هدم متحف الفنان نبيل درويش بالجيزة يهدر 4 آلاف قطعة فنية لتوسعة دائري الجيزة…جهل العسكر يثير غضب اليونسكو!

- ‎فيتقارير

 

غضب وقلق عالمي ومحلي وإقليمي، أثاره قرار حكومة العساكر المصرية بهدم متحف الفنان التشكيلي نبيل درويش، والذي تعده منظمة اليونسكو جزءا مهما من التراث والفني العالمي، حيث تم أنشاؤه بالعام 1983.

 

ووسط استغراب واستهجان علمي قوبل قرار هدم المتحف بغضب شديد، من حكومة السيسي التي تبدو بعيدة كل البعد عن الثقافة والمتاحف، والتي تتعامل معها على أنها مجموعة حجارة أو مقتنيات لا قيمة لها.

 

4 آلاف قطعة فنية 

 

وكانت أسرة الفنان التشكيلي نبيل درويش تسلمت  مؤخرا إخطارا رسميا، بضرورة إخلاء متحف ومنزل الفنان الراحل تمهيدا لهدمه خلال الأيام المقبلة بالقوة الجبرية، إذ يتعارض المتحف مع عملية توسيع للطريق الدائري على حد وصف الجهات الرسمية.

 

ووفقا للخطاب،  فقد تم مخاطبة اللواء أحمد راشد، محافظ الجيزة، بتاريخ 5 مارس الماضي من جانب اللواء مهندس حسام الدين مصطفى، رئيس الهيئة العامة للطرق والكباري، يطالبه فيه بضرورة إخلاء متحف نبيل درويش لتعارضه مع توسعة  الطريق الدائري بنطاق منطقة أبو النمرس، إذ طالبه أيضا بسرعة إخلاء العقار وفقا للشروط والإجراءات المعتمدة في المحافظة.

 

وبالفعل أرسل مدير عام المحافظة خطابا لرئيس مركز ومدينة أبو النمرس بتاريخ 10 مارس الماضي يطالبه بسرعة إخلاء متحف ومعرض نبيل درويش المتعارضين مع توسعة الطريق الدائري.

 

الأول من نوعه بالمنطقة

 

وتأتي أهمية المتحف من أهمية صاحبه الفنان التشكيلي نبيل درويش (1936- 2002)، والذي يعد واحدا من أهم فناني الخزف في مصر، حيث قدم تجارب فنية متميزة، وله العديد من المشاركات في كثير من الفعاليات الفنية بجميع أنحاء العالم، وحصل على كثير من جوائز، وعمل كأستاذ بكلية الفنون التطبيقية بجامعة حلوان وحتى رحيله.

 

فيما أنشأ درويش المتحف في عام 1983، بمنطقة طريق سقارة في المكان نفسه الذي يضم منزله الذي تقيم فيه زوجته حاليا، وكذا ورشته التي تضم أدواته وأفران حرق الخزف، حيث عمل وأنتج إبداعاته الفنية ليصبح المتحف الوحيد من نوعه في مصر، فضلا عن أنه يضم نحو 4000 قطعة فنية من أعماله الخزفية، والتي تحتويها قاعات العرض المتحفية.

 

حجج واهية من وزارة النقل

 

فيما قالت سارة نبيل درويش ، في تصريحات إعلامية:  إنهم “يحاولون هدم المتحف بالقوة الجبرية، ولا نعرف سبب القرار أصلا لأن «مَنزَل» الكوبري تم بالفعل تنفيذه، وجرى الاستجابة لطلبنا السابق وتم إبعاده عن المتحف، وبالتالي فالمضي قدما في قرار الهدم لم يعد منطقيا أبدا، وأظن أن أرض المتحف هي المطمع وهي المقصودة من قرار الهدم بهدف إعادة استغلالها مرة أخرى، وذلك كعادة العسكر”.

 

وتضيف ابنة نبيل درويش: “المفترض أن البرلمان سيحاول وقف الهدم خلال الأسبوع المقبل، إذ تم إبلاغي من بعض المسؤولين من المتعاطفين معنا أن أملهم الوحيد هو وقف الهدم، خصوصا أن الموضوع سيعرض على مجلس النواب”.

 

وكانت النائبة منال هلال عضو مجلس النواب عن تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، قد تقدمت بطلب إحاطة إلى  رئيس مجلس النواب موجه إلى رئيس الوزراء ووزيرة الثقافة الدكتورة نيفين الكيلاني بشأن التراجع عن قرار هدم المتحف الفنان الراحل نبيل درويش.

 

تخريب متعمد على طريقة “ضاحية الجميل”

 

تضيف سارة درويش، تحدثت مع وزيرة الثقافة الدكتورة نيفين الكيلاني، وقالت نصا: «الموضوع أكبر مني»، وتواصلنا مع الكثيرين، وكتبنا عن الموضوع على صفحات التواصل الاجتماعي، وقد طلب منا وسطاء عدم الحديث عن الأمر، مع تطمينات أن الهدم لن يحدث، لكننا لم نأخذ ورقة بذلك، وقد ظلت الأمور كما هي حتى الشهر الماضي، فقد فوجئنا بهدم المخزن الملاصق للمتحف، وهنا تساءلنا عن سبب الهدم، فكانت الإجابة أن السبب هو الرغبة في توسعة الطريق.

