السيسي يساوم العلمانيين..تحسين سياسي هامشي مقابل فتح مدد الرئاسة

- ‎فيتقارير

تؤكد المؤشرات والشواهد  أن النظام العسكري في مصر لا يستهدف من الحوار الوطني الذي دعا إليه القوى العلمانية على أرضية 30 يونيو أن يكون غطاء لبيع أصول الدولة، وتعزيز موقف النظام أمام مؤسسات التمويل الدولية حتى تقبل بإقراض النظام المزيد من الأموال،بل إن النظام يستهدف من الحوار الشكلي أن يكون غطاء لتمرير  تعديل دستوري يفتح أمام السيسي الترشح لمدد غير محددة على منصب الرئيس؛ في محاولة لتابيد السيسي في السلطة؛ تماما كما حدث مع جميع الجنرالات السابقين الذين حكموا البلاد  بالحديد والنار.

وشهد الأسبوع الماضي خلافاً بين أحزاب الحركة المدنية الستة، وهي: الدستور، والكرامة، والتحالف الشعبي، والعيش والحرية، والوفاق القومي، والمحافظون، من جهة، والقائمين على إدارة الحوار من جانب السلطة، من جهة أخرى، بسبب ما أسموه "نهجاً أحادياً اجتزأ ما تمّ الاتفاق عليه في جلسات التشاور"، في أعقاب الإعلان من طرف واحد وبشكل مفاجئ لاسم المنسق العام للحوار، وهو نقيب الصحافيين ضياء رشوان، والأمين العام المستشار محمود فوزي.

وبحسب صحيفة "العربي الجديد" اللندنية، نقلا عن مصادر مطلعة، فإن توجيهات صدرت (من جانب المخابرات العامة على الأرجح) لعدد من خبراء القانون والدستور بإعداد تصور لتعديل دستوري محدود متعلق بمدة الرئاسة، ليُفتَح بموجبها المجال أمام السيسي للترشح لأكثر من مدة واحدة كما ينص الدستور الحالي. وفقا لهذه المصادر: «في بادئ الأمر، كان الحديث عن عدم المساس بالدستور خلال المناقشات الجارية بين مسؤولين في جهاز المخابرات العامة، وعدد من الشخصيات التي توصف بالمعارضة، حتى لا يُفتَح الباب أمام المساس بالمواد المتعلقة بصلاحيات الرئيس". وتابعت: "بعد ذلك رأى فريق من المقربين من السيسي أن الحوار الوطني قد يكون فرصة ملائمة، لخطوة كان السيسي ينتظرها منذ جرت الموافقة على التعديلات الدستورية في 2019، وكان يتحين الوقت المناسب لها، وهي فك القيد عن مدد الترشح للرئاسة".

أحد المحيطين بالسيسي، أشار عليه بفكرة تمرير التعديل الدستوري عبر الحوار الوطني، في ظل تجاوب القوى السياسية معه مقابل مكاسب غير مؤثرة على إدارة الدولة". وألمح أحد المصادر إلى أن التفكير الحالي يتضمن تمرير بعض المواد الشكلية، حتى يبدو الأمر بأن التعديلات جاء بناءً على مطلب من المعارضة. وقد شهدت الأيام الماضية ما يمكن وصفه بعملية جسّ نبض لبعض السياسيين المشاركين في اللقاءات التمهيدية للحوار الوطني، بشأن تلك الخطوة. وأوضحت أنه إذا تم الاستقرار على تلك الخطوة ستأخذ مسارها الطبيعي بعد ذلك بحيث يُدفَع بها إلى مجلس النواب للموافقة عليها ثم طرحها للاستفتاء الشعبي.

وتنقل "العربي الجديد" عن  برلماني في مجلس 2015 بعد الانقلاب أن بوادر ومؤشرات كثيرة تتوالى، تجعل القوى السياسية التي وافقت مبدئياً على فكرة الحوار الوطني، تتخوف من أنها مجرد مناورة يحاول النظام الحالي عبرها الخروج من مآزق اقتصادية، ومجتمعية، وسياسية متعددة، ويعتبرها فرصة لتحقيق ما يتصور أنها مكاسب سياسية، أمام القوى الغربية بالأساس. وأضاف أن الحديث عن تعديل مواد دستورية تتعلق بمدد الرئاسة المفتوحة، يأتي بالأساس كنوع من تعلية السقف، للدخول في مقايضات مع المدعوين للحوار من الطرف الآخر، وليس من أجل إجراء حوار وطني جاد وحقيقي ينقذ البلاد، وربما النظام نفسه، من أزمات خطيرة، في ظل مناخ عالمي وإقليمي مفتوح على العديد من الاحتمالات.

ويفسر المصدر ذلك بأن النظام يستهدف من هذا الطرح بتعديل الدستور مساومة القوى المشاركة في الحوار لجعل طموحات المشاركين من الطرف الآخر في الحوار، في أدنى مستوى ممكن، علاوة على منح نفسها، أي دوائر السلطة، المزيد من الوقت لكي تغيّر مواقفها في كثير من القضايا، وفقاً للتطورات الإقليمية، والدولية؛ التي تتسارع بصورة ملحوظة، ووفقاً للضغوط، أو التسهيلات والموائمات التي تفرضها الأحداث، وتؤثر صعوداً وهبوطاً في الاهتمام الدولي بالقضايا والشؤون المصرية، والإقليمية.

وفي 23 إبريل 2019م، استطاع النظام تمرير تعديلات دستورية في استفتاء صوري خلت لجانه من الناخبين،  وتم تستيف الأرقام داخل اللجنة القضائية المشرفة على الاستفتاء لتخرج النتيجة بتأييد 88.83% من المقترعين على التعديلات التي تسمح بتمديد  ولاية السيسي وتعزيز صلاحياته وسلطات الجيش، وسط حالة من الجدل الواسع. وشملت التعديلات وقتها المادة الـ 140 من دستور 2014، التي كانت تنص على أنه "ينتخب رئيس الجمهورية لمدة أربع سنوات، تبدأ من اليوم التالي لانتهاء مدة سلفه، ولا يجوز إعادة انتخابه إلا لمرة واحدة"، وذلك قبل تعديلها، لتصبح "ينتخب رئيس الجمهورية لمدة ست سنوات، ولا يجوز أن يتولى الرئاسة لأكثر من مدتين متتاليتين".