لم يعرف عن الكاتب والباحث القبطي هاني صبحي أنه من أنصار جماعة الإخوان، مثل الكاتب والصحفي رفيق حبيب (ووالده كان ذو رتبة دينية مسيحية) الذي كان نائبا ليس فقط لرئيس حزب الحرية والعدالة، بل لفضيلة المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين د.محمد بديع الذي كان يطلق عليه لقب "الأخ رفيق حبيب".
ولهاني صبحي مجموعة قصصية بعنوان روح الروح (2024) تناولت الحرب الصهيونية على غزة، وأسئلة عن الهوية والمقاومة، لكنه لم يكتب نصوصًا سياسية مباشرة عن الإخوان.
كما لم يعرف أن "هاني صبحي" كتب دفاعًا مباشرًا عنهم، لكن ما ظهر في قضيته الأخيرة هو أن النظام المصري اتهمه بالانضمام إلى الإخوان فقط لأنه ينتقد السيسي تلميحا وينتقد خطوات حكومية مثل بيع الأصول وإفقار المصريين وإهدار المال العام، وأحيانا اعتقال معارضين (بشكل عام دون تصنيف إسلامي كان أم ليبرالي)، وهو ما جعل كثيرين يرون أن التهمة أصبحت أداة سياسية جاهزة تُستخدم ضد أي معارض، سواء كان مسلمًا أو قبطيًا.
وعلى مثل رفيق حبيب وهاني صبحي يقول مراقبون إنه بالفعل هناك أقباط يرون أن الإخوان أنظف فصيل سياسي مقارنة بغيرهم، حتى لو لم يتفقوا معهم فكرياً أو دينيًا.
ويرون أن المواقف تظهر تنوعا مع آخرين يرفض الإخوان سياسيًا لكنه يعترف بسلامة سجلهم الجنائي والمالي، وآخرون يعتبرون أن شيطنة الجماعة كانت جزءًا من حملة إعلامية واسعة بعد 2013.
ومن هذه الأصوات القبطية ماچي مجدي التي تؤكد أن المعارضة للإخوان لا تعني بالضرورة اتهامهم بالفساد أو الجرائم، بل أن الإنصاف يقتضي الاعتراف بواقعهم التنظيمي والسياسي.
وكان لافتا أن أبدى (كرولوس عماد) شعورا عن سعادته (إيموشن سعادة) وهو يعلن رأيه عبر Kirolos Emad على فيسبوك بعد أن شارك في لقاء افتراضي على منصات "بودكاست" فيما يبدو وقال: "حقيقي لقاء إمبارح الشيخ محمد الصغير مستشار وزير الأوقاف سنة حكم الإخوان وضح لي بعض الأمور اللي أثرت فيّ، وأول مره أسمعها كمسيحي مصري، أنا أول مرة أعرف أن نائب رئيس حزب الحرية والعدالة كان مسيحي واسمه رفيق حبيب " متسائلا في هذا الإطار، "هل المجلس العسكري أصلًا عمره عيّن مسيحي كنائب رئيس جمهورية مثلًا؟؟".
وأضاف أن "نجاح أي ثورة يحتاج التفاف جميع طوائف الشعب المصري من مسلمين ومسحيين وتطهير الفاسدين في أجهزة الدولة المهمة مثل الشرطة والإعلام والقضاء والجيش".
واعتبر استخدام الإخوان كفزاعة للمصريين ابتزاز مضيفا، "شغل الابتزاز اللي دايما يخوفنا بيه العسكر من الإسلامين موجودة في مخيلات النظام فقط؛ عشان يسيطر على كتلة مهمة من تكوين الشعب المصري".
وأشار إلى أن "فكرة أن يخلي الشعب دايما خايف من بعضه وعامل قلق بين الطوائف وبعضها شايف اأن ده بيثبته في الحكم مدة أطول وعلاج ده هو وجود قيادة وعقول واعية تجمع الناس وتكون فاهمة تكتيك المجلس العسكري وده أنا شايفه بوضوح في سيرفر Genz002 ".
