بعد توقف الحرب..هل تتحقق أحلام أهالى غزة فى حياة هادئة ؟

- ‎فيعربي ودولي

 

 

بعد توقف الحرب وعودة النازحين إلى ديارهم يواجه أهالى غزة تحديات كثيرة ..فالحياة لم تعد كما كانت حيث حل الدمار محل العمران الجوع يطارد الجميع ..المواد الغذائية شحيحة .. المياه والكهرباء والوقود لا يوجد ما يكفى منها ..لا مستشفيات ولا مدارس ولا مساجد ولا مكتبات ولا ملاعب أو مراكز شباب ..

مع ذلك لا يحلم أهالى غزة بالترف، بل بالنجاة، بسماء خالية من الطائرات، وبصباح يشبه الحلم، يستيقظون فيه على أمل في الحياة من جديد، وشمس لا تُحجبها المقاتلات والمسيّرات، ونسمة تُعيد إلى القلوب ما سُرق منها من هدوء. 

في قطاع غزة لا تُقاس الأحلام بحجمها، بل بقدرتها على الصمود تحت الركام، فبعد حرب أنهكت كل شيء، باتت الأمنيات الصغيرة تُشبه المعجزات الكبيرة. 

غزة اليوم في انتظار لحظة تتدفق فيها الحياة مجددا، لتصنع الأمل والحنين والإصرار على النهوض من تحت الرماد، فحين تتوقف الحرب لا تنتهي الحكاية، بل تبدأ من جديد، بأمل صغير يشبه الحلم . 

 

الأمن والأمان

 

فى هذا السياق أعرب القاضي زياد أبو الحاج عن أمله في أن تستقر غزة، ويعود الأمن والأمان لمواطنيها.

وقال أبو الحاج : نريد أن نقضي على الفلتان والفساد الذي خلّفته حرب الإبادة، لنبدأ مرحلة البناء من جديد، ونعيد فتح المعابر أمام الطلبة لاستكمال دراستهم واكتشاف ثقافات جديدة تمنحهم خبرات علمية وعملية. 

 

ويحلم الأساتذة والمعلمون بالعودة إلى جامعاتهم ومدارسهم، وسماع صوت الأجراس لا الطائرات، وضحكات الطلاب لا أصوات الصواريخ، وأن يعودوا لتصحيح الدفاتر لا لعدّ الغارات، ولرواية قصص الأمل بدل أخبار الموت. 

المحاضر الجامعي علي الخطيب قال : أتمنى أن يعمّ الأمن والسلام، وتعود الحياة التعليمية إلى طبيعتها، ونشارك كهيئة تدريسية في بناء الإنسان الفلسطيني القادر على إعادة إعمار ما دمّره الاحتلال.

 

المستشفيات

 

الأطباء والممرضون الذين أنهكتهم الحرب ما زالوا يمسكون بخيط الأمل، ويحلمون بمستشفيات يبرأ فيها المرضى بسرعة، لا تمتلأ بصراخهم وأوجاعهم، وبأقسام طوارئ تستقبل الحياة لا الموت، يريدون ارتداء معاطفهم البيضاء كرمز للحياة لا كدرع في الحرب. 

ويحلم الإعلاميون أيضا بيوم يحمل الخبر الأول دون رائحة دم، وصورة لا يحيطها الغبار، ويتمنون توثيق حياة تولد، لا موتا يتكرر، وأن يكتبوا تقارير عن المدارس والأسواق وليس عن القصف والركام، وأن يركضوا خلف الفرح لا خلف سيارات الإسعاف. 

من جانبه أكد الصحفي محمد نصار أن أحلامه التي سرقتها الحرب بسيطة، تكمن في العودة لحياته الطبيعية، وأن يصوّر الفرح بدل الحزن، والابتسامة بدل الخوف. 

 

الجوع والغلاء

 

وتحلم نساء غزة بتجمّع العائلة حول مائدة عامرة، وبفسحة على البحر مع الأزواج والأبناء والبنات، ويضحكن بصوت لا يقطعه الحزن، ويزغردن لنجاح أبنائهن، ويرقصن في أفراح بناتهن كما كنّ قبل الحرب، ويتمنّين بيتا مضيئا، ونوافذ تُفتح على رائحة الخبز لا البارود، وأطفالا ينامون على حكايات الجدّات لا على أصوات الانفجارات. 

عن ذلك، قالت الحاجة سهام شبير إن طموحها وأمنياتها بسيطة، معربة عن أملها فى أن ينتهي الجوع والغلاء، وأن تفرح بتزويج أولادها، وأن تراهم يعملون، وأن يتخلّص الفلسطينيون من حياة الخيام التي أتعبتهم 

وأضافت المهندسة إسلام محسن: آمل استكمال دراستي العليا، والعودة لممارسة عملي الهندسي الذي فقدته خلال الحرب. 

 

المصانع والورش

 

ويفكر الشباب بالزواج والاستقرار والسفر وتحقيق الطموحات التي خطفها القصف، في حين يتمنى العمال عودة الحياة إلى المصانع والورش والأسواق ليؤمّنوا لقمة عيشهم بكرامة. 

أمنيات بسيطة كأيديهم المتعبة، لكنها كبيرة كقلوبهم الصامدة؛ أن يستيقظوا على صباح بلا حرب، وعلى وطن يمنحهم عملا بدل وجع جديد. 

ويتطلع طلاب الجامعات للعودة إلى قاعاتهم التي غطَّاها الركام، وإلى مقاعد كانت تضج بالنقاش والعلم والحياة، ويحلمون بحياة جامعية طبيعية: مقهى صغير في ساحة الجامعة، وأصدقاء يخططون لمشاريعهم، ومحاضرات تُبنى فيها الأفكار ولا تُهدم فيها الجدران. 

 

الأطفال

 

قالت الطالبة سهى منصور أمنيتى أن أصبح صحفية مشهورة، لكن بعد أن انهار التعليم في غزة لم يبق أمامي سوى السفر . 

أما الأطفال، فيحلمون بالعودة إلى مدارسهم وألعابهم التي ضاعت تحت الركام، وأن يحتفلوا بأعياد ميلادهم التي غابت، وأن يركضوا في الشوارع دون خوف، أحلامهم بسيطة لكنها أنقى ما في هذه الأرض المتعبة: أن يكبروا في وطن آمن، يعلّمهم الحلم بدل الخوف، والحياة بدل الحرب.