المرة الأولى التي تفجر فيها “إم بي سي” جدلا واسعا، وتتهم بالإساءة إلى شعوب عربية، حيث إنه في وقت سابق أثارت الفنانة الكوميدية المصرية “شيماء سيف” غضب الجمهور السوداني على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد عرض إحدى حلقات برنامجها “الشقلباظ” المذاع على قناة “MBC مصر”، الذي تؤدي خلاله دور امرأة من أصول إفريقية تنفذ مجموعة من المقالب في ركاب ميكروباص.
الأزمة بدأت مع عرض الحلقة الخامسة من البرنامج، وخلالها تنكرت “شيماء سيف” في زي امرأة سودانية مخمورة، تُصر على تناول الكحول في الميكروباص، ومضايقة رُكابه، وهو الأمر الذي أثار حفيظة السودانيين، فشنوا على إثره هجومًا حادًا على “سيف”.
يا العبد..!
واعتبر السودانيون أن ظهور امرأة سودانية مخمورة، هو إهانة للمرأة السودانية وسطحية وانحطاط أخلاقي، خاصةً في وقتٍ يتغنى فيه الإعلام العالمي بموقف المرأة السودانية المشرف في الثورة السودانية ضد حكم “البشير”.
يقول الكاتب السوداني منصور الحاج: “قبل سنوات، كنت في إدارة الجوازات بمدينة جدة لاستكمال إجراء يتعلق برخصة إقامتي. أثناء وقوفي في الصف أنتظر دوري للدخول إلى مكتب المسؤول، اقترب مني أحد رجال الجوازات، وبلا مقدمات، وصرخ في وجهي قائلا: ارجع إلى الوراء “يا العبد”. أغضبني ما قاله فشتمته وتبادلنا السباب”.
ثم أردف تلك الرواية بالقول: “من المؤسف أن نتعلم في المدارس أن “الناس سواسية كأسنان المشط”، فيما نرى تمييزًا ممنهجًا وعنصرية بغيضة في كل مناحي الحياة في بلاد دستورها القرآن والسنة”.
وواقع الحال أن السود في المجتمع السعودي تطلق عليهم مسميات ذات دلالة عنصرية ازدرائية تعكس تصورات سالبة وأوضاعًا اجتماعية متدنية، فهم في بلاد اليمن “أخدام”، وفي السعودية والخليج هم “أخوال” و”كور” و”كويحة”، وفي بلاد الشمال الإفريقي هم “كحاليش”، وفي مصر “بوابين”.
هذه النظرة العنصرية تم التطرق إليها في الكثير من الأعمال الأدبية العربية، ومنها رواية “الحمام لا يطير في بريدة” للكاتب السعودي يوسف المحيميد، وهى رواية ناقدة للأوضاع السياسية والدينية والاجتماعية في السعودية، حيث تجلت عنصرية المجتمع لبطل الرواية “فهد”.
عندما توقف مع صديقته “ثريا” بسيارتهما في أحد الأحياء وتوقفت أمامهما سيارة خرجت منها فتاتان سوداوان فعلقت ثريا بالقول: “يا الله شكل الحارة دي كلها سوداء”، وعندما يقول لها فهد: “إنت اللي شكلك عنصرية” ترد عليه بالآية الكريمة “وفضلنا بعضكم على بعض درجات”! وتضيف “الله، رب العالمين قالها مو أنا”، كل ذلك جعل فهد يردد “يا إلهي، كيف يعيش الإنسان في مجتمع عنصري متآمر، مجتمع يكره ويغش ويكيد وينم ويسرق ويقتل!”.
