إلغاء مهرجان الجونة السينمائي وهروب (سميح) لسويسرا ..هل اقتربت مصادرة أموال ساويرس؟

- ‎فيتقارير

 

 

قد يبدو العنوان مثيرا، إلا أنه يحمل كثيرا من الواقعية السياسية، والتي يتخوف منها ويترقبها آل ساويرس أنفسهم، عند خروج رجل الأعمال سميح ساويرس للإقامة في سويسرا، مفضلا الابتعاد عن مصر في تلك الفترة العصيبة، خشية حملة مصادرات للأموال أو رغبة من المؤسسات العسكرية والأمنية الاستحواذ على بعض أصول العائلة ، الأغنى في مصر بعد طلب العديد من الوسطاء من آل ساويرس دفع تبرعات للدولة المصرية المتعثرة، وخاصة بعد أزمة الدولار الأخيرة.

وهو ما ينطبق على كثير من رجال الأعمال الذين لجأوا لتأجيل مشاريعهم أو وقف أنشطتهم في ظل اضطراب السوق المصرية بصورة غير مسبوقة.

 

الابتزاز الحكومي

 

 

وجاء قرار الأخوين نجيب وسميح ساويرس بتأجيل الدورة السادسة من مهرجان الجونة السينمائي، التي كان من المقرر أن تنعقد في الفترة من 13 إلى 22 أكتوبر إلى أجل غير مسمى.

وقد غادر الشقيق الأصغر سميح ساويرس، الممول الرئيس لمهرجان الجونة السينمائي الدولي مصر للإقامة في سويسرا، من دون أن يعلن الأسباب.

وقد أقلقت الظروف الاقتصادية والمالية الصعبة التي تعيشها مصر، من شح العملة الأجنبية، الكثير من رجال الأعمال المصريين، ولا سيما أن الدولة أصبحت تجبر رجال الأعمال على دفع أموال لسد العجز.

ومن ثم فضل  سميح ساويرس، الابتعاد في الفترة الحالية عن الأنظار وعن الساحة المصرية، خشية أن يتعرض لأي نوع من أنواع الابتزاز من قبل أجهزة الدولة لدفع أموال دون مقابل.

إذ أنه في ظل هذه الظروف الصعبة، والتوتر الذي أصاب الجميع، بما فيهم رجال الدولة ورجال الأعمال، أصبحت إقامة مهرجان الجونة السينمائي الدولي مغامرة محفوفة بالمخاطر، وخصوصا أن المهرجان عادة ما يلفت الأنظار ويثير حوله جدلا في ما يتعلق بكلفة تنظيمه الباهظة، وهو أمر متوقع لدى آل ساويرس، الذين تابعوا الجدل المثار مؤخرا حول تكلفة حفل زفاف المتحدث السابق باسم وزارة الصحة  خالد مجاهد، والذي حضره نجيب ساويرس، بسبب ما قيل إنها مبالغة في تكاليف الحفل.

فالتغطية الإعلامية اللافتة من وسائل الإعلام التي يتبع معظمها لأجهزة الدولة، والتساؤلات التي طرحها نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي حول مصدر أموال الحفل، من شأنها أن تثير مخاوف أصحاب رؤوس الأموال من الظهور في الفترة الحالية، لا سيما مع تصاعد الحديث حول مصادرة الأموال.

علاوة على حجم المضايقات الأمنية التي تعرض لها المهرجان، خصوصا في دورته السابقة، نتيجة أزمة فيلم "ريش" الذي اتُهم بالإساءة إلى مصر، وتصريحات المخرجة والمنتجة الفلسطينية مي عودة في ختام الدورة، إذ هاجمت فيها الأنظمة العربية، أضافت سببا آخر لأسباب قرار آل ساويرس بإلغاء المهرجان.

وكان القائمون على المهرجان تعرضوا لضغوط من قبل النظام في الفترة الأخيرة، تشبه الابتزاز، من أجل إما الاستحواذ أو الحصول على أموال مقابل الدعم لاستمرار المهرجان.

وتثور المخاوف لدى آل ساويرس، على الرغم مما يتمتعون به بعلاقات قوية مع النظام المصري، ولا سيما في المجال الاقتصادي، إذ أن شركة "أوراسكوم" للمقاولات المملوكة للأسرة، عادة ما تفوز بنصيب كبير من المشاريع الضخمة التي تنفذها الحكومة والقوات المسلحة، إلا أنه من وقت لآخر تظهر على السطح بعض المناوشات بين الطرفين.

وفي ديسمبر من العام الماضي، فتح السيسي الحديث مرة أخرى عن مشاركة القطاع الخاص في الاقتصاد القومي، كما خص بالذكر شركة "أوراسكوم" المملوكة لنجيب ساويرس ، بعد نحو شهر من انتقاد الأخير تدخل الجيش والدولة في الاقتصاد، مشيدا في الوقت ذاته، بـالدفعة التي تلقاها الاقتصاد المصري بسبب الإنفاق الحكومي على البنية التحتية، مثل الطرق الجديدة والعاصمة الجديدة.

