“العفو الدولية”: الانقلاب يواصل الاحتجاز التعسفي لطالب معاق منذ خمس سنوات

- ‎فيأخبار

قالت منظمة العفو الدولية إن سلطات الانقلاب تواصل الاحتجاز التعسفي لعقبة حشاد، على الرغم من صدور أمر قضائي في فبراير بالإفراج عنه، الذي ظل رهن الحبس الاحتياطي المطول منذ ما يقرب من خمس سنوات. وبدلا من الإفراج عنه، عرضته قوات الأمن للاختفاء القسري في الفترة من 22 فبراير إلى 2 مارس 2024، عندما جددت النيابة حبسه الاحتياطي على ذمة التحقيقات في تهم زائفة في قضية جديدة، في ممارسة يشار إليها عادة باسم “التدوير”.

وأضافت المنظمة في تقرير لها أن عقبة لا يزال محتجزا في سجن 10 رمضان، حيث تحرمه السلطات بقسوة من ساقه الاصطناعية، التي يحتاج إلى المشي دون مساعدة لأن ساقه اليمنى مبتورة فوق الركبة منذ طفولته.

وطالبت المنظمة سلطات الانقلاب بالإفراج عنه فورا ودون قيد أو شرط لأن احتجازه مرتبط فقط بنشاط شقيقه في مجال حقوق الإنسان.

وبعثت المنظمة برسالة لنائب العام المستشار محمد شوقي عياد، جاء فيا “نبعثُ إلى سيادتكم بهذه الرسالة للتعبير عن قلقنا بشأن استمرار الاحتجاز التعسفي للطالب عقبة حشاد، البالغ من العمر 26 عامًا، بدون محاكمة، فقط بسبب نشاط شقيقه النضالي. فمنذ القبض عليه تعسفياً في 20 مايو 2019 ، تعرَّض على أيدي السلطات لمجموعة من انتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك الاختفاء القسري لمدة 77 يومًا والتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة، من خلال الضرب والصعق بالصدمات الكهربائية والحرمان من الرعاية الصحية المناسبة. وفي أعقاب طلبات متكررة من أسرة عقبة حشاد، بالإضافة إلى تحركات داعمة، وفَّرت له سلطات سجن وادي النطرون ، يوم 4 يناير 2024 ، ساقًا اصطناعية جديدة، حيث يحتاجها للتحرك بدون مساعدة نظراً لبتر ساقه اليمنى من فوق الركبة منذ الطفولة. إلا أن الساق الجديدة غير قابلة للاستخدام، لأنها مقاس 40 ، بينما يحتاج عقبة حشاد إلى ساق اصطناعية مقاس 45 . ووفقًا لتقرير طبي مستقل، اطلعت عليه منظمة العفو الدولية، فإن استخدام الساق الجديدة قد يؤدي إلى مزيد من المضاعفات الصحية، بما في ذلك مشاكل في العمود الفقري والحركة، فضلًا عن تهيُّج الجلد والتسبُّب بندوب”.

ولم تر د سلطات السجن حتى الآن على طلب تقدمت به أسرة عقبة حشاد إلى النيابة، يوم 10 يناير، للسماح لطبيب بزيارته وأخذ مقاسات لساق اصطناعية ملائمة.

وأضافت المنظمة أنه “منذ أغسطس 2022 ، وفي انتهاك للحظر المطلق المفروض على التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة، دأبت سلطات السجن على حرمان عقبة حشاد، بشكل قاس، من الحصول على الرعاية الصحية المناسبة وعلى ساق اصطناعية، مما يسُبب له آلامًا ومعاناة شديدين بدنياً ونفسياً، بما في ذلك اضطراره إلى الاعتماد على سجناء آخرين لتلبية أبسط احتياجاته الأساسية. وخلال الجلسة الأخيرة لتجديد الحبس الاحتياطي، يوم 9 يناير 2024 ، نُقل عقبة حشاد إلى المحكمة بدون كرسي متحرك، مما كان يضطره إلى القفز بساق واحدة، وأُجبر على الجلوس على الأرض أمام القاضي. كما ترفض سلطات السجن منح عقبة حشاد الرعاية الطبية المتخصصة، التي لا تتوفر في السجن، مما يثير مخاوف بشأن احتمال تعرُّض عموده الفقري لضرر دائم لا يمكن علاجه، وفقًا لما ذكره أطباء مستقلون استشارتهم الأسرة. وبالإضافة إلى ذلك، تحرم السلطات عقبة حشاد من سُبل الحصول على المُطهرات وأدوات التعقيم، التي يحتاجها للعناية بالجذع المتبقي من ساقه المبتورة، مما يزيد من خطر التعرُّض للعدوى”.

