فندق قطري في القاهرة.. هل ينجح البيزنس في إذابة الجليد بين الانقلاب والدوحة؟

- ‎فيأخبار

في حدث رفيع المستوى، توجه وزير المالية القطري إلى القاهرة لحضور افتتاح فندق فاخر ممول من قطر، في خطوة عززت التقارب الأخير بين قطر من جهة ودول الحصار من جهة ثانية.
وكان افتتاح فندق "سانت ريجيس" المكتمل، وهو استثمار بقيمة مليار دولار من قبل شركة ديار العقارية القطرية، قد تم تأجيله خلال الحصار الذي فرضته المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين ونظام المنقلب الخائن عبدالفتاح السيسي في عام 2017 على قطر بسبب مزاعم بدعم الإرهاب.
وصل وزير المالية القطري علي شريف العمادي إلى القاهرة بعد دقائق من توقيع دول الخليج وسلطة الانقلاب اتفاق مصالحة مع قطر بوساطة أمريكية على هامش القمة الحادية والأربعين لمجلس التعاون الخليجي في مدينة العلا شمال غرب السعودية.
ويعتبر "العمادي" أول وزير قطري يزور العاصمة المصرية منذ يونيو 2017. بدأ مشروع بناء فندق "سانت ريجيس" في عام 2012. يطل الفندق، بهندسته المعمارية الرائعة، على النيل ويقع بين مبنى وزارة الخارجية والمتحف المصري في وسط القاهرة في ميدان التحرير الشهير في العاصمة المصرية.
وقد استثمرت "ديار" 1.3 مليار دولار في بنائها، الذي يتكون من برجين، يقف كل منهما على مسافة 135 مترا. الفندق مبني على مساحة 197,000 متر مربع ويحتوي على 286 غرفة، بالإضافة إلى 80 شقة وحمام سباحة ومطاعم ومنتجعات صحية.
وقد تمكنت الاستثمارات القطرية في مصر من الاستمرار طوال الخلاف، حيث ذكرت القاهرة في وقت مبكر من الأزمة أن مشاريع الدوحة في البلاد محمية بموجب القانون، بيد أن افتتاح الفندق كان خطوة بارزة أثارت تكهنات حول طبيعة العلاقات المستقبلية بين البلدين، وما إذا كانت المصالح الاقتصادية يمكن أن تحجب الخلافات السياسية المستمرة.
وقد كانت الدوحة والقاهرة على خلاف منذ يوليو 2013، عندما تحرك الجيش للانقلاب على الرئيس محمد مرسي، أول رئيس مصري منتخب ديمقراطيا، أثار الانقلاب غضبا في الدوحة، التي انتقدت حملة القمع التي تشنها مصر على مؤيدي مرسي والمتظاهرين السلميين في مناسبات عديدة. وفي الوقت نفسه، اتهمت سلطات الانقلاب الدوحة بالتدخل في شؤونها ودعم الإخوان المسلمين، كما اشتكت من الخط التحريري لقناة الجزيرة الإخبارية القطرية.
ومع ذلك، ومع أن المصالح الاقتصادية بين البلدين تأخذ مركز الصدارة، يمكن للاقتصاد المصري الذي ضربه وباء الأوبئة أن يأمل في بعض الإغاثة، بحسب خبراء اقتصاديين. وقالت علياء المهدي، العميدة السابقة لكلية الاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة القاهرة، في حديث لـ"ميدل إيست آي" "لا ينبغي السماح للخلافات السياسية بإفساد العلاقات الاقتصادية".
كما حضر وزير المالية بحكومة الانقلاب محمد معيط افتتاح الفندق، إلى جانب وزير الخزانة الأمريكي ستيفن منوشين، الذي كان في القاهرة في ذلك الوقت.وقال عمادي إن الاستثمارات القطرية في الفندق أظهرت دعم الدوحة لقطاع السياحة في مصر الذي يلعب دورا كبيرا في التنمية الاقتصادية لهذا البلد الواقع في شمال إفريقيا. وقال: "الفندق إضافة جيدة للاستثمارات القطرية في مصر".
ومن ناحية أخرى، قال معيط، إن جذب الاستثمارات الأجنبية يحتل صدارة الأولويات بالنسبة لحكومته. وأضاف أن مثل هذا الاستثمار سيساعد على خلق فرص اقتصادية وفرص عمل وسيسهم في نقل التكنولوجيات. ورد معيط: "لهذا السبب ترحب مصر دائما بالاستثمارات الأجنبية".
الاستثمارات الحاسمة
وتستثمر قطر 5 مليارات دولار في مصر، وفقا لـ"العمادي"، لا سيما في قطاعات العقارات والسياحة والبنوك والطاقة، وتستثمر "ديار" وحدها 3 مليارات دولار، وفقاً لرئيس مجلس إدارة الشركة، خالد بن خليفة آل ثاني. وقد عانت الاستثمارات القطرية من الخلافات السياسية بين البلدين خلال السنوات الماضية.
وفي نوفمبر 2019، أعلنت قطر للبترول، وهي شركة قطرية أخرى مملوكة للدولة، عن توقيع اتفاق شركة مع المصرية للتكرير، وهو مشروع بقيمة 4.4 مليار دولار. وقال خبراء اقتصاديون إنه مع نمو عدد السكان وتأثرها الشديد بوباء كوفيد-19، فإن مصر في حاجة ماسة إلى الاستثمارات. وقال الخبير الاقتصادي رشاد عبده في تصريح لـ MEE إن "الاستثمارات الأجنبية حاسمة جدا بالنسبة للاقتصاد لأنها تزيد من احتياطات النقد الأجنبي وتخلق فرص عمل".