مضيفا أن "شركات القطاع الخاص هي التي تبني هذه المشاريع".

 

 

من جهة أخرى، يرى مراقبون أن هناك سببا آخر قد يكون ساهم في القرار الذي اتخذه آل ساويرس بوقف مهرجان الجونة، وهو أن المهرجان حقق المراد منه، وذلك بعد خمس سنوات ساهم خلالها بشكل كبير في الترويج لمدينة الجونة السياحية وتسويقها.

ودشن مهرجان الجونة السينمائي عام 2017 نجيب ساويرس، بالتعاون مع الممثلة والمنتجة بشرى رزة، وصاحب شركة "آي إيفنتس" عمرو منسي، الذي أطيح به من إدارة المهرجان قبل عامين، ثم أعيد تعيينه هذا العام، والمنتج كمال زادة، بدعم من مؤسس مدينة الجونة سميح ساويرس، ودعم العديد من رعاة القطاع الخاص، وتحت رعاية وزارة الثقافة المصرية.

وقبل عامين، تنازل نجيب ساويرس عن المهرجان لشقيقه الأصغر سميح ساويرس، في إطار اتفاق بين الطرفين.

وكشفت مصادر من داخل المهرجان عن أن "عودة عمرو منسي، المقرب من الأجهزة، إلى إدارة المهرجان، كانت في إطار محاولة لفتح قنوات اتصال مع الدولة، وتوفير الحماية والدعم اللازم لإقامة الدورة الجديدة، ولكن الواقع أثبت أن وجود منسي كان هدفه بسط نفوذ أجهزة الدولة على المهرجان، وهي الصيغة التي لم يقبلها آل ساويرس، ولذلك فضلا عدم إقامة الدورة".

وقالت المصادر إنه "بعد إسناد مهمة المدير التنفيذي لعمرو منسي، أصدر بعض القرارات الداخلية، وأعلن عن فتح باب التعيينات في وظائف داخل المهرجان، وأعد عقودا لتنفيذ ذلك، واستمر الأمر كذلك حتى اللحظات الأخيرة، حيث أبلغت الإدارة الموظفين بالمهرجان بالتوقف عن العمل حتى إشعار آخر، وأن آخر راتب سيتقاضونه هو راتب شهر مايو الماضي".

 

 

وقالت إدارة المهرجان في بيان إن  "قرار التأجيل جاء حرصا وإيمانا من إدارة مهرجان الجونة السينمائي على تعزيز الدور الحيوي الذي يلعبه مهرجان الجونة السينمائي على المستويين الفني والسياحي محليا وعالميا، أخذا في الاعتبار التحديات العالمية الحالية، التي قد تعوق إضفاء الصبغة العالمية والإقليمية التي تسعى إدارة المهرجان لتحقيقها والتأكيد عليها منذ الدورة الأولى للمهرجان".

وأضاف البيان أن اللجنة المنظمة للمهرجان "ستقوم بالإعلان عن الاستعدادات والمستجدات التي قد تطرأ على فعاليات الدورة السادسة لمهرجان الجونة السينمائي بشكل دوري في الفترة المقبلة".

وكان مدير مهرجان الجونة انتشال التميمي قد أعلن بعد انتهاء الدورة الخامسة في العام الماضي عن موعد دورات ثلاث قادمة.

وتشير تلك الوقائع المفضية إلى تأجيل مهرجان الجونة لأجل غير مسمى ، عن حجم القلق الذي يتسور رجال الأعمال وشركاتهم من العمل في مصر، في ظل المصادرات لأموال رجال الأعمال وإجبار بعضهم على بيع أصولهم لشركات الجيش والأجهزة الأمنية والاستخبارية، كما جرى مؤخرا مع سلسلة شركة أولاد رجب، حيث طلبت مخابرات الانقلاب من مؤسس الشركة مصطفى رجب، الحصول على 60% من أسهم الشركة ومقارها بلا مقابل فرفض، فطلب منه بيعها وتم تجفيف موارد بضاعتها، وهو ما اضطر المؤسسون لبيع أصولها بأقل من نصف سعرها، هروبا من مضايقات المخبرات، فقام الجهاز بالسيطرة على أموال الشركة بالبنوك رافعين شعار المصادرة أوالتهديد بالاعتقال كون شقيق صاحب الشركة ملتح، بدعوى الإرهاب، وهو ما انتهى بموت الحاج مصطفى رجب كمدا على أمواله واستثماراته المستمرة منذ السبعينيات، وسبق ذلك مصادرة أموال آلاف المستثمرين بتهم الإرهاب.

 كما جرى اعتقال رجل الأعمال صفوان ثابت ونجله سيف، بعد رفضهم بيع الشركة للجيش، وأيضا شركة التوحيد والنور، حيث تعتقل السلطات السويركي لإجباره على السيطرة على فروع الشركة، رغم تبرعهم جميع لصندوق تحيا مصر بمليارات الجنيهات ، وهو سيناريو يخشاه آل ساويرس الذين باتوا الأغنى في مصر والأكثر ثراء، ومن ثم الأقرب للمصادرة في ظل تعطش السيسي للدولارات.