وناشدت المنظمة النائب العام بالإفراج عن عقبة حشاد فورا من دون قيد أو شرط، وإسقاط جميع التهم الموجَّهة إليه، حيث إنه مُحتجز فقط عقابًا على نشاط شقيقه النضالي. كما وطالبت بمنحه ساقًا اصطناعية مناسبة، ريثما يُفرج عنه، وأن تُتاح له سُبل الاتصال بصفة منتظمة بأسرته ومحاميه، وأن تُوفَّر له الرعاية الصحية المناسبة، بما في ذلك حصوله على الرعاية في مستشفيات خارج السجن، إذا اقتضت الضرورة ، وأن يُحتجز في ظروف تتماشى مع المعايير الدولية لمعاملة السجناء.

يُحتجز عقبة حشاد تعسفيًا منذ أربع سنوات وثمانية أشهر بدون محاكمة، فقط بسبب انتمائه العائلي، وبخاصة النشاط النضالي لشقيقه عمرو حشاد، وهو ناشط حقوقي وباحث قانوني، غادر مصر عام 2019 . واستجوبت سلطات السجن عقبة حشاد عدة مرات، كانت آخرها في أكتوبر 2023 ، بشأن عمل شقيقه في مجال حقوق الإنسان واتصالاته بأسرته في مصر. كما استجوبته بشأن ما إذا كان قد أطلع شقيقه على أي معلومات عن ظروف سجنه. وكان عمرو حشاد قد اعتُقل في عام 2014 على خلفية نشاطه النضالي في اتحاد الطلاب بجامعة أسيوط، ومعارضته لقرار الجامعة بالاستعانة بشركة خاصة للخدمات الأمنية. وفيما بعد، قضت إحدى المحاكم بسجن عمرو ثلاث سنوات بعد أن أدانته بتهم الانضمام إلى جماعة إرهابية، ومحاولة الإطاحة بالحكومة، والتحريض على التظاهر. وواصل عمرو، من منفاه، توثيق انتهاكات حقوق الإنسان في مصر، بما في ذلك حالات الاختفاء القسري وظروف الاحتجاز القاسية واللا إنسانية داخل سجون السيسي. واحتُجِّزت والدة عقبة حشاد أيضًا واستُجوِّبت  لتسع ساعات خلال زيارة لسجن شبين الكوم، حيثما كان يُحتجز عقبة حشاد آنذاك، فيما يتعلق بمنشور كتبه شقيقه عمرو على فيسبوك، في ديسمبر 2020 ، حول منع شقيقه من الحصول على ساق اصطناعية والمظالم التي تقاسيها أسرته.

وكان عقبة حشاد يدرس إدارة الأعمال في جامعة مدينة السادات بمحافظة المنوفية، قبل اعتقاله. وفي 20 مايو 2019 ، داهم عناصر قطاع الأمن الوطني السكن الطلابي الذي كان يقيم به، واعتقلوا جميع الأشخاص بدون إظهار أمر بالاعتقال. وأُفرج عن جميع الطلاب الآخرين في غضون أيام، باستثناء عقبة حشاد. وفي أعقاب القبض تعسفيًا عليه، أخفته قوات الأمن قسريًا لمدة 77 يومًا، تعرَّض خلالها للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة . وبحسب معلومات جمعتها منظمة العفو الدولية، فقد جُرِّد عقبة حشاد من ملابسه، وعُلِّق من ذراعيه في السقف، وتعرَّض للضرب وللسحل على الأرض بحبل مربوط حول عنقه، وللسب، وللصعق بصدمات كهربائية، بما في ذلك على أعضائه التناسلية والجذع المتبقي من ساقه المبتورة.

