خبراء: مؤشر “هانكي” فضح تلاعب حكومة السيسي بأرقام التضخم

- ‎فيأخبار
In this picture taken on March 22, 2023, a woman speaks with a merchant as she shops for dates at the traditional Rod el-Farag market in northern Cairo during the Muslim holy fasting month of Ramadan. - Muslims follow the tradition set by the prophet Mohammed whom believers say used to break his fast by eating dates and drinking goat's milk during the holy month. The dawn-to-dusk fast is conceived as a spiritual struggle against the seduction of earthly pleasures, but the evening iftar festive meals traditionally bring families together during Ramadan. (Photo by Khaled DESOUKI / AFP) (Photo by KHALED DESOUKI/AFP via Getty Images)

أظهر مؤشر ستيف هانكي، الذي يقيس معدلات التضخم الشهرية في 153 دولة حول العالم، أن مصر احتلت المركز الثامن في قائمة الدول العشر الأكثر تضخمًا خلال شهر أبريل 2024.

وخالفت مصر توقعات المحللين بتسجيلها تراجعًا في معدلات التضخم السنوي لأسعار المستهلكين خلال شهر مارس 2024، وأظهرت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أن معدل التضخم السنوي قد انخفض إلى 33.3% في مارس، مُقابل 35.7% في فبراير.

ويُعدّ هذا الانخفاض مفاجئًا، حيث كان المحللون يتوقعون استمرار ارتفاع معدلات التضخم أو على الأقل استقرارها عند نفس المستويات، ومع ذلك، لا تزال معدلات التضخم مرتفعة للغاية، حيث تبلغ ضعف الرقم الحكومي المُعلن عن التضخم.

وفي مفاجأة عكس توقعات المحللين، أظهرت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر انخفاضًا في معدلات التضخم السنوي لأسعار المستهلكين خلال شهر مارس 2024.

ووفقًا للبيانات، فقد تراجع معدل التضخم إلى 33.3% في مارس، مُقابل 35.7% في فبراير الماضي، ويُعدّ هذا الانخفاض مفاجئًا، حيث كان استطلاع لوكالة رويترز قد توقع ارتفاع التضخم السنوي في المدن المصرية إلى 36.3% في مارس.

ويُعد مؤشر هانكي، الذي يقيس معدلات التضخم الشهرية في 153 دولة حول العالم، أداة أكثر دقة لقياس التضخم في مصر مقارنةً بمؤشر حكومة السيسي.

ويرجع ذلك إلى عدة أسباب رئيسية:

منهجية أكثر شفافية: يعتمد مؤشر هانكي على منهجية واضحة وشفافة، حيث يستخدم أسعار السلع الأساسية مثل الخبز والأرز والدجاج لتحديد معدلات التضخم، على عكس مؤشر حكومة السيسي، الذي قد لا يتمتع بنفس مستوى الشفافية في طريقة احتساب معدلات التضخم.

تغطية أوسع: يُغطي مؤشر هانكي نطاقًا أوسع من السلع والخدمات مقارنةً بمؤشر الحكومة المصرية، مما يعني أنه يأخذ بعين الاعتبار تأثير مختلف السلع على حياة المواطنين بشكل أكثر دقة.

استقلالية أكبر: يُعد مؤشر هانكي أداة مستقلة لا تخضع لأي تأثير حكومي أو سياسي، على عكس مؤشر حكومة السيسي ، الذي قد يكون عرضة للتأثيرات السياسية أو الاقتصادية.

دقة أعلى: أثبتت الدراسات أن مؤشر هانكي يوفر قياسًا أكثر دقة للتضخم مقارنةً بمؤشرات التضخم الأخرى، مما يجعله أداة أكثر موثوقية لتقييم الوضع الاقتصادي في مصر.

أهمية عالمية: يُستخدم مؤشر هانكي على نطاق واسع من قبل المستثمرين والباحثين والمنظمات الدولية لفهم معدلات التضخم حول العالم، مما يجعله أداة قيمة لمقارنة مصر بالدول الأخرى وتقييم أدائها الاقتصادي.

ويُثير العديد من الخبراء شكوكًا حول صحة الأرقام الاقتصادية الرسمية المعلنة من قبل حكومة السيسي ، ويُشيرون إلى احتمال تلاعب الحكومة بهذه الأرقام لأسباب مختلفة، منها:

إخفاء حدة الأزمة: قد تسعى الحكومة إلى إظهار صورة اقتصادية أفضل لجذب الاستثمارات الخارجية والحصول على المساعدات المالية.

تهدئة الرأي العام: قد تخشى الحكومة من ردود فعل غاضبة من المواطنين إذا كشفت عن الأرقام الحقيقية للتضخم.

الحفاظ على استقرار النظام: قد ترى الحكومة في إخفاء حقيقة الأزمة وسيلة للحفاظ على الاستقرار السياسي.

انعكاسات وخيمة: تُلقي الزيادات الكبيرة في معدلات التضخم بثقلها على كاهل المواطنين المصريين، ممّا يُؤدّي إلى:

فقدان القوة الشرائية: يُصبح الجنيه المصري أقل قيمة، ممّا يُقلّل من قدرة المواطنين على شراء احتياجاتهم الأساسية.

ارتفاع معدلات الفقر: يُصبح العيش أكثر صعوبة، ممّا يدفع المزيد من الناس إلى دائرة الفقر.

التوترات الاجتماعية: يُؤدّي الغضب من تردّي الأوضاع المعيشية إلى ازدياد حدة التوترات الاجتماعية واحتمال حدوث احتجاجات.