وأشار إلى أن "كل حاجة عندنا بقت متاحة والمعلومة سهل نحللها ونقرر من دماغنا إذا كانت صح أو خطأ بعيد عن الإعلام المصري اللي دايما يزّيف الحقائق للشعب".
ورأى أن هذا "الكلام ده مش معناه أني ممكن انتخب الإخوان أو أتمنى وجودهم في القيادة السياسية مرة أخرى مش علشان هم كانوا فاسدين أو خونة بالعكس، الناس نواياها وأفعالها أثبتت أنهم كانوا وطنيين ومؤمنين بالمواطنة أكثر من العسكر، ولكن بسبب طيبتهم الزيادة وعدم إدراكهم لمعنى أن تكون رئيس مصر، والخطر اللي ممكن يحصل لو التجربة فشلت وده بالفعل حصل في 2013 نتيجة ثقتهم العمياء في المجلس العسكري للأسف، اللي كلنا دفعنا تمنها بما فيهم هم برضو"، بحسب ما كتب كرولوس.
واعتبر أن رأيه لا يعني الاقصاء للإخوان بل لتدارك الأمر بالنسبة للأجيال المقبلة وقال: "..أنا مش بقصيهم ولا برفضهم وإحنا كده كده عايزين دولة يستطيع الشعب فيها اختيار من يمثلهم دون تزوير وخوف ولكن ده رأيي الشخصي عمومًا.. احنا الجيل الحاضر والمستقبل .. لان احنا دلوقتي بنتعلم من الماضي ومش مستعدين نخطأ نفس الخطأ.".
نعم، هناك بالفعل أصوات قبطية أخرى عبّرت عن مواقف مشابهة لرأي الناشطة ماچي مجدي، حيث ميّز بعض الأقباط بين رفضهم السياسي أو الفكري لجماعة الإخوان وبين الاعتراف بكونها فصيل منظم لم تُسجَّل عليه قضايا فساد مالي أو جنائي بالمعنى التقليدي.
ونقل متابعون على فيسبوك رأي الناشطة القبطية ماچي مجدي التي قالت: "من حقك أن ترفض الإخوان .. فهم ليسوا أنبياء .. وحسن البنا ليس نبيا أيضا .. " مستدركة "لكن من الحق أيضا أن تعترف أنه لا يوجد في الإخوان مرتشٍ ولا مزور ولا بلطجي.. ومن الحق أيضا أن تعرف أنه لم يتهم أحد الإخوان يوما بالاغتصاب.. أو تجارة الآثار أو المخدرات .. بل إنهم لا يدخنون .. ".
وأضافت "وأيضا هم أكبر فصيل سياسي يحتوي على أكبر عدد من حملة الدكتوراه ، وإنهم أكبر كتلة سياسية في المجتمع المصري.. وإنهم وصلوا للحكم – جزئيا – بإرادة الشعب ..".
وأشار إلى أن "الإخوان" أيضا ".. تعرضوا لأكبر حملة أكاذيب وتشويه شارك فيها عصابة من أناس لا يتصفون بالشرف ولا الحياد .".
وزكت أيديهم قائلة: "الإخوان في فترة حكمهم لم تمتد اياديهم إلى مال الشعب .. كما أنهم حملوا أمانة العمل النقابي والطلابي عشرات السنين بدون انحراف أو تربح، صحيح هم ليسوا ملائكة .. . لكنهم حسب ما أعتقد أنضف فصيل سياسي وحركة دعوية في المجتمع .. حتى لوكان من عيوبهم أن حضرتك مش راضي.".
وعارض بعض الأقباط النظام بعد 2013 واعتُقلوا، وُصِفوا من قبل السلطات بأنهم "إخوان" رغم أنهم مسيحيون، فقط لأنهم جزء من المعارضة الوطنية. هذا يعكس أن هناك أقباط يرون في الإخوان فصيلاً سياسياً لا يختلف عن غيره في حقه بالمشاركة.
وكان ممدوح نخلة (محامي قبطي ومدير مركز الكلمة لحقوق الإنسان) تحدث في أكثر من مناسبة عن أن وصف كل معارض بأنه "إخوان" هو تضليل، وأكد أن هناك أقباط يرون أن الإخوان تعرضوا لتشويه إعلامي ممنهج.
