بسبب الأوضاع الاقتصادية الكارثية..ربع سكان مصر يعانون من أمراض نفسية في زمن الانقلاب

- ‎فيتقارير

 

 

بسبب الأوضاع الاقتصادية الكارثية التي يعيشها المصريون في زمن الانقلاب الدموي بقيادة عبدالفتاح السيسي انتشرت الأمراض النفسية والعصبية في السنوات الأخيرة بصورة غير مسبوقة، وتزايدت أعداد أصحاب الأمراض والاضطرابات النفسية، وذلك بسبب الضغوط الكبيرة التي لا يستطيع تحملها البعض، وانتشرت أمراض نفسية يرفض الكثيرون الاعتراف بها، خوفا من المجتمع أو اعتقادا منهم بعدم وجود ما يسمى بالمرض النفسي.

 

ورغم مزاعم وزارة الصحة بحكومة الانقلاب أنها تعمل منذ فترة، على الاهتمام بالطب النفسي وتطوير المستشفيات وتوفير أحدث الأجهزة، والعلاج اللازم، وتقديم جلسات افتراضية من خلال المنصة الإلكترونية التابعة للأمانة العامة للصحة النفسية، إلا أن أوضاع مستشفيات الصحة النفسية متدنية ما يدفع المرضى إلى الهروب منها ويتجه من تتوافر لديهم القدرة المادية إلى المستشفيات الخاصة، في حين يكون الشارع هو المصير الوحيد الذي ينتظر المرضى الغلابة والذين لا يوجد لهم مكان للعلاج.

 

كان خالد عبد الغفار، وزير الصحة والسكان بحكومة الانقلاب قد اعترف بإن هناك دراسات علمية أُجريت خلال عامي 2017 و2018 كشفت أن نسبة من يعانون من الاضطرابات النفسية في المجتمع المصري تبلغ 24%.

 

وزعم عبد الغفار  في تصريحات صحفية، أن دور وزارة صحة الانقلاب لا يقتصر فقط على رعاية المستشفيات والأطباء والمرضى، ولكن يمتد لمفهوم أشمل يتمثل في الحفاظ على سلامة الصحة النفسية للمواطنين ونشر الوعي بأهمية الوقاية قبل الإصابة بالمرض وفق تعبيره.

 

الأوضاع الاقتصادية

 

في المقابل قال الدكتور جمال محمود، نائب رئيس أحد مستشفيات الصحة النفسية وعلاج الإدمان: إنه “رغم مزاعم دولة العسكر حول تحسين أوضاع مستشفيات الصحة النفسية وعلاج الإدمان وتزويد المستشفيات بالأجهزة اللازمة وتوفير العلاج، إلا أن الخدمة لا تزال كما هي ولا يوجد أي تطوير”.

 

وأضاف «محمود» في تصريحات صحفية، أن أسعار تذاكر الدخول كما هي دون زيادة، ولا يوجد مقارنة بأسعار المستشفيات الخاصة الباهظة، لكن المرضى يفضلون الذهاب إلى المستشفيات والمراكز الخاصة هربا من الزحام الشديد في المستشفيات الحكومية وقلة الاهتمام من بعض الأطباء.

 

وأكد أن أرقام أصحاب الأمراض النفسية في حالة زيادة مستمرة؛ وذلك بسبب الأوضاع الاقتصادية التي تمر بها البلاد في الوقت الحالي التي تسببت في كثرة الضغوط النفسية، لافتا إلى أن مصر لا تتوفر لديها قاعدة معلوماتية بشأن أعداد المرضى النفسيين، ويرجع ذلك لأن قطاعا كبيرا منهم ليس لديهم إدراك بالأساس لإصابتهم بالمرض، ويرفضون فكرة التسليم به.

 

وشدد «محمود» على أن الأزمة الأكبر في أن عقود التأمين الصحي الحكومية والخاصة لا تهتم بالأمراض النفسية، وبالتالي فإن الفئات الفقيرة ليس لديها رفاهية الذهاب إلى مستشفيات خاصة لاكتشاف أي مرض منذ بدايته، محذرا من أن معدلات الإصابة تتزايد بصورة كبيرة في غياب تام لدور حكومة الانقلاب التي تغفل التعامل مع الإصابة بالداء النفسي كجزء لا يتجزأ من استقرار المجتمع.