وفي 1 أغسطس 2019 ، اقتيد للمثول أمام وكيل نيابة شبين الكوم، الذي أمر بحبسه احتياطيًا على ذمة التحقيقات في تهمتي “الانضمام إلى جماعة أُسست خلافًا لأحكام القانون”، و”المشاركة في مظاهرات بهدف إسقاط نظام الحكم”. ومنذ ذلك الحين، يُمدَّد حبسه الاحتياطي، الذي تجاوز بكثير مدة العامين، وهي الحد الأقصى للحبس الاحتياطي بموجب القانون المصري، من دون أن تُتاح له الفرصة للطعن بشكل فعَّال في قانونية احتجازه.

ويُحتجز عقبة حشاد حاليًا في سجن وادي النطرون. وفي 7 أغسطس 2022 ، اتصل أقرباء زميل عقبة حشاد في الزنزانة، بعد زيارتهم له في السجن في ذلك اليوم، بأسرة عقبة حشاد لإبلاغها بأن ساقه الاصطناعية قد كُسرت، فسارعت الأسرة بالتوجه إلى السجن لأخذ الساق الاصطناعية المكسورة، ثم أصلحتها في عيادة متخصصة ، وهناك أشار طبيب ومهندس إلى ضرورة تبديلها. ولم تكن لدى الأسرة الإمكانات المالية اللازمة لتبديلها، وبالتالي حاولت إصلاحها. وعندما عاد أهل عقبة حشاد إلى السجن ومعهم الساق الاصطناعية، يوم 9 أغسطس 2022 ، أصرَّت سلطات السجن على إجراء تفتيش شامل لها، وحاولت تفكيكها، وأخبرت الأسرة بأنها ستجري عمليات تفتيش أخرى لها. كما يعاني عقبة حشاد من آلام شديدة في الظهر، حيث يُضطر إلى النوم على الأرض في زنزانته بسجن وادي النطرون.

وقد وثَّقت منظمة العفو الدولية استهداف أقرباء المعارضين المصريين أو منتقدي السلطات بالخارج بطرق شتى، من بينها اعتقالهم واحتجازهم تعسفيًا، واستدعاؤهم للاستجواب وغير ذلك من أشكال المضايقة. فعلى سبيل المثال، أخفت السلطات قسرا صلاح سلطان، والد المدافع البارز عن حقوق الإنسان محمد سلطان المقيم بالولايات المتحدة الأمريكية، كما حرمته من الرعاية الصحية، انتقامًا من نجله بسبب نشاطه النضالي. وفي أغسطس 2023، اعتقلت السلطات والدي الصحفي المصري أحمد جمال زيادة، المقيم في بلجيكا؛ والناشطة المصرية الألمانية فجر العادلي، المقيمة في ألمانيا. وخضع الاثنان للاستجواب بشأن أنشطة نجليهما.

وشددت المنظمة على مصر،باعتبارها دولة طرفًا في اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، بالوفاء بالتزاماتها بأن تكفل للأشخاص ذوي الإعاقة، المحرومين من حرياتهم، الضمانات المُستحقة لهم، بصورة متكافئة مع الآخرين، وفقًا للقانون الدولي لحقوق الإنسان، وأن تُوفر لهم الترتيبات التيسيرية المعقولة والخدمات الصحية الملائمة لهم تحديدًا بسبب إعاقتهم .

وفي 3 سبتمبر 2021 ، بعث عدد من خبراء الأمم المتحدة رسالةً إلى سلطات الانقلاب، سلَّطوا فيها الضوء على الاختفاء القسري لعقبة حشاد واحتجازه التعسفي المُطوَّل.

 

رابط التقرير: هنا