أما هاني صبحي (روائي وباحث قبطي فاعتُقل في 2025 بتهمة "الانضمام إلى جماعة إرهابية" لمجرد انتقاده النظام، وهو ما أبرز أن تهمة "الإخوان" أصبحت تُستخدم ضد معارضين أقباط أيضًا. والمقصود ب"الانضمام إلى جماعة إرهابية" هنا هو "الإخوان المسلمين".
وعلى الجانب الآخر، تعتبر الكنيسة حكم السيسي "عصرًا ذهبيًا" بسبب مكاسب مثل بناء الكنائس وتخصيص مقاعد برلمانية وظهر دعم وتراجع منهم فيما يخص زيارات السيسي إلى الولايات المتحدة أو أوروبا كما في زيارة السيسي الأخيرة إلى بروكسل.
ويحاول أطراف من السلطة التشنيع على الإخوان المسلمين مثلما رصدت منصة "صحيح مصر" تصريح من بانجو (محمود بدر) مُضلل، الذي ادعى أن الإخوان قاطعوا عزاء البابا شنودة وأن أول المقاطعين الرئيس محمد مرسي.
و تُوفي "البابا شنودة" في 17 مارس 2012، أي قبل أن يتولى محمد مرسي منصب رئيس الجمهورية في يونيو 2012، بل إن جماعة الإخوان المسلمين لم تكن قد أعلنت ترشيحه للرئاسة في ذلك الوقت.
وغاب عن قداس جنازة البابا شنودة -الذي أُقيم في 20 مارس بكاتدرائية العباسية- كل من المشير محمد حسين طنطاوي، رئيس المجلس العسكري الحاكم للبلاد حينها، والفريق سامي عنان، رئيس أركان الجيش المصري آنذاك.
ومثّل المجلس العسكري في القداس، اللواء حمدي بدين، قائد الشرطة العسكرية، بالإضافة إلى عدد من أعضاء المجلس، وكذلك، لم يحضر القداس كل من محمد بديع، المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، ومحمد مرسي، الذي كان يشغل منصب رئيس حزب الحرية والعدالة في تلك الفترة.
إلا أن جميع هؤلاء قدموا واجب العزاء في أوقات لاحقة:
وزار المشير طنطاوي الكنيسة في 18 مارس، لتقديم العزاء و قدّم محمد بديع واجب العزاء يوم 21 مارس، على رأس وفد من الجماعة.
وقدم د.محمد مرسي، العزاء في المركز الثقافي القبطي الأرثوذكسي بالعباسية يوم 20 بالتزامن مع القداس.
وفي 7 أبريل 2012، أعلنت جماعة الإخوان المسلمين رسميًا ترشيح محمد مرسي لرئاسة الجمهورية، في الانتخابات التي بدأت في مايو 2012، وانتهت بفوزه في يونيو من العام نفسه.
عنف مع المتعاطفين مع المسلمين
وكشف الكاتب "جمال سلطان" في =23 يونيو 2024 أن "العنف والتطرف الذي تعامل به البابا تواضروس مع القس المصري دوماديوس حبيب إبراهيم، مزعج جدا، لا يوجد أي سبب مقنع لهذا التشنج والعصبية مع كاهن قبطي لمجرد أنه يتلطف مع جيرانه المسلمين ويبادلهم الاحتفال بعيد الأضحى أو زيارة أضرحة من باب المجاملة".
واعتبر أن "قرار البابا بإيقافه عن الخدمة الكنسية ومنعه من التعامل بشكل مطلق وكامل مع وسائل الإعلام أو مواقع التواصل الاجتماعي بكافة صورها، إضافة إلى حبسه في أحد الأديرة لعزله، وإجباره على الاعتذار، كل ذلك عنف زائد وتطرف، ويعطي رسالة سلبية عن مدى تعصب الكنيسة دينيا في عهد البابا تواضروس، كما أنه موقف يعطي المتشددين في الحالة الإسلامية سندا إضافيا للتشدد في الانفتاح على المناسبات القبطية، موقف البابا ـ مع الأسف ـ ينشر أجواء من الطائفية والانقسام، مصر كانت في غنى عنها الآن.".