وعلى الرغم من أن مصر كانت الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التي كان من المتوقع أن تشهد نموا إيجابيا في الناتج المحلي الإجمالي في عام 2020، وفقاً لصندوق النقد الدولي، إلا أن هذا البلد المكتظ بالسكان تضرر بشدة من هذا الوباء، الذي أثر على معظم قطاعات اقتصاده. وكانت السياحة، التي تمثل 11.2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي لمصر و9.5 في المائة من إجمالي العمالة في البلاد، الأكثر تأثرا سلبا، بعد أن كانت في قلب عمليات الإغلاق في مصر جراء انتشار "كوفيد-19" – بما في ذلك تعليق الرحلات الدولية بين مارس ويوليو.
وقال الرئيس التنفيذي لشركة ديار عبد الله بن حمد العطية، إن بناء فندق "سانت ريجيس" خلق 5 آلاف فرصة عمل للعمال المصريين، بينهم 1000 مهندس، ودعم الصناعة المحلية من خلال الاعتماد على السوق المصرية في 70 في المئة من المواد اللازمة للمشروع. وأضاف أن تشغيل الفندق وفر 440 فرصة عمل للعمال المصريين، وهو رقم من المتوقع أن يرتفع إلى 1000 وظيفة.وقال آل ثاني إن افتتاح الفندق سيوفر دفعة لاستكمال المشاريع الأخرى من قبل المطور القطري في مصر.
من ناحية أخرى، قال منوشين إن بناء الفندق وافتتاحه يسلطان الضوء على التأثير الذي يمكن أن يحدثه التعاون الاقتصادي على خلق فرص العمل والمصالح المتبادلة، بيد أن الطريق إلى الأمام يبدو بعيدا كل البعد عن اليقين والسلاسة، فالأذرع الإعلامية للانقلاب لم تتصالح في الغالب مع تحسن العلاقات بين مصر وقطر. وقال مقدمو وسائل الإعلام على القنوات الموالية للحكومة، إن اتفاق المصالحة لم يوقف بعد "التدخل القطري" في شؤون مصر أو يدفع الدوحة إلى تغيير سياستها الإعلامية تجاه البلاد.
وبصرف النظر عن الخطاب الإعلامي، تحتاج القاهرة والدوحة أيضا إلى وضع إستراتيجية جديدة لتجنب الاصطدام، بما في ذلك على أجنداتهما السياسية المختلفة في المنطقة، بحسب المحللين. وقالت داليا يوسف، عضو لجنة العلاقات الخارجية في برلمان الانقلاب، لـ"ميدل إيست آي" إن "الفجوات السياسية بين مصر وقطر لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تكون أوسع من الفجوات بين مصر وإسرائيل". وأضافت أنه "رغم ذلك، مصر عقدت اتفاق سلام مع الكيان الصهيوني، ولهذا السبب أتوقع من مصر وقطر أن تجدا بسهولة طريقة للتغلب على خلافاتهما في الفترة المقبلة".
https://www.middleeasteye.net/news/qatar-egypt-st-regis-hotel-rift-investment

Hotel diplomacy: Opening of Qatari hotel in Cairo brings economic ties to centre stage