 

التضخم أعلى بكثير

وأكد المستشار الاقتصادي ورئيس منتدى التنمية والقيمة المضافة، أحمد خزيم، ثقته التامة بأرقام مؤشر هانكي، الذي يُشير إلى أن معدلات التضخم في مصر تفوق بكثير ما تُعلنه الحكومة.

وقال خزيم: “أعتقد أن معدل التضخم الحقيقي في مصر يُلامس 80%، في حين تُشير البيانات الرسمية إلى 64%، الحكومة لا تكف عن إصدار بيانات وأرقام لا تُجسّد الواقع المعيشي للمواطنين.”، مضيفا أن ” الحكومة تتحمل مسؤولية صناعة أزمة الأسعار وارتفاع سعر الدولار ونقص السلع والإنتاج في مصر.”

وأضاف خزيم، في حوار خاص لـ”عربي21″، أن حكومة السيسي تعتمد على سياسة “الهندسة المالية” لتجميل الواقع الاقتصادي، من خلال إصدار أرقام لا تعكس الأزمة الحقيقية وتتفق مع سياساتها وليس مع اقتصادها، كما تقوم الحكومة بتثبيت سعر الجنيه، وخفض معدلات التضخم، بينما الواقع عكس ذلك تمامًا.”

وتساءل: “كيف لعملة تهبط منذ 7 سنوات وقوتها الشرائية تقل يوما تلو الآخر ولا ينعكس ذلك على التضخم بشكل حقيقي؟”

وأشار إلى أن أكثر ما يعني الحكومة اشتراطات صندوق النقد الدولي، المتعلقة بخفض التضخم، ليس من خلال زيادة الصادرات ودعم الجنيه، بل بإصدار مثل تلك الأرقام، متسائلا: “كيف يتراجع ويتحسن التضخم والبنك المركزي يطبع نقود بلا إنتاج ثم يقوم برفع الفائدة لسحب هذه الأموال، هذه معادلة مقلوبة، وطريقة أداء العمل المالي هو “سمك لبن تمر هندي”.

 

التلاعب بأرقام التضخم

وحذر الخبير الاقتصادي، ممدوح الولي، من إمكانية تلاعب بعض الحكومات بأرقام التضخم التي تُعلنها، مما قد يُؤدّي إلى تقديم صورة غير دقيقة عن الواقع الاقتصادي.

وقال الولي “تُسعى بعض الحكومات أحيانًا إلى التأثير في أرقام التضخم، سواء عن طريق التلاعب بالبيانات أو استخدام منهجيات غير دقيقة، في الحالة المصرية، يُشير مؤشر هانكي إلى أن الرقم الذي تعلنه الحكومة ليس بالضرورة يعكس الواقع بشكل دقيق.”

وأوضح الولي، في حديثه لـ”عربي21″، أن هناك العديد من الأسباب التي قد تدفع حكومة السيسي إلى التلاعب بأرقام التضخم وتقديم صورة غير دقيقة عن الواقع، ومن أهم هذه الأسباب:

الرغبة في تقليل القلق بين المواطنين: قد تُحاول الحكومة إخفاء حقيقة ارتفاع معدلات التضخم لمنع انتشار الذعر بين المواطنين وتجنب الاضطرابات الاجتماعية.

تقليل الضغط السياسي: يُمكن أن تُستخدم أرقام التضخم المُنخفضة لإظهار نجاح الحكومة في إدارة الاقتصاد وتقليل الضغوط السياسية المُتعلّقة بارتفاع الأسعار.

تحسين جاذبية الاستثمار: قد تُحاول الحكومة جذب الاستثمارات الأجنبية من خلال إظهار صورة إيجابية للاقتصاد المصري وتقديم أرقام تضخم مُنخفضة.

الحفاظ على استقرار العملة: يُمكن أن تُستخدم أرقام التضخم المُنخفضة للحفاظ على استقرار قيمة الجنيه المصري وجذب المزيد من التحويلات المالية من الخارج.

وتابع: “تأثيرات هذا التضخم المرتفع تشمل زيادة الأسعار على المواطنين وتقليل قوة الشراء للعملة المحلية، مما يزيد من الضغط الاقتصادي والاجتماعي على الحكومة”.

 

تراجع النمو الاقتصادى

وأعلن البنك الدولي عن خفض توقعاته لنمو الاقتصاد المصري خلال العام المالي الجاري 2024-2023، وذلك في تقريره حول الصراع والديون في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

حيث توقع البنك أن ينمو الاقتصاد المصري بنسبة 2.8%، مقابل 3.5% في توقعاته السابقة التي صدرت في يناير 2024.

ويُشير خفض البنك الدولي توقعاته لنمو الاقتصاد المصري إلى احتمالات أقل لتحقيق معدلات النمو المُستهدفة سابقًا.

ويُمكن أن يُلقي هذا التخفيض بظلاله على مختلف جوانب الاقتصاد المصري،مما قد يدفع الحكومة إلى إعادة النظر في بعض سياساتها الاقتصادية.

ومن أهمّ التأثيرات المُحتملة، إعادة تقييم خطط الإنفاق العام: قد تُضطر الحكومة إلى تقليص بعض خطط الإنفاق العام خاصةً تلك غير المُلحّة، للتكيف مع تراجع معدلات النمو المُتوقعة.

وأيضا مراجعة السياسات النقدية: يُمكن أن يُؤدّي تباطؤ النمو إلى إعادة تقييم السياسة النقدية من قبل البنك المركزي المصري، مما قد يُؤثّر على أسعار الفائدة وإتاحة الائتمان.

وكذلك التعديلات على السياسات المالية: قد تُلجأ الحكومة إلى تعديلات على السياسات المالية لمعالجة تبعات تباطؤ النمو، مثل خفض الضرائب أو زيادة الإنفاق على البنية التحتية لدعم النشاط الاقتصادي.