وترجل الفلاح الفصيح.. عبدالرحمن شكري عاشق الأرض الذي مات بعيدا عن ترابها

- ‎فيغير مصنف

حتى أتاه اليقين، ظل الفلاح الفصيح عبدالرحمن شكري، نقيب الفلاحين والنائب ببرلمان الثورة، صداحا بالحق، فصوت أصدقاء الأرض الحاج عبد الرحمن، 77 عاما، تعرض لغيبوبة عقب مشاركته في أحد برامج قناة الجزيرة وهو يدافع عن مياه النيل وأصيب بنزيف في المخ وتم حجزه في إحدى مستشفيات العاصمة القطرية الدوحة إلى ن لقي ربه،الخميس، 24 ديسمبر.
"سد النهضة ومياه النيل والقمح المصري والقطن طويل التيلة وقصب السكر والأسمدة الزراعية وظلم العسكر للفلاح وانتقام السيسي من المصريين" هي المفردات التي دأب عبدالرحمن شكري على الدفاع عنها في مواجهة الاستبداد ومقاومة الظالمين، ورفض أن يساوم الرجل فكان من أوائل الوجوه التي عرفها رافضو الانقلاب في رحلتهم مع إعلام الخارج على مدى نحو 7 سنوات.

فارس الميدان
وعلق الدكتور محمد الصغير وكيل وزارة الأوقاف بحكومة د.هشام قنديل على وفاة نقيب الفلاحين قائلا: "انتقل إلى رحمة الله الحاج عبدالرحمن شكر البرلماني المصري ونقيب الفلاحين بعد كلمته على شاشة الجزيرة مباشر في نصرة الفلاحين والحفاظ على مياه النيل، وكان فارس هذا الميدان ونحسبها من حسن الختام، تغمده الله بواسع رحمته ورفع درجته وخالص العزاء لأسرته وأحبته".
ومن أبرز ما سجلته له مواقفه كشفه للمؤامرة على مصر الزراعية أن "الحكومة تتواطأ مع رجال الأعمال لرفع أسعار الأسمدة" وفي لقاء آخر يؤكد "شكري" أن "الفلاح المصري تعرض للظلم بشكل كبير في تحديد سعر القمح.. الحكومة رفضت مليون وربع طن قمح من الفلاحين، بحجة أن القمح أخضر" وأضاف أن "أخطاء عبد الفتاح السيسي يدفعها الفلاح المصري"، وأشار إلى أن "الحكومة قتلت وغسلت ودفنت الفلاح المصري ومرضتش في الآخر تصلي عليه برده.. لك الله أيها المصري".
ومن أقواله: "مصر كانت تزرع 2 مليون فدان قطن، وكانت تقوم بتصدير الزيوت وجميع منتجات القطن، حتى القطن الخام، وكان يعمل بهذا المجال أكثر من 35% من العمالة في السوق المصرية، ولكن بقيادة مبارك وعبدالفتاح السيسي تم تدمير كل هذا الخير".
وعن سد النهضة قال: "تشغيل سد النهضة سيؤدي إلى نقص حصة مصر من مياه النيل، مضيفا أن الزراعة تستهلك 40 مليار متر مكعب من مياه النيل لري 8.5 مليون فدان من الأرض الزراعية وكل فدان يحتاج إلى 5 آلاف متر مكعب في العام ونقص حصة مصر يتسبب في بوار الأرض الزراعية".
وأكد "على ضرورة تمسك مصر أولا بحقوقها التاريخية في مياه النيل قبل البحث عن أي بدائل لنقص المياه".
وعن أزمة كورونا الأخيرة، قال "شكري": "الفلاحين خلال أزمة كورونا تعرضوا لأزمات كبيرة بسبب عدم وجود تأمين صحي لهم في ظل نقص المستشفيات وغياب الاستعدادات ونقص المستلزمات وتحول الوحدات الصحية في الريف إلى تطعيم الأطفال والترويج لبرامج تنظيم الأسرة وتحديد النسل".