 

وأشار إلى أن وزارة صحة الانقلاب يقتصر دورها على العمل على التوعية بأهمية الصحة النفسية والتعرف على مستشفيات الصحة النفسية الحكومية، لكنها لا توفر الامكانات والأجهزة المطلوبة، مؤكدا أن المرض النفسي ما هو إلا مرض والعلاج  كأي مرض آخر والأدوية متوفرة في المستشفيات.

 

معاملة غير آدمية

 

وقال الدكتور علاء الغندور، استشاري التحليل والتأهيل النفسي: إنه “رغم مزاعم دولة العسكر بأنها تولي اهتماما كبيرا لملف الصحة النفسية من حيث تطوير المنشآت الطبية أو التوسع في الخدمات المقدمة، إلا أن معاناة المرضى لا تزال مستمرة مؤكدا أنه عند ذهاب هؤلاء المرضى لأي مستشفى للعلاج النفسي تزداد الأمراض والاضطرابات النفسية لديهم أكثر، بسبب ما يرونه من زحام في المستشفيات ومعاملة غير آدمية في بعض المستشفيات”.

 

وأضاف «الغندور» في تصريحات صحفية ، أن هناك 23 مستشفى ومركزا على مستوى الجمهورية تقدم خدمات علاجية ووقائية في الطب النفسي العام وطب نفس الأطفال والمراهقين وطب نفسي المسنين وطب المجتمع والعلاج التأهيلي للمرضى وعلاج الإدمان، لافتا إلى أن مستشفى الصحة النفسية بالعباسية والذي يعمل بطاقة 1200 سرير، واحد من أكبر مستشفيات الصحة النفسية وعلاج الإدمان بمصر، ويشهد تطويرا ورفع كفاءة بأقسام المستشفى، إضافة إلى المستشفيات الخاصة والتي يفضلها الكثير لأسباب شخصية رغم تكلفتها الباهظة.

 

وأكد أنه وفقا لآخر تحديث، فإن 25% من المصريين يعانون من الأعراض والاضطرابات النفسية، بمعنى أن 1 من كل 4 أشخاص لديه عرض أو اضطراب نفسي، وأن 04% منهم فقط يتلقون العلاج، و43.7% من المصابين يعانون من مرض الاكتئاب.

 

أفلام الخمسينيات

 

وأعرب «الغندور»عن أسفه لأن الطب النفسي في زمن العسكر مهدر حقه، بسبب ما يُطلق على الأطباء «دكتور المجانين»، مشيرا إلى أن السبب الرئيسي في هذا التصور الخاطئ الأفلام في فترة الخمسينيات والستينيات والتي كانت تجسد المريض النفسي على أنه مجنون.

 

وأشار إلى أن الأفلام السينمائية كان لها دور كبير في هذه الوصمة، فأظهرت أن المريض النفسي يعاني من الجنون بشكل مبالغ فيه، كما أنها تركت انطباعا سلبيا وأصبح أي شخص لديه مشكلة نفسية، حتى وإن كانت بسيطة يخجل أن يعترف بها أمام الآخرين.

 

وحذر «الغندور»، من أن تجاهل العلاج النفسي يؤدي إلى كوارث كالانتحار أو الجنون أو ارتكاب جرائم، مؤكدا أنه عند طلب العلاج النفسي مع بداية أي انحراف فإن النتائج تكون سريعة وإيجابية وهذا ما نراه كثيرا، في الفترة الأخيرة، في ظل الظروف التي تمر بها البلاد التي ساعدت على انتشار الكثير من الأمراض والاضطرابات النفسية .

 

وأوضح أن بعض الناس يتوهمون أن الأدوية النفسية تؤدي إلى الإدمان ولا يمكن التخلص منها وهذا المفهوم غير صحيح مؤكدا أن أدوية العلاج النفسي مثلها مثل باقي الأدوية.