 

وأوضحت، تم التأكيد على أن قرار الإزالة الأخير لن يشملنا، لكني بشكل شخصي أحسست أن هناك شيئا ما يحاول البعض إخفاؤه عنا، فعندما تهدم المخزن أصبحنا محاطين بالشارع، وقد سرقت الكثير من المحتويات المحيطة بمنزلنا مثل الحديد، والبوابات، وغيرها من الأمور، وهنا قمنا بعمل تعلية للسور، نظرا لأن المنزل بات معرضا للسرقة، لكننا وجدنا العاملين في حي أبو النمرس، يخبرونا أن تعلية السور أمر مخالف، وكان ردي أن تعلية السور بهدف حماية البيت، والمتحف أيضا، لكنهم طلبوا منا ضرورة استخراج تصريح ترميم، فوافقنا، وذهبنا للقسم وحررنا محضر تلفيات، وذهبت لرئيس مجلس المدينة وأخبرته أن البيت مهدد، فسمح لنا ببناء السور.

 

قرار إزالة

تستطرد درويش: منذ أيام قليلة تلقيت مكالمة من العمال أبلغوني خلالها أن أحد الموظفين من مجلس المدينة رفعوا معدات بناء السور، وعندما قدمت إليهم والدتي الورقة التي تفيد بتحرير محضر تلفيات من جانبنا، أخذوها منها وقاموا بتمزيقها.

 

وتكمل: تلقيت مؤخرا عدة اتصالات من شخص قدم نفسه لي باعتباره أحد العاملين بهيئة الطرق والكباري، وأبلغني بقرار الإزالة عبر رسائله على الواتساب، وقد رفضت هذه الصيغة، لأنها غير قانونية، فنحن للأسف حاليا مكبلون ولا نملك حتى حق اللجوء للقضاء، لأننا لم نتسلم ورقة بشكل رسمي تفيد بقرار هدم المتحف.

 

تابعت: للأسف لا نتلقى إجابات، وقد راسلت وزيرة الثقافة مرة أخرى لكنها لم ترد عليّ، فهذا المتحف من أهم معالم طريق سقارة، وتوسعة منزل الكوبري أصلا لن تفيد شيئا، لأن هذه المنطقة تحديدا لا تمر عليها السيارات بشكل دائم.

 

غضب عالمي

 

كما تقدم توربيورن كفاسبو، رئيس الأكاديمية الدولية للخزف بسويسرا لديها شراكة مع منظمة اليونسكو، بخطاب لوزير النقل كامل الوزير يطالبه بإعادة النظر في قرار إزالة المتحف، فقد أوضح في خطابه أن «درويش» لديه قيمة فنية استثنائية بالنسبة للفن المصري والتراث الإنساني ككل وهي ممتدة لأكثر من 60 عاما.

 

وأضاف: قرار وقف الهدم هو مطلب من كل الجهات المعنية بالثقافة المصرية مثل وزارة الثقافة، وجامعة حلوان، وكلية الفنون التطبيقية التي كان يعمل بها الفنان الراحل، بالإضافة إلى اللجنة الثقافية بالبرلمان المصري، لذلك فنحن في الأكاديمية الدولية للخزف بسويسرا IAC نطالبكم بعدم إزالة المتحف، والتعامل معه أسوة بقرار وقف هدم مقبرة عميد الأدب العربي طه حسين، الذي كان من المفترض أن يهدم خلال وقت سابق.

 

ويقع متحف نبيل درويش على مساحة نحو 1000 متر إذ يضم المبنى أيضا حديقة كبيرة تحيط به. وإلى جانبه يقع منزل الفنان الراحل الذي تعيش فيه أسرته حتى الآن، وتضم المنطقة المحيطة به متاحف عدة لفنانين آخرين من بينها متحف آدم حنين، ومتحف زكريا الخناني للزجاج ومركز رمسيس ويصا واصف للسجاد اليدوي.

 

وتعد منطقة الحرانية مركزا للحرف والفنون التراثية منذ زمن، حيث المكان باسم «شارع الفنون» وكان الجهاز القومي للتنسيق الحضاري قد وضع سابقا لافتة على الموقع ضمن مشروع «عاش هنا» والذي يسجل أماكن إقامة كثير من رموز مصر الفنية والثقافية.

 

ومع استمرار جهل العساكر الحاكمين لمصر، تفكر عائلة درويش في نقل أعمال الفنان ومقتنيات متخفه لخارج مصر، من أجل الحفاظ عليه من عبث العسكر الذين يعادون الثقافة، ولا يقدرون ثمنا للفن والثقافة والحضارة الإنسانية، وجل همهم الخرسانات والطرق والكباري فقط.