صحف الغرب تتساءل: هل تحول السيسي لـ “ديكتاتور بايدن المفضل” علي خطي ترامب؟

- ‎فيتقارير

خلال أقل من شهر تناولت عدة صحف ومواقع أمريكية وبريطانية وعشرات الحقوقيين والمنظمات الحقوقية بالنقد سياسات الرئيس الأمريكي جو بايدن، واتهمته بأنه بعدما كان ينتقد رئيس نظام الانقلاب المصري عبد الفتاح السيسي بأنه ديكتاتور ترامب المفضل، عاد ليتخذه أيضا ديكتاتوره المفضل!

وتعزو الصحافة الأمريكية والغربية وحقوقيون في أوروبا وأمريكا هذه التحولات إلى أن لغة المصالح والبراجماتية التي تميز سياسات الحزب الديمقراطي الأمريكي طغت علي حقوق الإنسان، وباتت هي الأهم أمام بايدن في ظل سياسته الإستراتيجية التي تسعي لعدم التركيز علي الشرق الأوسط، ومن ثم الاستعانة بالسيسي في ملف الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

جريدة "الجارديان" البريطانية قالت في 7 يونيو 2021 إن الرئيس الأمريكي بايدن متهم بالتراجع عن انتقاد انتهاكات حقوق الإنسان في مصر، وأن منتقدين يقولون إنه يتبع "سياسة واقعية برجماتية نفعية" في تعامله مع السيسي جعلته يتجاهل "تكتيكات أخذ الرهائن" التي يتبعها نظام السيسي ضد المعارضين. أما "لوس أنجليس تايمز" الأميركية فكتبت تقول في 9 يونيو 2021 إن "الديكتاتور المفضل" لترامب أصبح الآن "عبء بايدن" وديكتاتوره المفضل بسبب خدماته له في غزة وحماية إسرائيل.

وأوضحت "الجارديان" أن حاجة بايدن للسيسي ليتدخل في النزاع بين حماس وإسرائيل دفعته للاتصال به، لأنه هو "رأس مال واشنطن في المنطقة" بحسب "إتش. إي. هيليير" من مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي. وأضافت أنه "بموجب خدمة السيسي توجت إدارة بايدن محادثاته الدافئة معه بقرار طلب 1.3 مليار دولار (مليار جنيه إسترليني) كمساعدة عسكرية سنوية لمصر"!

هذه المواقف من جانب الإدارة الأمريكية دفعت تحالفا من جماعات حقوق الإنسان (خمس منظمات 4 أمريكية وواحدة مصرية) للإعراب 28 مايو 2021  عن "خيبة أمل شديدة" من قرار إدارة بايدن تخصيص مبلغ 1.3 مليار دولار كتمويل عسكري أجنبي لمصر للسنة المالية 2022. وقالت هذه المنظمات إن "الرئيس الأمريكي جو بايدن رفع شعار لا مزيد من الشيكات على بياض لديكتاتور ترامب المفضل، ثم عاد فطلب تخصيص المبلغ نفسه الذي تمنحه الولايات المتحدة سنويا لمصر منذ عام 1987".

واتهمت هذه المنظمات الحقوقية إدارة بايدن بالتغافل عن "سجل مصر المتدهور في مجال حقوق الإنسان، مانحا مصر فعليا شيكا جديدا على بياض، وحانثا بالالتزام المعلن من قبل الإدارة الأمريكية بوضع حقوق الإنسان في مكانة مركزية في العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة ومصر".

صحيفة "لوس أنجلوس تايمز" قالت إن: "وعد الرئيس بايدن "بعدم وجود شيكات على بياض" للسيسي ، لكن مصر استغلت منذ فترة طويلة اعترافها بإسرائيل في تحالف يميل فيه المسؤولون الأمريكيون إلى الاتجاه المعاكس عندما يتعلق الأمر بالانتهاكات".

ويعلق عضو جمعية حماية الصحفيين شريف منصور على مواقف إدارة بايدن قائلا: «دمي غلي عندما سمعت بايدن يحادث السيسي عن "الحوار البناء حول حقوق الإنسان".. لقد تخلي عما قاله ودعوته مصر علنا لاحترام حقوق الإنسان من خلال الموافقة على هذا" الحوار البناء".

أما صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية فقالت إنه بالنسبة للعديد من المحللين والدبلوماسيين، كان الرابح الوحيد الواضح في القتال الأخير بين الإسرائيليين والفلسطينيين هو السيسي. وحين سئل المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، 11 مارس 2021، عن موقف إدارة بايدن الفعلي من التعامل مع نظام السيسي قال نيد برايس: "لن يكون هناك شيكات على بياض لأي دولة". ولكنه أضاف لاحقا: "مصر تلعب دورا مهما في تعزيز بعض مصالحنا الرئيسية في المنطقة: الأمن والاستقرار الإقليميين وإدارة قناة السويس، والتعاون في مكافحة الإرهاب، وتعزيز سلام الشرق الأوسط".

"برايس" لخص الموقف الأمريكي بقوله: "هذان الأمران، ليسا منفصلين، إنهما مرتبطان ارتباطا وثيقا، إذا لم نتمسك بقيمنا، وإذا لم نلتزم بحقوق الإنسان، فنحن لا نتمسك بمصالحنا، يمكننا القيام بالأمرين معا"!. وتابع: "سوف يسير هذان الأمران دائمًا جنبا إلى جنب بالنسبة لنا، يمكننا متابعة مصالحنا ويمكننا التمسك بقيمنا، هذا بالضبط ما سنفعله في مصر"!

يذكر أنه خلال جلسة استماع في الكونجرس هذا الأسبوع قال وزير الخارجية أنتوني بلينكين: "أعتقد أننا شهدنا بعض التقدم في بعض مجالات" حقوق الإنسان في مصر، ولكن عندما يتعلق الأمر بحرية التعبير، عندما يتعلق بالمجتمع المدني، هناك مشاكل كبيرة للغاية نحتاج إلى معالجتها مباشرة مع شركائنا المصريين ونأمل ونتوقع رؤية تقدم هناك".

ويعتبر بعض المحللين أن السيسي لم يعد "ديكتاتور بايدن المفضل"، ولكنه سيظل، مثل كل رؤساء مصر العسكريين "رجل البنتاجون المفضل"، وأنه لهذه الأسباب لن يستطيع بايدن الضغط عليه.

قد يكون من غير المرجح ألا يُخاطر بايدن بتقويض العلاقات الإستراتيجية التي تربط بين بلاده والقاهرة من أجل قضايا حقوق الإنسان، حتى لو عنى ذلك التعامل مع نظام استبدادي وغض الطرف عن بعض انتهاكاته، كما يقول الخبير المصري، خليل العناني، في دراسة له.

تقرير الجارديان

https://www.theguardian.com/global-development/2021/jun/08/biden-accused-of-u-turn-over-egypts-human-rights-abuses

تقرير لوس انجلوس تايمز

https://www.youtube.com/watch?v=uDhRK-m8aoc