صديق د.بديع
وفي 2017، أصدرت الإمارات قائمة بعدد من الشخصيات المحسوبة على جماعة الإخوان المسلمين، تتكون من 59شخصية، واتهمتها بالإرهاب وشاركتها السعودية والمنقلبين في مصر، وأفردت صحف الانقلاب تقارير عن الشخصيات ومنهم "الحاج عبدالرحمن"، ابن مدينة الواسطى ببنى سويف، وعضو برلمان الثورة، والذي تم اختياره نقيبا للفلاحين في 2012، وقالت إنه صديق للدكتور محمد بديع، مرشد جماعة الإخوان المسلمين.
وكان الحاج عبدالرحمن شكرى، يعمل موظفا بمركز البحوث الزراعية، ببنى سويف، بعد أن درس بكلية الآداب جامعة القاهرة، وانضم في بداية حياته السياسية إلى التنظيم الطليعي، وبعدها تركه وانضم إلى الإخوان، وكان واحدا من الأعضاء النشطين في مجال الزراعة، واستطاع إقناع العديد من الفلاحين من مركز الواسطى بالانضمام إلى تنظيم الإخوان.
وزعمت الصحيفة الانقلابية أن "الحاج عبدالرحمن متهم بحرق المنشآت الشرطية – 36 منشأة في بنى سويف- ومحكوم عليه غيابيا في قضية عسكرية في محكمة غرب القاهرة، مع 120 آخرين في فبراير 2016، بـ25 عاما، وهو أحد قيادات اعتصام رابعة، وكان واحدا من أبرز الخطباء على منصتها".

سلام للراحلين
ونقل عنه الدكتور عبدالتواب بركات هذه الرسالة قبل رحيله بساعات عبر حسابه على "فيسبوك" يقول الحاج عبدالرحمن: "الذين أجبرتهم مآسي وجرائم الانقلاب على مغادرة أوطانهم.. ووداع بيوتهم وأحبتهم وجيرانهم.. صباح الخير لمن أعدوا حقائب الرحيل ووضعوا بداخلها ضحكات أمهاتهم وأحضان آبائهم وابتسامات أطفالهم ودموع زوجاتهم.. صباح الخير للمسافرين إلى أقدارهم.. لمن يحملون أمالا عريضة في قلوبهم.. لمن يأخذون معهم زوادة كبيرة من الاشتياق.. ليتناولوا منها ما يسد جوعهم النفسي والعاطفي.. للمبعدين عن ذكرياتهم وطفولتهم وأصدقائهم.. للذين لا يعرفون ماذا يخبيء لهم المستقبل.. لمن ضحوا بأماكنهم ومقاعدهم وأسرتهم ووساداتهم.. ليكونوا جسر عبور لسعادة من أحبوا.. لمن تركوا قلوبهم في تربة الوطن.. لمن اختنقوا بعبرة الفراق.. لمن قضوا أعواما من الابتعاد والاحتراق.. لمن باتت وحدتهم ملاذا يلجؤون إليها في لحظة حنين.. لمن يشتمون في رائحة الماضي خبز الوطن.. مع أن الوطن لم يوفر لهم سبلا أفضل للحرية أو للرزق.. لمن يعزون أنفسهم باتصال هاتفي أو رسالة إلكترونية أو بصورة ورد كرتوني.. لمن افتقدوا طقوس حياتهم التي كبروا عليها وألفوها.. لمن يمشون في شوارع الغربة ونبض قلوبهم يشهق من صوت عائلاتهم.. للمتعبين هناك.. للمتألمين.. لمن لا يستطيعون العودة.. وليس بمقدورهم احتمال المزيد.. لمن توفيت والدته أو والده أو عزيز عليه ولم تسعفه الظروف لوداعه.. لمن أنجبت زوجته طفلا منعته الغربة من استقبال صراخه ورؤية ملامحه.. للذين باتوا يقترضون من جيوب الأمل الكثير من الصبر.. لمن يحلمون بالرجوع.. ويتمنون الاستقرار.. للمسجونين خلف قضبان الرحيل.. سلام عليكم في أوطانكم وخارج أوطانكم.. "فلا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين".